حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة    صواريخ إسرائيلية تصيب موقعا في إيران    نظام العسكر حاشي راسو فنزاع الصحرا.. وزير الخارجية الجزائري تلاقى بغوتييرش وها فاش هضرو    "الكاف" يحسم في موعد كأس إفريقيا 2025 بالمغرب    المغاربة محيحين فأوروبا: حارث وأوناحي تأهلو لدومي فينال اليوروبا ليگ مع أمين عدلي وأكدو التألق المغربي لحكيمي ودياز ومزراوي فالشومبيونزليك    لامارين رويال نقذات 12 حراك من الغرق فسواحل العيون    خطة مانشستر للتخلص من المغربي أمرابط    بني ملال..توقيف شخص متورط بشبهة التغرير و استدراج الأطفال القاصرين.    رئيس "الفاو" من الرباط: نفقات حروب 2024 تكفي لتحقيق الأمن الغذائي بالعالم    محركات الطائرات تجمع "لارام" و"سافران"    أساتذة موقوفون يعتصمون وسط بني ملال    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    نصف نهائي "الفوتسال" بشبابيك مغلقة    "منتخب الفوتسال" ينهي التحضير للقاء ليبيا    بوريطة: الهوية الإفريقية متجذرة بعمق في الاختيارات السياسية للمغرب بقيادة جلالة الملك    "فيتو" أمريكي يفشل مساعي فلسطين الحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة    ابتزاز سائحة أجنبية يسقط أربعينيا بفاس    طقس الجمعة.. عودة أمطار الخير بهذه المناطق من المملكة    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    بوركينافاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين اتهمتهم بالقيام ب"أنشطة تخريبية"    توثق الوضع المفجع في غزة.. مصور فلسطيني يتوج بأفضل صورة صحفية عالمية في 2024    إعادة انتخاب بووانو رئيسا للمجموعة النيابية للعدالة والتنمية للنصف الثاني من الولاية الحالية    النواب يحسم موعد انتخاب اللجن الدائمة ويعقد الأربعاء جلسة تقديم الحصيلة المرحلية للحكومة    "أشبال الأطلس" يستهلون مشوارهم في بطولة شمال إفريقيا بتعادل مع الجزائر    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    غوغل تطرد 28 من موظفيها لمشاركتهم في احتجاج ضد عقد مع إسرائيل    مدير "الفاو" يحذر من تفاقم الجوع بإفريقيا ويشيد بالنموذج المغربي في الزراعة    ما هو تلقيح السحب وهل تسبب في فيضانات دبي؟        طنجة: توقيف شخص وحجز 1800 قرص مخدر من نوع "زيبام"    لماذا يصرّ الكابرانات على إهانة الكفاح الفلسطيني؟    الحكومة ستستورد ازيد من 600 الف رأس من الأغنام لعيد الاضحى    مطار حمد الدولي يحصد لقب "أفضل مطار في العالم"    نجوم مغاربة في المربع الذهبي لأبطال أوروبا    مجلس الحكومة يصادق على مشاريع وتعيينات    المغرب متراجع بزاف فمؤشر "جودة الحياة"    السفينة الشراعية التدريبية للبحرية الألمانية "غورتش فوك" ترسو بميناء طنجة    تاجر مخدرات يوجه طعنة غادرة لشرطي خلال مزاولته لمهامه والأمن يتدخل    منير بنرقي : عالم صغير يمثل الكون اللامتناهي    أصيلة.. توقيف ثلاثة أشخاص للاشتباه في ارتباطهم بالاتجار في المخدرات    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    عزيز حطاب يكشف ل"القناة" حقيقة عودة "بين القصور" بجزء ثانٍ في رمضان المقبل!    تقرير دولي يكشف عن عدد مليونيرات طنجة.. وشخص واحد بالمدينة تفوق ثروته المليار دولار    أكادير تحتضن الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ    تنظيم الدورة الثانية لمعرض كتاب التاريخ للجديدة بحضور كتاب ومثقفين مغاربة وأجانب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    "نتفليكس" تعرض مسلسلا مقتبسا من رواية "مئة عام من العزلة" لغارسيا ماركيز    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    زلزال بقوة 6,3 درجات يضرب هذه الدولة        قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    وزارة الصحة: حوالي 3000 إصابة بمرض الهيموفيليا بالمغرب    عينات من دماء المصابين بكوفيد طويل الأمد يمكن أن تساعد في تجارب علمية مستقبلاً    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نور الدين.. فنان غادر أمريكا ليحكي تاريخ المغرب بحروف من طين (فيديو وصور) أمضى 10 سنوات بأمريكا حصل خلالها على الجنسية الأمريكية

بقلب محله بمنطقة الولجة بمدينة سلا، يعكف “نور الدين خايف الله” كل يوم على عجن الطين وتطويعه بمهارة فائقة ليصيّره إلى مبان ومدن وأسوار وقصبات، تصبح متينة بعدما تفعل فيها النار فعلتها، ثم يرصها في المحل بشكل يجعلها تكتنف الداخل إليه وتغريه باقتنائها، أما هو فيكافئ نفسه بابتسامة رضى كلما تلمس أو نظر إلى ما أبدعته أنامله.
