وزارة التربية الوطنية تعلن صرف الشطر الأول من الزيادة في أجور الأساتذة نهاية أبريل الجاري    الوزير الأول البلجيكي يغادر المغرب في ختام زيارته للمملكة    "العدل والإحسان" تستنكر اعتقال أحد أعضاءها وتطالب بإطلاق سراحه    صندوق النقد الدولي يتوقع نمو الاقتصاد المغربي 3.1% خلال 2024 و3.3% في 2025    بسبب الجفاف.. المساحة المزروعة بالحبوب تتراجع ب31 في المائة بالمغرب    هل أنقذت إيران مستقبل نتيناهو من خلال هجومها الاستعراضي؟    4 دول خليجية تواجه أمطارا غزيرة    ماتش سفيان رحيمي وياسين بونو فشومبيونزليگ دارو له وقت جديد    عروض سعودية مغرية تستقطب سفيان أمرابط بعد مغادرته مانشستر يونايتد    الناظور .. وزير الصحة يعطي انطلاقة خدمات 43 مركزاً صحّيا حضرياً وقرويا    خلال أسبوع فقط.. 26 وفاة و2725 جريح وأكثر من 30 ألف مخالفة مرورية    بالصور.. تعطل فرامل حافلة يؤدي إلى اصطدام وإصابة 15 شخصا وسط طنجة    معرض مغاربي للكتاب بوجدة.. تعرفوا على أهداف هذه الدورة    الأمثال العامية بتطوان... (574)    علماء أمريكيون يحذرون من تأثير مادة "الباراسيتامول" على صحة القلب    الوكيل العام يتمسك بملتمس إعدام "ولد الفشوش" ويعتبر شهود اللائحة "غير قانوني"    كلفت أكثر من ربع مليار درهم.. تدشين المجازر الجهوية للرباط سلا الصخيرات تمارة    بلاغ جديد وهام من الصندوق المغربي للتقاعد    صراع "الوردة" و"السنبلة" على رئاسة "لجنة العدل" يدخل البرلمان في "بلوكاج" غير مسبوق    قرار جديد لمحكمة فاس في قضية "شر كبي أتاي"    سانشيز: كأس العالم 2030 "سيكون ناجحا"    عصابة المجوهرات تسقط في قبضة أمن البيضاء    مجلس المستشارين.. بنسعيد يبرز دور الثقافة في النهوض بالأوضاع الاجتماعية للشباب    جلالة الملك يهنىء رئيس جمهورية سلوفاكيا الجديد    الحسن أيت بيهي يصدر أولى إبداعاته الأدبية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    شركة ميتا تكشف عن سعيها لإحداث ثورة في التعليم    ابن كيران: رفضنا المشاركة في ملتمس الرقابة بسبب إدريس لشكر(فيديو)    نجم برشلونة الإسباني: لا إحساس يضاهي حمل قميص المنتخب المغربي    أرباب المقاهي يفاجئون المغاربة برفع أسعار القهوة والمشروبات الغازية    تأجيل جلسة البرلمان المخصصة لعرض الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة إلى وقت لاحق    مساء اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : لمحات من سيرة وشعر الأمير الشاعر المعتمد بن عباد دفين أغمات    بحالو بحال قيوح: القاديري البرلماني الاستقلالي كيموت على المناصب وداير حملة وحرب باش يبقا فمكتب مجلس النواب ومكفاتوش تعدد المسؤوليات وبغا ريع الامتيازات وطوموبيل البرلمان باش يتفطح    دونالد ترامب في مواجهة قضية جنائية غير مسبوقة لرئيس أمريكي سابق    الحصيلة الإجمالية للقتلى ترتفع في غزة    الأمين بوخبزة في ذمة الله .. خسارة للحركة الإسلامية والعمل التطوعي بالمغرب    هذه مستجدات إلغاء ذبح أضحية عيد الأضحى لهذا العام    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    كمية الصيد المتوسطي تتقلص بالمغرب    إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024 من مدينة أولمبيا اليونانية    الدكيك: ملي كنقول على شي ماتش صعيب راه ما كنزيدش فيه والدومي فينال مهم حيث مؤهل للمونديال.. وحنا فال الخير على المنتخبات المغربية    دراسة: الشعور بالوحدة قد يؤدي إلى مشاكل صحية مزمنة    كيف يمكن أن تساعد القهوة في إنقاص الوزن؟: نصائح لشرب القهوة المُساعدة على إنقاص الوزن    هجوم شرس على فنان ظهر بالملابس الداخلية    عبد الإله رشيد يدخل على خط إدانة "مومو" بالحبس النافذ    مؤسسة منتدى أصيلة تنظم "ربيعيات أصيلة " من 15 إلى 30 أبريل الجاري    دراسة تحذر من خطورة أعراض صباحية عند المرأة الحبلى    المدرسة العليا للأساتذة بمراكش تحتفي بالناقد والباحث الأكاديمي الدكتور محمد الداهي    أشرف حكيمي: "يتعين علينا تقديم كل شيء لتحقيق الانتصار في برشلونة والعودة بالفوز إلى باريس"    مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان يدعو إلى انهاء الحرب في السودان    العنصرية ضد المسلمين بألمانيا تتزايد.. 