"كثرة الهم كضحك" .. مثل مغربي يمكن إسقاطه على واقعنا المرير، واقع افتقد ل "المنطق" السوي، الذي يفترض أن يتم التعامل معه وفق "قوانين" شرعت لتنظم العلاقات بين الأفراد، سواء مدنيين كانوا أو مسؤولين، قانون يحمي حقوق الجميع يجعلهم على نفس القدر من الحقوق والواجبات. مناسبة هذا التقديم، هي عودة وزراء لتحمل مسؤوليات جديدة بحكومة العثماني في نسختها الثانية، رغم إدانتهم من طرف قضاة "جطو"، عبر تقارير سوداء، تحوي مئات الصفحات، رصدت اختلالات وتجاوزات بالجملة. وبدل أن تحال هذه التقارير على القضاء ليقول كلمته في حق الوزراء المخالفين ل "القانون"، عطفا على انتظارات الشارع المغربي، وهذا أضعف الإيمان، عادت نفس الوجوه لتتقلد مسؤوليات جديدة بنفس الحكومة، وكأن شيئا لم يقع. عودة هؤلاء الوزراء المدانين بتقارير المجلس الأعلى للحسابات، حرك غضب الشارع المغربي، الذي تساءل عن الغاية من استصدار "تقارير" من هذا القبيل، طالما أن أصحابها لا يتم تقديمهم إلى القضاء، تفعيلا لمبدأ "ربط المسؤولية بالمحاسبة"، كما تساءلوا أيضا عن كلفة إنجاز هذه التقارير التي تستغرق زمنا طويلا، وتستنزف أموال كبيرة من خزينة الدولة دون أي طائل. كما استغرب البعض، كيف أن القانون لا يطبق إلا على "الدراوش" والبسطاء من أبناء هذا الوطن، في حين يفلت ناهبوا ثروات البلاد من من فضائحهم كالشعرة من العجين، في مشهد يحيل على "قانون الغاب" حيث يأكل القوي الضعيف. إن استمرار التساهل والتغاضي عن ناهبي المال العام، لا يمكن إلا أن يولد رغبة جامحة لدى عدد كبير من المسؤولين "اللي ما عندهم ضمير"، من أجل مواصلة مسلسل نهبهم واستيلائهم على "رزق الشعب" بالباطل، طالما أن هذا القانون الذي وضع لتنظيم العلاقات بين المواطنين على اختلاف صفاتهم ومسؤولياتهم، لا يفعل تماما، وإن طبق لا يطبق إلا على "أكباش الفداء" لذر الرماد في عيون لازالت تملك بعضا من الغيرة على هذا الوطن.