مرت فضيحة فساد لحوم أكباش العيد في صمت مريب. فرغم تداعياتها الخطيرة على الأسر الفقيرة التي جاهدت من أجل أن تدخل فرحة العيد على أبنائها قبل أن تتفاجأ أن هذه الفرحة تحولت إلى قرحة. ورغم أنه تأكد بالملموس أن الصحة العامة تعرضت لخطر كبير وحقيقي مما يعاقب عليه القانون، ورغم أنه اتضح وتأكد وجود فعل إجرامي تمثل في النصب والغش، فإن السلطات العمومية لم تحرك ساكنا، ولم تهتم بهذه الفضيحة المدوية. وطبعا حاولت السلطات العمومية المختصة الاختفاء وراء خنصرها بأن ادعت بأن أسباب فساد اللحوم وتعفنها يعود إلى طريقة الذبح والسلخ وإلى ظروف تخزين اللحوم، مما لاقى استهجانا من طرف الرأي العام الوطني، ولم يكن ذلك مقنعا بالمرة، بل أوحى للمغاربة أن الهدف الحقيقي من إصدار البلاغ يكمن أساسا في السعي إلى التستر على الفضيحة وحماية المتسببين فيها. من غير المعقول أن تتعامل السلطات العمومية مع هذه القضية بكل هذا التراخي بل والاستهتار، ومن غير المقبول ألا يجد القلق الذي ساد في أوساط الرأي العام بسبب هذه الفضيحة صدى له في انشغالات السلطات العمومية. كنا ننتظر أن يبادر رئيس الحكومة بفتح تحقيق في الفضيحة لتحديد المسؤوليات الإدارية فيما حدث. وكنا ننتظر من مؤسسة النيابة العامة التي تمثل الحق العام أن تسارع إلى فتح تحقيق قضائي فيما حدث وجرى لترتيب الجزاءات وإعمال القانون. لم يحدث أمر من هذا القبيل، والذين اقترفوا ما اقترفوه راكموا ما راكموه من أرباح بواسطة الغش. وهم مطمئنون، ومستعدون لإعادة الكرة في السنة المقبلة بحول الله. أما المواطنون المتضررون من الفضيحة فلهم الله جل جلاله. أما الصحة العامة التي تعرضت لتهديد حقيقي فهي آخر ما يمكن أن يتم التفكير فيه. نخاف أن تكون هناك اعتبارات سياسية وراء طي صفحات هذا الكتاب الأسود.