الكثير من الناس يسمعون عن الكرة المستطيلة، وقلة منهم يعرفون قوانينها، وقلة من القلة تمارسها، لكن الكثير ربما لم يسمع شيء عن الكرة المربعة أو الكرة المكعبة، برغم من أننا جميعا نمارسها، سواء أحببنا أم كرهنا. لقد حبس الناس أنفاسهم يوم تواجه المنتخب الإيراني مع المنتخب الأمريكي، ويسود القيل والقال، وتنتشر الإشاعات، وتعزز قوات الأمن في كل مرة يلتقي فريقان من حساسيتين مختلفتين، ويخرج الجمهور لتحطيم المنشآت العامة والخاصة، إما احتفالا بالنصر، أو غضبا على هزيمة، وهذا بطبيعة الحال بعد أن يكونوا قد قاموا بالواجب داخل الملعب بأن يتركوه قاعا صفصفا. ويوم تلعب "البارصا" و "الريال"، تتعطل المصالح، وتمتلئ المقاهي، و ترتفع الأصوات والهتافات، بالرغم من أن الفريقين غربيين أوربيين إسبانيين.. أنا أفهم أن نشجع فريقا وطنيا أو عربيا أو حتى إفريقيا بالنسبة لنا أو أسيويا بالنسبة لإخوننا المشارقة، لكن ما لا أستطيع استيعابه هو كيف أدافع عن فريق أجنبي، وأشجعه، وأتحدث باسمه وأهيم بحبه إلى هذه الدرجة التي نراها كل أسبوع. إن الكرة أو الرياضة بصفة عامة، هي أولا وقبل كل شيء "رياضة" و متعة للذي يمارسها وهذا هو الأصل، ثم إنها بعد ذلك فرجة لمن يشاهدها، وهذا ينبغي أن يكون استثناء من القاعدة وهي كون الرياضة ممارسة قبل أي شيء آخر، ثم إن المتعة هي في نهاية المطاف "متعة"، يجب أن نصرف عنها النطر بمجرد أن تمر وتنتهي. المشكل في الكرة اليوم أنها لم تبق كرة دائرية كما عهدناها من قبل، وإنما أصبحت كرة مربعة، ومكعبة؛ فحول الكرة تحوم شركات تحلب المواطن حلبا، وحكومات تهدهده لينام، وتقدم له المخدر ليغيب عن الوعي، و جماهير مسلوبة الإرادة مستسلمة عاجزة، أينما توجهها لا تأت بخير، صم بكم عمي فهم لا يعقلون، إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون. لقد وجدت الرياضة من أجل أن نقوم بممارستها، وليس من أجل أن نتجمد ونتسمر أمام شاشات التلفزة، ونجلس على الكراسي ندخن السجائر، ونستنشق النيكوتين وأخوانه من أوكسيد الكاربون والقطران وغيره... في الحقيقة "هادي مابقاتش كرة، هادي راها ولات قطران"