1464 جريمة خلال عام وجهاز الأمن تحت المجهر    المغرب وبلجيكا يدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة    المغرب التطواني يصدر بلاغا ناريا بشأن اللاعب الجزائري بنشريفة    هذه طرق بسيطة للاستيقاظ مبكرا وبدء اليوم بنشاط    الأمثال العامية بتطوان... (572)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    مدونة الأسرة.. الإرث بين دعوات "الحفاظ على شرع الله" و"إعادة النظر في تفاصيل التعصيب"    "الأسرة ومراعاة حقوق الطفل الروحية عند الزواج"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نور الدين.. فنان غادر أمريكا ليحكي تاريخ المغرب بحروف من طين (فيديو وصور) أمضى 10 سنوات بأمريكا حصل خلالها على الجنسية

بقلب محله بمنطقة الولجة بمدينة سلا، يعكف “نور الدين خايف الله” كل يوم على عجن الطين وتطويعه بمهارة فائقة ليصيّره إلى مبان ومدن وأسوار وقصبات، تصبح متينة بعدما تفعل فيها النار فعلتها، ثم يرصها في المحل بشكل يجعلها تكتنف الداخل إليه وتغريه باقتنائها، أما هو فيكافئ نفسه بابتسامة رضى كلما تلمس أو نظر إلى ما أبدعته أنامله.
كأن حسن البنا كان يقصد نور الدين بكلامه، عندما قال في إحدى رسائله الشهيرة، “إنّما تنجح الفكرة إذا قوى الإيمان بها، وتوفّر الإخلاص فى سبيلها، وازدادت الحماسة لها، ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها”، لأن كل هذه الشروط توفرت في ابن مدينة سلا الذي عاد من أمريكا إلى المغرب من أجل تحقيق حلم راوده قبل سنوات.
فأر وسلحفاة
يحكي نور الدين ل”العمق” بنبرة هادئة وفواصل صمت تفصل بين الكلمات، كيف ضحى بحياة مستقرة في الولايات المتحدة من أجل تجسيد فكرة على أرض الواقع بمسقط رأسه سلا.
في التسعينيات من القرن الماضي كان “خايف الله” تلميذا في السلك الثانوي بإحدى مدارس سلا، وكان حينها مهووسا بالرسم، يحكي وابتسامة حنين ترتسم على شفتيه “هذه هي البوادر الأولى لهذه الموهبة”.
في أواخر القرن الماضي تم قبول نور الدين في قرعة الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبينما كان يعد وثائقه للهجرة، اشتغل لأسابيع مساعدا لأحد الصناع التقليديين بالولجة حيث كانت مهمته طلاء المجسمات، يقول في هذا الصدد “هنا اكتشفت موهبتي.. استغللت في إحدى المرات غياب صاحب الورشة وجربت العبث بالطين فوجدته طيعا، فكان أول ما صنعت مجسمين واحد لفأر والآخر لسلحفاة”.
يحكي خايف الله أن الهجرة إلى الولايات المتحدة انتزعته من موهبته ورمت به في إحدى محلات الأكلات السريعة بالولايات المتحدة الأمريكية، لكن إصراره جعله دائم الارتباط بما يحب.
إلهام نيويورك
واسترسل، ويداه منهمكتان في صنع مجسم يحاكي جامع القرويين، كنت خلال سنوات الهجرة أستغل أوقات فراغي لتصفح المجلات المتخصصة في التصميم، كما كان لدي اشتراك شهري في قناة خاصة بالتصميم، لكنني لم أكن أعرف بعد ما أريد فعله بالضبط، إلا بعد زيارة معرض بمدينة نيويورك.
وجد ابن مدينة سلا ضالته بمعرض بمدينة نيويورك رأى فيه مجسما زجاجيا يحاكي شكلا متخيلا لما ستكون عليه مدينة نيويورك في المستقبل، إذ أوحى له بفكرة بناء مجسمات عن مدن المغرب، ليس كما هي اليوم أو كما ستكون عليه في المستقبل، ولكن كما كانت في الماضي التليد.
بينما كان نور الدين يبلور فكرته عن مشروع بناء مجسمات تحاكي المدن التاريخية المغربية، كانت فكرة مغادرة الولايات المتحدة نحو المغرب تقتحم تفكيرة مرار وبدون استئذان، إلى أن قرر رفقة أسرته حزم حقائبه وخوض رحلة أصعب من رحلة أسماك السلمون.
بعد عشر سنوات في بلاد العام سام، حصل فيها على الجنسية الأمريكية، عاد نور الدين، أواخر 2010، للاستقرار بمدينة سلا وتنفيذ مشروعه المتمثل في محاكاة المدن التاريخية المغربية القديمة.
