شهدت الخزانة السينمائية المغربية التابعة للمركز السينمائي المغربي مساء يوم الثلاثاء الماضي تقديم النسخة الجديدة لفيلم "طبول النار" بحضور مخرجه وكاتبه وموضبه والمشارك في إنتاجه سهيل بنبركة الذي أدخل عليه تحسينات فنية وتقنية، وهي نسخة ناطقة باللغة الإنجليزية. كان هذا الفيلم في النسخة التي وزعت سنة 1993 يحمل عنوان "فرسان المجد"، ويستعرض حوالي 120 دقيقة أطوار معركة الملوك الثلاثة أو معركة واد المخازن التي دارت في عهد الدولة السعدية والأمير عبد المالك السعدي بين المغرب والبرتغال في عهد الملك دون سيباستيان (سيباستيان الأول) الذي حاول القيام بحملة صليبية للسيطرة على جميع شواطئ المغرب في القرن الميلادي السادس عشر (1578). انتصر المغاربة في هذه المعركة الخالدة و العظيمة بقيادة السلطان عبد المالك السعدي الذي كان قد طرد قبل ذلك من طرف إخوته، وقضى عشرين سنة في الترحال والمعاناة خارج الوطن، وبعد عودته واستقراره بمدينة القصر الكبير قرر بالرغم من مرضه الشديد أن يقود هذه المعركة في هذه المعركة بقيادة البرتغال في القرن السادس عشر. ضي تقديم النسخة الجديدة لفيلم "طبول النار" بحضور مخرجه سهيل بنبركة التي انهزمت فيها الإمبراطورية البرتغالية وفقدت فيها سيادتها وملكها وجيشها والعديد أهم من رجال الدولة. ثلاثة ملوك لقوا حتفهم خلال هذه المعركة، هم عبد المالك السعدي المريض، والبرتغالي دون سيباستيان المقتول، ومحمد المتوكل الذي كان يتنازع مع عبد المالك السعدي حول السلطة والذي حاول الفرار شمالا فوقع غريقا في نهر وادي المخازن. شاركت في هذا الفيلم مجموعة من ألمع الممثلين الأجانب والمغاربة وهم في عز عطائهم من بينهم هيرفي كايتل وكلوديا كاردينال وأبراهام موراي، ماسيمو كيني، أنجيلا مولينا، محمد مفتاح، نعيمة المشرقي، محمد عاطفي، زكي الهواري، أنور الجندي، سعاد حميدو والمرحومين محمد حسن الجندي والعربي الدغمي ومحمد أحمد البصري وعبد الرزاق حكم، وقد أسند فيه لمحمد مفتاح دور أساسي كان بارعا في تشخيصه. الفيلم تاريخي ومستوحى من الواقع، هو عبارة عن وثيقة وملحمة وطنية فرجوية مفيدة بموضوعها الغني بالدلالات، وممتعة بطريقة المعالجة والتصوير و الإخراج والتشخيص. بدل في هذا الفيلم الضخم مجهود كبير على مستوى الإنتاج ويتجلى ذلك في العدد الكبير للمشاركين فيه وفي تنوع الفضاءات الداخلية والخارجية بديكوراتها ومناظرها وأكسسواراتها وملابسها المناسبة للحقبة التي جرت فيها الأحداث في أواسط القرن السادس عشر. الدبلجة باللغة الإنجليزية متقنة جدا في النسخة الجديدة إلى درجة يظهر فيها الممثلون المغاربة كأنهم يتكلمون في هذا الفيلم بهذه اللغة، كما أن الأحداث و الصراعات والمناورات والمعارك قوية ومحكمة بطريقة إخراجها وتصويرها وتشخيصها دون تمطيط أو تساهل أو مبالغة كأنها واقعية فعلا. يجمع هذا الفيلم الكلاسيكي الحربي بين ما هو تاريخي وسياسي وديني إلى جانب قضايا أخرى موازية للأحداث الرئيسية وظفت لإذكاء الجانب الدرامي وكل ذلك في قالب فني سينمائي جميل. تتوالى التطورات بإثارة وبإيقاع سريع غير ممل بالرغم من طول مدته وبالرغم أيضا من كثرة الكلام، لأن حواراته جيدة وديناميكية لا تعيد تفسير ما سبق فهمه، بل تدفع بالقصة إلى الأمام. يمكن القول بكل موضوعية وتواضع أن هذا الفيلم الجميل يستحق التنويه بصاحبه السينمائي المتميز والمحنك سهيل بنبركة الذي أنجزه باحترافية كبيرة مما أعطى عملا مغربيا يشرف السينما المغربية ولا يقل مستوى عن عدة أفلام أجنبية من نفس النوع، هو فيلم يذكرنا سينمائيا بالزمن الجميل. بقلم // عمر بلخمار للتواصل مع الكاتب: [email protected] فيلم طبول النار: ملحمة تاريخية فرجوية ومتقنة.. بقلم // عمر بلخمار