تخفيضات استثنائية.. العربية للطيران تعلن عن تذاكر تبدأ من 259 درهما على 150 ألف مقعد    الكونغرس يقر مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    ما حقيقة المقابر الجماعية في مجمع ناصر الطبي؟    رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك ب "الملياردير المتغطرس"    بطولة انجلترا: أرسنال ينفرد مؤقتا بالصدارة بعد فوز كبير على تشلسي 5-0    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل للمباراة النهائية على حساب لاتسيو    توفيق الجوهري يدخل عالم الأستاذية في مجال تدريب الامن الخاص    الصين تدرس مراجعة قانون مكافحة غسيل الأموال    نانسي بيلوسي وصفات نتنياهو بالعقبة للي واقفة قدام السلام.. وطلبات منو الاستقالة    الولايات المتحدة.. مصرع شخصين إثر تحطم طائرة شحن في ألاسكا    الصين: أكثر من 1,12 مليار شخص يتوفرون على شهادات إلكترونية للتأمين الصحي    إيلا كذب عليك عرفي راكي خايبة.. دراسة: الدراري مكيكذبوش مللي كي كونو يهضرو مع بنت زوينة        محلل رياضي مشهور: أمرابط بمانشستر ليس اللاعب المتألق الذي رأيناه مع المنتخب المغربي في قطر    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    حزب الله يشن أعمق هجوم في إسرائيل منذ 7 أكتوبر.. والاحتلال يستعد لاجتياح رفح    رحيمي والعين قصاو بونو والهلال وتأهلو لفينال شومبيونزليگ    موقف بركان قوي واتحاد العاصمة ضعيف وها الأحكام اللي يقدر يصدرها الكاف فقضية الغاء الماتش بسبب حماق الكابرانات    "الأحرار" يحسم الاقتراع الجزئي بفاس    سيراليون دعمات الوحدة الترابية للمملكة.. هو الحل الوحيد لي عندو مصداقية    تلاميذ متميزون يستكشفون آفاق الدراسة في كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة    رد قوي من طرابلس على التكتل مجهول الهوية لي بغات تخلقو الجزائر.. ليبيا شكرات سيدنا على دعمه الثابت لقضيتها وأكدات أهمية تعزيز اتحاد المغرب العربي    الحوار الاجتماعي.. الحكومة والنقابات داخلين فمفاوضات مكثفة على قبل الحق في الإضراب وحرية العمل    المنتخب الجزائري لكرة اليد شبان ينسحب من مواجهة المغرب بسبب خريطة المملكة    لومبارت كوساك : الفلاحة .. العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي "غنية جدا"    إليك أبرز أمراض فصل الربيع وكيفية الوقاية منها    ميارة يستقبل فيرا كوفاروفا نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    يهم البذور والأغنام والحليب.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما الفلاحي    الأمثال العامية بتطوان... (580)    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأديب عبد الرفيع جواهري ضيفا على برنامج "مدارات"    وزير الخارجية الإسباني يؤكد افتتاح الجمارك بباب سبتة    تفتيش شابة على متن حافلة ببني ملال يسفر عن مفاجأة    تداولات البورصة تغلق على "أداء سلبي"    فرنسا معولة على مخابرات المغرب فتأمين أولمبياد باريس وها شنو گال جيرالد دارمانان    وزارة إسبانية: "سيام" من أكثر المعارض الفلاحية الواعرة فشمال إفريقيا    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    عاجل. حكم قاصح بزاف. الاستيناف طلع العقوبة الحبسية للطاوجني ل4 سنين بسباب شكاية دارها بيه وزير العدل    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    جائزتها 25 مليون.. "ديزي دروس" و"طوطو" يترأسان لجنة تحكيم مسابقة في فن "الراب"    ضمن جولة إقليمية.. حموشي