كأن حسن البنا كان يقصد نور الدين بكلامه، عندما قال في إحدى رسائله الشهيرة، “إنّما تنجح الفكرة إذا قوى الإيمان بها، وتوفّر الإخلاص فى سبيلها، وازدادت الحماسة لها، ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها”، لأن كل هذه الشروط توفرت في ابن مدينة سلا الذي عاد من أمريكا إلى المغرب من أجل تحقيق حلم راوده قبل سنوات.
فأر وسلحفاة
يحكي نور الدين ل”العمق” بنبرة هادئة وفواصل صمت تفصل بين الكلمات، كيف ضحى بحياة مستقرة في الولايات المتحدة من أجل تجسيد فكرة على أرض الواقع بمسقط رأسه سلا.
في التسعينيات من القرن الماضي كان “خايف الله” تلميذا في السلك الثانوي بإحدى مدارس سلا، وكان حينها مهووسا بالرسم، يحكي وابتسامة حنين ترتسم على شفتيه “هذه هي البوادر الأولى لهذه الموهبة”.
في أواخر القرن الماضي تم قبول نور الدين في قرعة الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبينما كان يعد وثائقه للهجرة، اشتغل لأسابيع مساعدا لأحد الصناع التقليديين بالولجة حيث كانت مهمته طلاء المجسمات، يقول في هذا الصدد “هنا اكتشفت موهبتي.. استغللت في إحدى المرات غياب صاحب الورشة وجربت العبث بالطين فوجدته طيعا، فكان أول ما صنعت مجسمين واحد لفأر والآخر لسلحفاة”.
يحكي خايف الله أن الهجرة إلى الولايات المتحدة انتزعته من موهبته ورمت به في إحدى محلات الأكلات السريعة بالولايات المتحدة الأمريكية، لكن إصراره جعله دائم الارتباط بما يحب.
إلهام نيويورك
واسترسل، ويداه منهمكتان في صنع مجسم يحاكي جامع القرويين، كنت خلال سنوات الهجرة أستغل أوقات فراغي لتصفح المجلات المتخصصة في التصميم، كما كان لدي اشتراك شهري في قناة خاصة بالتصميم، لكنني لم أكن أعرف بعد ما أريد فعله بالضبط، إلا بعد زيارة معرض بمدينة نيويورك.
وجد ابن مدينة سلا ضالته بمعرض بمدينة نيويورك رأى فيه مجسما زجاجيا يحاكي شكلا متخيلا لما ستكون عليه مدينة نيويورك في المستقبل، إذ أوحى له بفكرة بناء مجسمات عن مدن المغرب، ليس كما هي اليوم أو كما ستكون عليه في المستقبل، ولكن كما كانت في الماضي التليد.
بينما كان نور الدين يبلور فكرته عن مشروع بناء مجسمات تحاكي المدن التاريخية المغربية، كانت فكرة مغادرة الولايات المتحدة نحو المغرب تقتحم تفكيرة مرار وبدون استئذان، إلى أن قرر رفقة أسرته حزم حقائبه وخوض رحلة أصعب من رحلة أسماك السلمون.
بعد عشر سنوات في بلاد العام سام، حصل فيها على الجنسية الأمريكية، عاد نور الدين، أواخر 2010، للاستقرار بمدينة سلا وتنفيذ مشروعه المتمثل في محاكاة المدن التاريخية المغربية القديمة.
رغم أن الفكرة كانت واضحة في ذهن الشاب الثلاثيني، إلا أنه وجد نفسه حائرا في اختيار المادة الأولية لتنفيذها، فجرب الخشب والزجاج والورق المقوى والجبص.. قبل أن يستقر اختياره على طين الصلصال.
