و أنا أتجول بشوارع الرباط العاصمة ، إلتقيت بمُؤَلِّف كتاب روح القوانين ؛ نعم إلتقيت " شارل لوي دي سيكوندا " المعروف بإسم مونتيسكو ، فقد أخذ رخصة إستثنائية وعاد من قبره لكي يقوم بمراجعة بعض مضامين كُتُبِه ، بعد أن تناهى إلى علمه خبر اجتماع فُرُق أحزاب البرلماني المغربي قصد التشريع لِرِيع المعاش .. و أثناء جلستنا الفلسفية المُمْتِعَة همس مُونْتِيسْكِيُو في سَمْعِي قائلا : البرلمان الذي يُشَرِّعُ الرِّيع لِنفْسِه -و بواسطة نفسه- لا يستحق فصل السلط بل يستحق الفيتو التشريعي و معه عُقُوبَة مليون سُبَّة ... و من أثر فتوى مونتيسكيو القانونية وقفت أمام بوابة المؤسسة التشريعية و " كَشْكَشْتُ" ملء فمي ثم قلت قولي هذا : يا أيها المُنْتَخَبُ النائم داخل القُبَّة .. يا أيها القائم من سُباتِه -فقط- من أجل الزَّرْقَلاَف و معاش " الحَبَّة ".. لا عاش من يُشَرِّعُ لنفسه ريع المعاش و لا عاشت معه أحزاب "الهَرْبَة ".. هذا حال المُنْتَخَب الباحث عن ريع التقاعد المريح ، إنه يغادر دائرته الانتخابية و يتجه قادما إلى قُبَّة الرباط ، يحمل في معطفه الأيباد الممنوح و الذي لا يفقه في تطبيقاته إلا فتح حساب افتراضي في الفايسبوك بعد أن إنقضى زمن الكناش .. هذا النائم الهارب من ثقل الأمانة الدستورية ، المُتَهَرِّب من حمل أسئلِتنا نحن معشر لمداويخ الأوباش .. فَلاَ عاش المُنْتَخَب الذي " يسرق " من ميزانية الدولة ريع المعاش .. و رغم أنَّ جهابذة القانون عَلَّمُونا أن َّالتشريع العادي هو مجموع ما يصدره البرلمان من قوانين ، والمقصود منه تنظيم حياة المواطنات و المواطنات و العلاقة فيما بينهم من جهة والعلاقة فيما بينهم وبين الدولة من جهة أخرى ، بالإضافة إلى حفظ أمن وسلامة ونظام المجتمع وتحقيق الرفاه والسلم العام .. ثم أوضحوا لنا كذلك أن أنواع التشريعات تتدرج و تختلف في أهميتها و قوتها حسب الدور الذي تلعبه في تنظيم الحياة الاجتماعية ؛ ومن مظاهر هذا التدرج خضوع البعض منها للبعض الآخر.. فَلَم يَعُد بالمستطاع الإجابة عن سؤال : هل النائمون داخل قبة البرلمان يمثلون الأمة أم هم يمثلون أهواءهم الحزبية ؟! هل من يُشَرِّع المعاشات الريعية يخضع للمحاسبة الدستورية أم هو فوق المحاكمة القانونية ؟! ثم .. كيف إنقسم برلمان الأحزاب عند مناقشة تقرير المحروقات إلى مِلَل و نِحَل نيابية ؟! ..و وَحْدَهُ ريع المعاش من إستطاع إعادة اللُّحْمَة و توحيد موقف "الخوانجي مول الفوقية" مع ممثلي الشركات البترولية ؟! وا حسرتاه .. ضاعت الجماهير الشعبية .. لم تكن تعلم عن ممثلي السلطة التشريعية إلاَّ أنهم نُخَب غَنِيَّة تعيش حياة البذخ و الرفاهية .. ثم اكتشفت هذه الجماهير أن قبة البرلمان هي أكبر تجمع مؤسساتي للمعدومين و الفقراء و أبناء السبيل و المؤلفة قلوبهم الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدات الإنسانية من ميزانية الدولة ؛ و ما أغناها هذه الميزانية ؟! .. فاحذروا يا معشر المغربيات و المغاربة .. إن قبة البرلمان تحولت إلى شارع التشرميل التشريعي مع سبق الترصد و الإصرار.. احذروا !!! فقد يشحذون سيوفهم و يهاجموننا في المدن و المداشر و في كل دوار .. فَهُمُ المُنْتَخَبُون " المقطوعون من سمطة القرقوبي " و الذين لا يجدون ثمن قنينات " الجانكا " ، و إذا رفضنا منحهم إتاوة " المعاش" ستكون النتيجة وخيمة الأخطار ...
و يبقى أخطر سلاح بحوزتهم هو سلاح التشريع ، فهم يعاقبون الشعب بأصواته الانتخابية بعد بيان و تبيان فشلهم الذريع ، و كم تمنيت رؤية المستشار البرلماني عبد العالي حامي الدين لكي أبصق على وجه النفاق المريع ؛ فَيَالَيْتَ شعري أ ليست المؤسسة التشريعية بقيادة فريق الخوانجية و معهم خدام الذومالية ... أ ليست الأحزاب في المعارضة و الأغلبية هي المعيقة و المعرقلة لتقدم الأمة المغربية ؟!.