يقود وفدا أمنيا مغربيا إلى الدوحة ويتباحث مع مدير "أمن الدولة"    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    وزارة التربية الوطنية تشرع في عقد المجالس التأديبية للأساتذة الموقوفين وسط رفض نقابي لأي عقوبة في حقهم    بنموسى: الأزمة التي عاشتها المنظومة التعليمية شكّلت لنا فرصة للإصلاح    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)    سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف        وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خدام الجماعة وخدام الوطن
نشر في العمق المغربي يوم 17 - 12 - 2020

من السهل جدا أن تتوسط عدسات الكاميرات العابرة وتشرع في بسط شعارات ببلاغة وزخرف شكلي بهدف دغدغة العواطف وإثارة الأحاسيس وحشد التأييد، وأنت قابع في بيتك الدافىء، تحتسي كوب شاي ساخن، تَزْبَدُ وتَرْغَدُ وتَتَأَفَفُ، تُوعِضُ وتُرشِدُ، تُنَظِرُ وتُخَمِنُ وتَتَكَهَنُ وتَسْتَدِلُ وتُدِينُ وتَسْتَنْكِرُ. "إن أبشع ما يقع في حياتنا" وهذا قول للأديبة السورية غادة السمان "يتم غالبا تحت أجمل الشعارات وأنبلها"، والتي غالبا مايكون مآلها السقوط بحكم عالم متغير لا تصمد فيه إلا الثوابت بحكم الإجماع والمنطق والتاريخ. وكما قال الشاعر العراقي عدنان الصائغ: "لم يجوعني الله ولا الحقول، بل جوعتني الشعارات".
فبين "الشعار والحقيقة هوة سقطنا فيها ضائعين" وهذا قول لنجيب محفوظ. فهل كتب لنا هذا القدر؟ حتى أصبحنا نردد ونجتر شعارات أصبحت في عداد المصطلحات الجامدة أو المسكوكة بتعبير اللسانيين. ولم نولي أنفسنا عناء الوقوف على تقييمها يوما حتى نعاين نجاعتها أو محدوديتها قياسا بواقع الحال واستنادا إلى خلاصات الواقع؟ ثم هل يقتصر الأمر على إثارة النعرة القومية والمشترك الديني في حل الأزمات وتجسيد التضامن وتراص الصفوف باسم هذا المشترك؟ اسمحوا لي هنا بالإختلاف! فالصيد لمن صاده لا لمن أثاره. وبقليل من الواقعية نستشف أن الولاء القومي، ولو كان أنبل شعور الإنتماء، فإنه لم ينفع طوال التاريخ لرأب الصدع بين الإخوة وأبناء العمومة وأبناء الوطن والجيران. فكل الحروب هي حروب أهلية لأن جميع البشر إخوة. والحياة، كما تذكر بذلك الحكمة، حرب! حرب مع نفسك وحرب مع ظروفك وحرب مع الحمقى الذين خلقوا هذه الظروف.
يجمع العديد من الملاحظين أن أسرع طريقة لكسب شعبية فورية في الشارع العربي هي تخوين وتجريم "التطبيع". وهو أمر له ما يبرره بحكم الأزمات والمطبات التاريخية التي عرفها الصراع العربي الإسرائيلي. حيث بلغ عدد الشهداء المدافعين عن الحق الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها منذ عام 1948، 100ألف شهيد حسب تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. فيما بلغ عدد خسائر الأرواح في صفوف الجنود الإسرائيليين، حسب إحصاء لوزارة الجيش الإسرائيلية لسنة 2014، أكثر من 23169 جندي.
لكن قبل الحديث عن العلاقات مع إسرائيل دعونا نستعرض العلاقات العربية وبين "الأشقاء" العرب. و هل كانت دائما طبيعية علاقة بمفهوم "التطبيع"؟ وهل شفعت العقيدة واللسان والتاريخ والقومية ومفهوم الأمة في توحيد الكلمة والصف والهدف؟ وهل الأمر يتعلق بقوة إسرائيل أم شتات الصف العربي ونهش بعضهم البعض هو منبع الضعف؟ وكيف لهذا الصف أن يتقوى ودول جارة، ينادي المؤذنون للصلاة فيها في وقت واحد ليتم التوجه صوب نفس القبلة، لا تفوت فرصة للتربص بوحدة تراب جارتها، وتنفق الملايير على حساب رفاه مواطنيها فقط لإذكاء العداء بين شعبين شقيقين.