طين طيع
“طين الصلصال له عدة مزايا؛ طيع ويصبح صلبا بعد شيّه، كما أنه يشبه في لونه العمران المغربي القديم”، هكذا فسر نور الدين سبب اخياره لهذه المادة.
بعدما اختار الطين مادة أولية لمجسماته، وجربه، بدأ الشاب المثابر، رحلة مكوكية للبحث عن جهة تحتضن مشروعه أو تدعمه على الأقل، “طرقت عدة أبواب من بينها باب وزارة الصناعة التقليدية، لكن دون جدوى”، يقول نور الدين في حديثه ل”العمق”.
لم يكن البحث عن داعم لمشروعه همه الوحيد، لقد كان على ابن مدينة سلا أن يواجه كل يوم كما هائلا من الأسئلة “الفضولية” و”المستفزة” و”المسفهة لحلمه” عن “هذا الجنون الذي يرتكبه”، و”كيف جازف بهجرة عكسية تاركا حياة مستقرة في الولايات المتحدة، ليرمي بتفسه في أزقة سلا”، لكن نور الدين كان يعذرهم قائلا “إنهم لا يحلمون”.
سجلماسة
صادفت “العمق” خلال زيارتها لورشة نور الدين انتهاءه للتو من مجسم يحاكي مدينة سجلماسة، التي كانت تقع وسط واحة كبيرة جنوب الأطلس الكبير بالقرب من منطقة الريصاني، ولم يبق منها اليوم إلا بعض الأطلال. لكن نور الدين أعاد بناءها من جديد، بكل تفاصيلها، من خلال مجسمه الذي بلغ طوله مترين وعرضه مترا.
يحكي “خايف الله” ل”العمق” أن بناء هذا المجسم تطلب منه قراءة تاريخ المدينة، ثم الاطلاع على الخرائط الموجودة في المصادر القديمة، بعد ذلك قام برسم مخطط لها على الورق وقسمه إلى مربعات صغيرة، ثم شرع في نحت كل مربع على حدة بعدما أخذ المقاسات، وفي الأخير حصل على مجسم قابل للتفكيك وإعادة التركيب، لا ينقصه إلا الشيّ في الفرن ليصبح فخارا صلبا.
وبنبرته الهادئة دائما، ونظراته التي تعكس رزانة الكبار وإبداع و”جنون” الشباب، قال “خايف الله” إنه أبدع مجسمات لمآثر عمرانية عدة، بدأها بمدينة سلا وأسوارها، كما صنع مجسما لجامع القرويين وصومعتي حسان والكتبية والحدائق المعلقة لمدينة بابل العراقية، إحدى عجائب الدنيا السبع، وقصر أيت بن حدو وغيرها.
يقول بنبرة واثقة، إن ما يصنعه من تحف ومجسمات لمدن تاريخية، لا يروم من خلاله محاكات الأسوار والبنايات القائمة، بقدر ما يحاول صناعة مجسمات للمدن المغربية القديمة على الشكل الذي كانت عليه في أوجها، وذلك من خلال الاطلاع على كتب التاريخ.
وعن رسالته من هذا الفن قال، “لما كنت أعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، كان يحز في نفسي واقع المدن والأسوار التاريخية كلما زرت المغرب في العطل”، ويضيف متحسرا “لذلك أسعى جاهدا إلى تغيير نظرة الأجيال الناشئة للمدن التاريخية على أساس أنها جزء من هويتنا وحضارتنا”.
الورشة
يكتري نور الدين ورشة مساحتها حوالي 30 مترا مربعا، وهي في الآن نفسه معرضا لتحفه. رتب بإتقان “قصوره” و”قصباته” على جنباتها فوق رفوف خشبية، وفي ركن منها وضع طاولة خشبية تداعب فوقها أنامله الصلصال.
وأمام باب المحل وضع عينات مما يصنع، من نافورات وأصص و مجسمات لقصبات وقصور، تثير انتباه زوار مجمع الولجة لصناعة الفخار، باختلافها عن كل ما يعرض في مختلف محلات الصناع التقليديين.
رغم أنه أوشك على مغادرة مرحلة الشباب، إلا أن رأس نور الدين مازال يضج بالأفكار والأحلام، أبرزها تنظيم معرض متنقل، “يعرض منتوجات من فخار تعبر عن ثقافة وعمران كل جهة”، يقول “خايف الله”.
1. الصلصال
2. المغرب
3. الولجة
4. فخار
5. فنان
6. نور الدين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.