وزير الصحة في مرمى الانتقاد بسبب إقصاء 8 ملايين مغربي من التغطية الصحية    أول تعليق إسرائيلي رسمي على موافقة حماس على مقترح الهدنة    مرصد يحذر من انفراد الحكومة في تنزيل "إصلاح التقاعد" و"قانون الإضراب"    المبادلات الخارجية: المؤشرات الشهرية لمكتب الصرف في عشر نقاط رئيسية    "رايان إير" تطلق خطا جويا بين طنجة وورزازات    بلاغ جديد وهام من المديرية العامة للضرائب    "البوليساريو" أداة وصنع جزائري موجه لتقسيم المغرب الى سرطان يفتك ويهدد الوجود الجزائري    استعراض تجربة المغرب في مجال مكافحة الفساد خلال منتدى عربي بالقاهرة    النصيري يقتحم قائمة أفضل 10 هدافين في تاريخ إشبيلية الإسباني    مئات الفلسطينيين ينزحون من شرقي رفح إلى غربي قطاع غزة    بسبب تصرفات مشينة وعنيفة.. تأجيل محاكمة محمد زيان في قضية اختلاس أموال الحزب الليبرالي    الفيفا تصدر أول تصنيف عالمي لمنتخبات الفوتسال.. وأسود الأطلس في المرتبة السادسة عالميا    لاعبين الزمالك كاعيين قبل الفينال ضد بركان ومدربهم كيحاول يكالميهم    ماكرون يطالب بمشاركة مبابي في أولمبياد باريس    عاجل.. القضاء يعزل رئيس الرجاء محمد بودريقة من رئاسة مقاطعة مرس السلطان    ملف "التوظيف مقابل المال".. دفاع اليملاحي يلتمس السراح المؤقت والقاضي يؤجل الجلسة    المحرشي ..الخياط لي عندو قصر فالرباط رجع من الغربة وبغا يدير وساطة والتمس من الحكومة دير حل لإضرابات طلبة الطب: وها كيفاش تجاهلو وزير الصحة    وفاة المقدّم التلفزيوني الفرنسي الشهير برنار بيفو    تطويق أمني بالعاصمة يحول "مسيرة الصمود" لأطباء الغد إلى "وقفة الحشود"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء سلبي    ارتفاع حصيلة قتلى الفيضانات في البرازيل إلى 83    إسرائيل تغلق مكتب الجزيرة وألمانيا تنتقد القرار    حصيلة منجزات وكالة بيت مال القدس فاقت 13,8 مليون دولار خلال الخمس سنوات الأخيرة    البرجاوي للدار: حكومة اخنوش تمكنت من إرساء الركائز القانونية والمؤسساتية واللوجستيكية للدولة الاجتماعية    تطوان: إطلاق طلب عروض لإنجاز منطقة الأنشطة الاقتصادية والحرفية "كويلمة"    الضمان الاجتماعي الإسباني يتحاوز عتبة 21 مليون منتسب    بلقصيري: أجواء افتتاح مهرجان سينما المرأة والطفل في دورته الأولى    هذه تفاصيل موجة الحرارة المرتقبة في المغرب ابتداء من يوم غد الثلاثاء    وثائقي فريد من وزارة الثقافة والتواصل يبرز 6 ألوان فنية شعبية على ضفاف وادي درعة    اللي كيمشي لطريفة وعزيز عليه الطون والسربيسة والسينما: ها مهرجان وها الافلام المغربية المعروضة فيه    إضراب جديد يشل محاكم المملكة    لأول مرة.. تاعرابت يحكي قصة خلافه مع البرازيلي "كاكا"    بسبب الهلال.. لجنة الانضباط تعاقب فريق الاتحاد السعودي وحمد الله    تسجيل بقوة 2.5 درجات على سلم ريشتر بإقليم تاونات    مبادرة التنمية البشرية تمول 4174 مشروعا بأكثر من ملياري درهم بجهة طنجة    المغرب يحتضن الدورة 16 للبطولة الإفريقية للدراجات الجبلية    حماة المال العام: "حفظ طلبات التبليغ عن الجرائم من شأنه أن يوفر الحصانة لمتهمين متورطين في مخالفات جنائية خطيرة"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    تفاصيل جديدة حول عملية نقل "درب عمر" إلى مديونة    أسعار النفط العالمية تعود إلى الارتفاع    الذهب يصعد وسط توترات الشرق الأوسط وآمال خفض الفائدة في أمريكا    وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978    بعشرات الصواريخ.. حزب الله يستهدف قاعدة إسرائيلية في الجولان    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة من "منصة الجونة السينمائية"    "الثّلث الخالي" في القاعات السينمائية المغربية إبتداء من 15 ماي الجاري    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    المشاهد الجنسية في أفلام هوليوود تراجعات بنسبة 40% وها علاش    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    اعتصامات طلاب أمريكا...جيل أمريكي جديد مساند لفلسطين    رأي حداثي في تيار الحداثة    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    الأمثال العامية بتطوان... (589)    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما ذنب الإخوان حتى يحاربوا هكذا !
