القدس لم تقل وداعا ، ارتشفت قليلا من الصبر و سارت كما الفجر، لم تلتفت ، و الحساسين على ضفائر الوقت تغزل لها من أيامها أيقونة بلون قوس قزح . القدس كأنثى الطيور ، حين تراود قمرا أو غزالا بلغة شاعر يمتشق وشاح الفجر ، و يتأبط تضاريس المسافات ، يوشوش في أذن استعارة يتيمة أو تشبيه نسي أداته في تفاصيل البحور. القدس حين تتسلل إلى جرح القصيدة ، و ترسم على جدار الأقصى ظلها ، و تزرع في شرايين المواعيد براعم للرفض. القدس حين تعزف للأرض لحنا، و تكشف مفاتنها لصبايا الحجر صباحا، و في الهزيع الأخير تسرج للغزاة قصائد الرثاء. القدس نكاية بالليل تحلم على صدر البراءة ، و تنصت لعبير الكلام ، و من اهذابها تغتزل سلما لسماء ظليلة . للقدس تفاصيل البلاد ، حين تفتح في القلب شراعا ، أو عرسا لزغاريد البحار أو موعدا للسفر.