رغم أن الفكرة كانت واضحة في ذهن الشاب الثلاثيني، إلا أنه وجد نفسه حائرا في اختيار المادة الأولية لتنفيذها، فجرب الخشب والزجاج والورق المقوى والجبص.. قبل أن يستقر اختياره على طين الصلصال.
طين طيع
“طين الصلصال له عدة مزايا؛ طيع ويصبح صلبا بعد شيّه، كما أنه يشبه في لونه العمران المغربي القديم”، هكذا فسر نور الدين سبب اخياره لهذه المادة.
بعدما اختار الطين مادة أولية لمجسماته، وجربه، بدأ الشاب المثابر، رحلة مكوكية للبحث عن جهة تحتضن مشروعه أو تدعمه على الأقل، “طرقت عدة أبواب من بينها باب وزارة الصناعة التقليدية، لكن دون جدوى”، يقول نور الدين في حديثه ل”العمق”.
لم يكن البحث عن داعم لمشروعه همه الوحيد، لقد كان على ابن مدينة سلا أن يواجه كل يوم كما هائلا من الأسئلة “الفضولية” و”المستفزة” و”المسفهة لحلمه” عن “هذا الجنون الذي يرتكبه”، و”كيف جازف بهجرة عكسية تاركا حياة مستقرة في الولايات المتحدة، ليرمي بتفسه في أزقة سلا”، لكن نور الدين كان يعذرهم قائلا “إنهم لا يحلمون”.
سجلماسة
صادفت “العمق” خلال زيارتها لورشة نور الدين انتهاءه للتو من مجسم يحاكي مدينة سجلماسة، التي كانت تقع وسط واحة كبيرة جنوب الأطلس الكبير بالقرب من منطقة الريصاني، ولم يبق منها اليوم إلا بعض الأطلال. لكن نور الدين أعاد بناءها من جديد، بكل تفاصيلها، من خلال مجسمه الذي بلغ طوله مترين وعرضه مترا.
يحكي “خايف الله” ل”العمق” أن بناء هذا المجسم تطلب منه قراءة تاريخ المدينة، ثم الاطلاع على الخرائط الموجودة في المصادر القديمة، بعد ذلك قام برسم مخطط لها على الورق وقسمه إلى مربعات صغيرة، ثم شرع في نحت كل مربع على حدة بعدما أخذ المقاسات، وفي الأخير حصل على مجسم قابل للتفكيك وإعادة التركيب، لا ينقصه إلا الشيّ في الفرن ليصبح فخارا صلبا.
وبنبرته الهادئة دائما، ونظراته التي تعكس رزانة الكبار وإبداع و”جنون” الشباب، قال “خايف الله” إنه أبدع مجسمات لمآثر عمرانية عدة، بدأها بمدينة سلا وأسوارها، كما صنع مجسما لجامع القرويين وصومعتي حسان والكتبية والحدائق المعلقة لمدينة بابل العراقية، إحدى عجائب الدنيا السبع، وقصر أيت بن حدو وغيرها.
يقول بنبرة واثقة، إن ما يصنعه من تحف ومجسمات لمدن تاريخية، لا يروم من خلاله محاكات الأسوار والبنايات القائمة، بقدر ما يحاول صناعة مجسمات للمدن المغربية القديمة على الشكل الذي كانت عليه في أوجها، وذلك من خلال الاطلاع على كتب التاريخ.
وعن رسالته من هذا الفن قال، “لما كنت أعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، كان يحز في نفسي واقع المدن والأسوار التاريخية كلما زرت المغرب في العطل”، ويضيف متحسرا “لذلك أسعى جاهدا إلى تغيير نظرة الأجيال الناشئة للمدن التاريخية على أساس أنها جزء من هويتنا وحضارتنا”.
الورشة
يكتري نور الدين ورشة مساحتها حوالي 30 مترا مربعا، وهي في الآن نفسه معرضا لتحفه. رتب بإتقان “قصوره” و”قصباته” على جنباتها فوق رفوف خشبية، وفي ركن منها وضع طاولة خشبية تداعب فوقها أنامله الصلصال.
وأمام باب المحل وضع عينات مما يصنع، من نافورات وأصص و مجسمات لقصبات وقصور، تثير انتباه زوار مجمع الولجة لصناعة الفخار، باختلافها عن كل ما يعرض في مختلف محلات الصناع التقليديين.
رغم أنه أوشك على مغادرة مرحلة الشباب، إلا أن رأس نور الدين مازال يضج بالأفكار والأحلام، أبرزها تنظيم معرض متنقل، “يعرض منتوجات من فخار تعبر عن ثقافة وعمران كل جهة”، يقول “خايف الله”.
1. الصلصال
2. المغرب
3. الولجة
4. فخار
5. فنان
6. نور الدين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.