لاتزال الاهتزازات والارتدادات متواصلة في قطاع التعليم آخرها تهديد الأساتذة المتعاقدين بخوض احتجاجات وإضرابات. فخلال مناقشة الميزانية الفرعية لقطاعات التعليم والتكوين المهني والتعليم العالي، نبه أعضاء لجنة التعليم بمجلس المستشارين إلى الإشكاليات العويصة التي تحيط بملف التعاقد في مجال التعليم. المستشارون البرلمانيون لفتوا الانتباه إلى أن فئة عريضة من المتعاقد معهم كانوا ضحايا شبح البطالة وواجهوا هراوات الأمن خلال الاحتجاجات والاعتصامات، وتذمروا من الحوارات مع الحكومة والتي لم تكن تفي بوعودها، لذلك فإن هؤلاء يلتحقون بسلك التعليم بنفسية مهزوزة وربما ناقمة وحواجز اجتماعية قد تؤثر على العطاء، هذا فضلا عن فترة التدريب أو التكوين غير الكافية لتلبية المتطليات البيداغوجية. تصنيف غير مشرف وكان هذا الاجتماع مناسبة كذلك لاستعراض جملة من المشاكل التي يتخبط فيها التعليم من قبيل ضحايا النظامين أو ما يعرف بأساتذة الزنزانة 9 ، واحتلال تصنيف التعليم الوطني مراتب غير مشرفة، حيث كانت دول توازينا خلال الاستقلال بنفس المؤشرات لكنها حققت طفرات وقفزات مهمة على مستوى التربية والتنمية البشرية ومؤشرات النمو. كما تمت المطالبة بتعميم المنح على كل الطلبة على اعتبار المعايير المعمول بها غير منصفة، موازاة مع ضمان استفادة أوسع من الأحياء الجامعية، ومعالجة إشكالية غياب التأمين في مجال التكوين بالتدرج، والتصدي للتعليم الأولي الذي يلقن في «الكاراجات». وتمت الإشارة إلى أن الفوارق الدراسية تنبع أصلا من الفوارق الاجتماعية والظروف التي يواجهها بعض الطلبة والتلاميذ على المستوى الأسري والمالي، والتي تقف عائقا أمام عملية التحصيل والتكوين. التكوين المهني لإنقاذ الجامعات وبخصوص التكوين المهني، أوضح المتدخلون أنه كان في وقت سابق يعالج إشكالات الهدر في الثانويات وعدم التمكن من اجتياز الباكلوريا، واليوم عليه أن يسد حاجيات السوق وهذا مايتطلب تعميق التكوينات وأهدافه ومسايرة متطلبات المهن الجديدة والمستقبلية. إلى ذلك فتح المستشارون ملف طباعة الكتب في إسبانيا وتركيا وما أثار ذلك من احتجاجات متسائلين عن مكانة المقاولة المغربية في هذا المجال، كما عبروا عن رفضهم بيع المؤسسات التعليمية العتيقة، مؤكدين أهميتها في محاربة الاكتظاظ والهدر. بعض الدعوات طالبت بضرورة إخراج محاربة الأمية من المساجد لتفادي استغلالها سياسيا وانتخابيا، والتركيز في هذا الجانب على القواعد والأجيال الصاعدة لاقتلاع الأمية من جذورها، وعودة الصرامة إلى المؤسسات التعليمية بشراكة مع الأسر وجمعيات أولياء التلاميذ قصد النهوض بالتعليم وإعادة الثقة في المدرسة العمومية. غير أن بعض الانتقادات كانت قاسية وأكدت أن قطاع التعليم يفتقد لرؤية سياسية، ويخضع فقط للتدبير اليومي للملفات. وزير التعليم سعيد أمزازي قدم في عرضه كل المؤشرات والمعطيات التي ساهمت في تطوير المنظومة التربوية والمتعلقة بالغلافات المالية والأوراش ذات الأولوية وبرنامج عمل .. وأفاد أن الإكراهات تتمثل في وجود 5 آلاف مؤسسة بدون سياجات و6 آلاف مؤسسة بدون صرف صحي أو ماء شروب، وهذا في حد ذاته يثني الآباء عن إرسال أبنائهم وبناتهم إلى المدارس ويظل سببا للهدر واللاتمدرس. الساعة الإضافية والارتباك كما أكد أن ملف الأساتذة ضحايا النظامين يجب أن يكون موضوع حوار حكومي وليس موضوع حوار قطاعي، مضيفا أن مؤسسات التكوين المهني أضحت رافدا مهما لحل مشكل الاكتظاظ بالجامعات ذات الاستقطاب المفتوح. وأبرز أن بناء المدارس لايشكل حلا للمشاكل المطروحة في ظل غياب المسالك الطرقية والنقل المدرسي وتوفير الأطر التعليمية المطلوبة. شروحات وزير التعليم شملت كذلك الارتباك الذي طال الساعة الإضافية، وفي هذا الإطار أكد أن المنظومة التعليمية كانت جاهزة لكن التوقيت الإداري هو الذي سبب لها الاضطراب، فكان ينبغي انتظار انعقاد المجلس الحكومي للانكبات على دراسة الحلول.