نجحت إدارة مهرجان ثويزا بطنجة في دورته السادسة عشر، المتوقف لعامين بسبب الجائحة، في مد جسر للوصال الثقافي بين الجمهور والكاتب والمفكر والروائي التلمساني الجزائري، أمين الزاوي، المعروف بجرأته في طرح المواضيع واختيار التيمات والنبش في المحرم والطابو المجتمعي. أمين الزاوي نجح في الإبقاء على العيون شاخصة والاذان صاغية اليه طيلة المدة التي استغرقها هذا اللقاء، حول "المتخيل الروائي والمقدس"، الذي أداره باقتدار الأستاذ محمد رمصيص، الشغوف بدوره بعوالم الرواية والبحث والنقد والتنوع والاختلاف، المأسور بدهاليز المتخيل والمخيال والخيال. وقرب المحاضران جمهور مهرجان ثويزا من جسر الانتقال الى الحق والقدرة في التخيل والتخلص من وصاية المقدس، الذي يسمح له بالغوص في المسكوت عنه والمكبوت للحديث عن عوالم خفية، سفلية وعلوية، مشحونة بالرموز والأحلام والغموض، والاستمتاع بلحظات التخلص من كل ما يقيد حريته في تخيل ما يريده وبالطريقة التي يريد، بعيدا عن الواقع، بعيدا عن المقاسات والصور والاحكام المقدسة. والهروب إلى الأمام، من خلال رسم صورة لمجتمع متخيل مختلف عن الواقع الاجتماعي المعيش. محمد رمصيص محاور الزاوي نجح في دفع الأخير للبوح بما يمكن وصفه بتقنيات الأديب في تجاوز الواقع والمقدس للغوص في دروب الخيال وترتيب عوالم المتخيل. بحيث أبرز الأستاذ أمين الزاوي بأن الخيال والبناء الذهني للواقع سمة إنسانية بامتياز، والانسان بطبيعته لا يستطيع العيش بدون متخيل. كما أن المتخيل موجود في كل مكان وزمان. والعوالم الافتراضية لدى الروائي تبقى ناجعة تُمكّنه من استكشاف ما يعتمل في الواقع المعاش كل جوانبه، دون أن يقع في الوصف المباشر أو التقرير المبتذل او الواضح، ليزاول شغبه في التحليل بكل متعة أدبية. كما كان اللقاء فرصة لجمهور المهرجان لاكتشاف مسار ومسيرة الدكتور أمين الزاوي في الكتابة، واشتباكاته مع حماة المقدس، من مناهضي التغيير والاختلاف، كما تعرفوا على مواقفه من الدين والسلطة، حيث اعتبر ان ما سمي في التسعينات بالصحوة الإسلامية، كان انتكاسة لدعاة النهضة، بسبب انتعاش خطاب الإسلام السياسي الذي كان بمثابة لفيروس ووباء ضرب المنطقة. هذا، وللتذكير فان أمين الزاوي، المتابع لتطور العلاقات المغربية – الجزائرية، سبق له وأن عمل أستاذا للأدب المقارن والفكر المعاصر بجامعة الجزائر المركزية، وأستاذا للدراسات النقدية في جامعة وهران، وأستاذا بجامعة باريس قسم الدراسات النسوية. كما سبق له أن أدار المكتبة الوطنية الجزائرية، وترأس فرع الجزائر لمؤسسة أنا ليند للحوار الثقافي، وغيرها من التجارب القيادة في مجال "السلطة الثقافية" ان جاز القول. وما كان أن يتأت له ذلك لولى قدرته على البوح الشجاع، كتابتا وقولا، وهو الذي الف جر القلم يمينا ويسارا باللغتين العربية والفرنسية، حتى غدت له مؤلفات تحتل رفوف مكتبات الكثيرين من عشاق ادبه ومناصري جرأته، التي عبر عنها مرارا في خرجاته الإعلامية ومقالاته ومنشوراته خاصة اعماله الروائية والقصصية التي نذكر منها: "صهيل الجسد"، "شارع إبليس"، "حادي التيوس"، "نزهة الخاطر"، "الملكة"، "الساق فوق الساق"، "الخلان"، "الباشْ كاتبْ"، "الخنوع"، حارة النساء"، "وليمة أكاذيب"، "غرفة العذراء المدنسة" و"طفل البيضة".