نشر في العمق المغربي يوم 24 - 11 - 2020

اِعلم أن جماعة الإخوان المسلمين تعتبر من أكبر الجماعات الإسلامية في العالم، والسباقة إلى العمل بالشكل الذي صارت عليه غالبية التنظيمات الإسلامية، منذ تأسيسها في عشرينيات القرن الماضي على يد الإمام حسن البنا رحمة الله عليه، بل امتد إشعاعها جميع أنحاء العالم، حتى صار كل بلد إسلامي يضم في أراضيه فرعا من فروع هذه الجماعة، أو قل على أقل تقدير، حركة تتبنى بعض أفكارها إن هي اختارت عدم الانضمام إلى التنظيم العالمي للإخوان.
ولهذا، ليس غريبا أن يظهر في العالم من يعادي هذه الجماعة، لأن سنة الحياة تقتضي ذلك. لكن أن تُصنف جماعة إرهابية من طرف من يشاركها الأصول، بل حتى الفروع، يجعلنا نطرح أكثر من سؤال ونعيد النظر في حال هذه الجماعة، حتى نستخرج قدر الإمكان، ما جعلها من الجماعات الإرهابية في نظر خصومها، وما سبب تحاملهم عليها إلى هذه الدرجة، والتشهير باسمها ورموزها، بل حتى مراجعها الفكرية التي تستمد منها شرعيتها!
بهذه المناسبة، نود التذكير بإحدى أهم مبادئ وقواعد التحكيم، التي تتمثل في التزام الحياد، ومحاولة التجرد من كل المؤثرات وعدم الانسياق مع الحملات الإعلامية التي جعلت من جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا ولا التي خصتها بالتقديس، بيد أن المتحاملين عليها أكثر عددا من غيرهم، حتى رأينا أن وصف الفرد بالإخواني كاف لاعتباره إرهابيا متشددا، ويستحق المعاقبة والسجن، لأن الفكر الإخواني، حسب ظنهم، تهمة تستوجب التحقيق والمحاسبة، بعدما أصبح المطالبة بتجريم الفكر الإخواني عملا بطوليا يترجى صاحبه الترقية والمكافآت.
وعليه، بعد النظر ومحاولة فهم الأهداف العامة لجماعة الإخوان المسلمين، تبين أنها حركة تسعى إلى الإصلاح من خلال اعتقادها أن الدين الإسلامي يشمل جميع نواحي الحياة، ولعل أفضل سبيل لمعرفة هذه الجماعة هو الاطلاع على التعريف الذي تقدمه لنفسها، في موقعها الرسمي، حيث تقول: "الإخوان المسلمون جماعة إصلاحية شاملة تفهم الإسلام فهما شاملا وتشمل فكرتهم كل نواحي الإصلاح في الأمة، فهي دعوة سلفية، وطريقة سُنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية.".
وبالتالي، فإن حال الإخوان لا يختلف كثيرا عن حال غيرهم من المنظمات، لسبب رئيسي هو إيمانهم بفكرة معينة ومحاولتهم تنزيلها على أرض الواقع من خلال الوسائل المتاحة والممكنة، بيد أن فعلهم هذا، قد لا يخلو أن يطاله التقصير أو الوقوع في تجاوزات، إما مخالفة للمنهج الذي رسموه لأنفسهم، أو للمنهج الذي يعتبره الغير هو المنهج الصحيح. لكن يبقى فعلهم، على العموم، فعلا صحيحا ما لم يثبت العكس، لأن الأصل في المرء أو المنظمة البراءة، وإلا جاز لكل واحد اتهام الغير دون سبب. ولذلك، فإن تساؤلنا عن أسباب تصنيف هذه الجماعة في خانة الجماعات الإرهابية تساؤلا منطقيا، بل يستوجب الإجابة عنه حالا، لأن المنابر المروجة لتهمة الإرهاب وضرورة محاربة جماعة الإخوان انتشرت بشكل سريع في العقدين الأخيرين.
