بعد سنوات من احتلال السياسة والنقد الجريء للمجتمع والدولة وأجهزتها، صدارة مواضيع المسلسلات الرمضانية بعد ثورة 25 يناير 2011، عادت هذه المواضيع لتختفي شيئا فشيئا، مفسحة المجال أمام عودة مواضيع تقليدية، مثل انتقاد «لعناصر السيئة» في أجهزة الأمن في مقابل إظهار «العناصر الجيدة» من جهة أخرى. لكن نسبة مشاهد القتل والدم والتفجيرات هي الأعلى في هذا الموسم، مقارنة مع ما كان عليه الحال في المواسم السابقة، وبات نادرا أن يغيب العنف عن مشاهد المسلسلات الاثنين والثلاثين التي تعرض على الشاشات في هذا العام، وإن اختلف حضور العنف بين عمل وآخر، ولاسيما في«راس الغول» لمحمود عبدالعزيز، و«الأسطورة» لمحمد رمضان، و«القيصر» ليوسف الشريف، و«شهادة ميلاد» لطارق لطفي. ويعيد أستاذ علم النفس شاكر عبد الحميد، الذي سبق أن شغل منصب وزير الثقافة، حسب ما نقله عنه موقع «ميدل إيست أونلاين» جذور هذا العنف في المسلسلات إلى« الإحباط الذي أصيب به الشباب أثر عدم تحقق اهداف ثورة 25 يناير بشعاراتها الحرية والعدالة الاجتماعية». ومن بين أقسى المشاهد التي تضمنتها هذه المسلسلات مقتل أحمد رفاعي (محمد رمضان)، في مسلسل «الأسطورة » أمام أسرته، وقيام شقيقه بالانتقام العنيف له، وكذلك مشهد قتل شاب لأحد المتشددين، الذين حاولوا الاعتداء عليه في مسلسل «القيصر». ولا يستبعد الناقد السينمائي طارق الشناوي في حديثه عن ظاهرة العنف في الدراما أن يكون «عنف الدولة عكس نفسه» على هذه الأعمال، سواء «كمنفذ للتعبير عن المكبوت» من جهة، أو «لتبرير عنف الدولة تجاه المجتمع»من جهة أخرى. إضافة إلى ذلك، قد يكون هذا العنف عامل جذب للمشاهدين وللإعلانات التجارية لكونه «عنصر تشويق يجذب المكاسب التجارية للقنوات» بحسب شاكر عبد الحميد. وبالفعل، تحظى هذه المسلسلات بمستوى إقبال واسع وإعلانات تجارية كثيفة. وفي سياق غير بعيد، احتلت المشاكل النفسية موقعا كبيرا في مسلسلات هذا العام. وظهرت الشخصيات المضطربة في مسلسلات «سقوط حر» من إخراج التونسي شوقي الماجري وبطولة نيللي كريم، و«فوق مستوى الشبهات» لهاني خليفة من بطولة يسرا، و«هي ودافنشي» لعبد العزيز حشاد من بطولة ليلى علوي وخالد الصاوي، و«الخانكة» لغادة عبدالرازق. وتصور هذه المسلسلات أزمات نفسية مرتبطة بالعنف ومتمردة على القمع، من خلال التمرد على العلاقة مع الأم أو الأب أو العلاقات الأسرية. ويقول الناقد سيد محمود رئيس تحرير أسبوعية القاهرة الثقافية «المجتمع يعاني من انسداد الأفق وانغلاق أبواب الأمل في التغيير». ويضيف إن التعبير عن ذلك يكون في «العنف المرضي الذي يدفع لارتكاب جرائم قتل، أو إثبات الذات من خلال هذه الجرائم، أو التمرد من خلالها على أشكال السلطة القائمة اجتماعيا وسياسيا».