بل يشهد التاريخ أن جارتنا وهي تستضيف فعاليات المجلس الوطني الفلسطيني عام 1987 بالجزائر العاصمة أصرت على أن تحول اللقاء إلى بوق لمجموعة من المغرر بهم من أبناء المملكة الجارة ليشبه فيها "الشعب الصحراوي" الوهمي بالشعب الفلسطيني الباسل، بل شبه شهداء الوحدة المغاربة الأحرار بالصهاينة وأمام مرئى ومسمع "الأشقاء"، وفي حضرة الراحل ياسر عرفات رحمة الله عليه. وتشاء الصدف أن يلقي الراحل محمود درويش، رحمه الله، رائعته "مديح الظل العالي" أمام الحضور وهو يقول: "سقط القناع- لا إخوة لك يا أخي، لا أصدقاء يا صديقي، لا قلاع. وتمت رشوة القاضي فأعطى وجهه للقاتل الباكي. سرقت دموعنا يا ذئب، تقتلني وتدخل جثتي.."
ويشهد التاريخ أنه وقبل ثلاثة عشر سنة أي عام 1974، إحتضنت المملكة المغربية القمة العربية في الرباط. وبمجهود جبار وذكاء خارق انتزع الراحل الحسن الثاني، طيب الله ثراه، من دول العالم غربا وشرقا إعترافا رسميا بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. وهو أهم إنجاز تحقق للشعب الفلسطيني الشقيق طيلة مسيرته النضالية.
نجرم "التطبيع" ونبيح جرم "القطيعة" وهي حتى في حكم تفسير الأحلام تدل على الضلالة وعلى مايوجب الشتات والتهاجر. وسيد الخلق عليه أسمى صلوات الله وسلامه يوصي:" لا تقاطعوا ولا تدابروا".
مرة أخرى وبعيدا عن الشعارات، وبقليل من البراغماتية يكفي النظر إلى الأرقام لنلاحظ أن عدد الفلسطينيين المتواجدين بإسرائيل بلغ عددهم حسب إحصاء 2013 ما يفوق 1 مليون و400 ألف. أي مايناهز %21 من مجموع سكان إسرائيل. فيما بلغ عدد العمال الفلسطينيين في الداخل المحتل والمستوطنات من حملة التصاريح أو الهوية الزرقاء، حسب إحصاء 2017، 128.400 عامل ناهيك عن آلاف العمال الذين يعملون دون تصاريح. وفي هذه الأرقام عبرة لأصحاب الشعارات القابعين في دورهم ينددون ويستنكرون.
لقد أصبح واقعا اليوم عزل المسار الفلسطيني عن المسار العربي بفعل فرض إدماج إسرائيل في المنطقة. وهو ما يفسره الملاحظون كنتيجة حتمية لمجموعة من الأسباب: أولها الضعف والتفكك التي تعيشه الحركة الوطنية الفلسطينية وفشلها في تجاوز خلافاتها الداخلية. ثانيها تشرذم الصف العربي عبر نزاعات وصلت إلى دق طبول الحرب بين "الأشقاء". ثالثها الصراعات الداخلية في البلدان العربية وإنشغالها بأزماتها الداخلية في زمن الوباء والثورة الرقمية. و رابعها فرض الأمر الواقع وقبول إسرائيل كقوة فاعلة في الشرق الأوسط.
أفاد أحد الأدباء أن السياسة حرب باردة والحرب سياسة ساخنة؟ فهل يصدق القول أن "السلام هو غاية الحرب؟"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.