عند النظر في خطاب المتهِمين والمحرضين ضد الإخوان ومحاولة استخراج الأسباب الحقيقية لإصدارهم التهم المعلومة، لا نجد فيه ما يمكن الاعتماد عليه في الوصول إلى ما وصلوا إليه، ذلك أن منهم من يعتبر إيمان جماعة الإخوان المسلمين بفكرة الإسلام والإصلاح من خلال المبادئ والقيم التي أتى بها سببا لاتهامهم. بل لا يكتفون بذلك فقط، وإنما يحاولون بكل ما أوتوا من قوة اصدار حق الإخوان في اعتناق فكرة الإسلام التي تأخذ باستخلاف الإنسان في الأرض وضرورة بناء دولة الخلافة، مع السماح لأنفسهم اعتناق ما يشاؤون من أفكار والعمل على تنزيلها على أرض الواقع، كل حسب اعتقاده، حتى صار اعتناق أي فكرة مقبولا إلا فكرة الإسلام والخلافة الإسلامية وكل ما له صلة بذلك.
ومنهم من يشن هجوما شرسا على الإخوان لمجرد أنهم إخوان، كما حدث مع هيئة كبار علماء السعودية، حتى أصبحوا بفعلهم هذا أضحوكة العقلاء، أو كما قال عنهم الشيخ أحمد الريسوني: "هيئة كبار عملاء البهتان"، ذلك أنهم لم يقدموا سببا منطقيا لتبرير ادعاءاتهم غير اطلاق الأحكام مجانا، بل لم يستطع أحد منهم وصف تلك المخالفات الشرعية والعقدية التي تتبناها جماعة الإخوان، حتى يتبين المنهج السقيم من الصحيح. لكن المنصف والناظر إلى واقع جميع الحركات الإسلامية، بما في ذلك أصحاب الدعوات المحسوبة على التيار السلفي، لا يجد عندها أي اختلاف جوهري على مستوى العقيدة أو الفقه، كما يروج له في الإعلام، ذلك أن الاختلاف على هذين المستويين كان منذ ظهور الإسلام، لكن لم يخرج يوما عن المنهج العام الذي أتى به الإسلام، إلا إن استثنينا بعض الحالات الشاذة والتي لا حكم لها، والإخوان ليسوا من ضمنهم، ولم يناصروا منهجا شاذا يوما ما.
وعليه، فإن السبب الحقيقي والخفي، الذي يكون دائما وراء إصدار تلك المواقف الشاذة من طرف السلطات أو بعض الهيئات العلمية والدعوية التابعة للجهات الرسمية، هو امتلاك جماعة الإخوان تصورا عاما للحياة وآراء منتقدة للسياسة العامة، بل إن امتلاك منظمة ما لتصور مخالف للجهات الرسمية كفيل بخلق الأعداء والخصوم، هذا في حالة امتلاكهم تصور ما، بيد أن من ديدنه مهاجمة الإخوان يفتقد لأبسط مقومات الدولة ولا يعيش في هذه الحياة إلا تائها وتابعا لغيره دون وعي، لأن العيش دون الإيمان بفكرة ما هو منتهى السخافة والهوان، وهو سبب كافي لتغلغل الحسد والحقد على من يجتهد في تطوير نفسه والطموح إلى تحقيق أحلامه.
وبكلمة أخيرة، لابد من التذكير على أن محاربي الإخوان صنفان: صنف يحاول مهاجمة الإسلام من خلال مهاجمة الإخوان، بعدما استحال عليهم إعلان الحرب مباشرة على الإسلام، لأن خطابهم يقتصر على انتقاد الأحكام، وليس الإخوان، بداعي نسبتها إلى جماعة الإخوان وليس إلى الإسلام. بينما الصنف الثاني، فأدعياؤه اختلت عندهم الموازين، فأصبحوا لا يفرقون بين الصديق والعدو، إلى أن بلغ بهم الأمر مستوى من الحمق يستدعي العلاج، لأنهم يعادون ما يؤمنون به بدعوى ضلال وإرهابية الإخوان، غير أن لسان حالهم، يخبرنا عن ضلال أصابهم وإرهاب يتوعدهم إن لم ينفذوا ما أمروا به. ولهذا، لا نملك من القول إلا الدعاء لهم بالشفاء العاجل وأن يكفنا الله شرهم، لأنهم لم يعودوا مستأمنين على أنفسهم، فكيف بمن يختلف معهم، أو قل، بمن يعيش حرا طليقا، ويقدم تصورا وبديلا لتفاهتهم.
اللهم ارزقنا المنطق والعمل به، اللهم احفظنا من الجهل والجهلاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.