عجز ميزانية المملكة يحطم سقف 3.6 مليار درهم مع نهاية مارس 2019
* العلم: عبد الناصر الكواي
كشفت الخزينة العامة للمملكة، أن وضعية نفقات ومداخيل الخزينة سجلت عجزا في الميزانية بلغ 3.6 مليار درهم مع متم مارس 2019، مقابل 9.8 مليون درهم خلال الفترة نفسها من العام الماضي، ويشمل هذا العجز رصيدا إيجابيا بلغ 12.8 مليار درهم عن الحسابات الخاصة للخزينة والخدمات الحكومية المسيرة بشكل مستقل.
وأعلنت الخزينة في نشرتها الشهرية لإحصاءات المالية العمومية لمارس 2019، أن المداخيل العادية بلغت 63.5 مليون درهم مقابل 56.8 مليون درهم في نهاية مارس 2018، بزيادة قدرها 11.8 في المائة، وذلك بفضل زيادة الضرائب المباشرة + 11 في المائة، والضرائب غير المباشرة + 10.8 في المائة، والإيرادات غير الضريبية + 106.6 في المائة، بالإضافة إلى انخفاض التعريفات -6.3 في المائة، ورسوم التسجيل والطوابع -47 في المائة.
وأفادت النشرة، بارتفاع النفقات في إطار الميزانية العامة بنسبة 9.2 في المائة إلى 87.1 مليار درهم في نهاية مارس 2019، وعزت ذلك إلى زيادة 7.7 في المائة من نفقات التسيير، و10.2 في المائة من نفقات الاستثمار، و14 في المائة من الديون المدرجة في الميزانية، مضيفةً أن التزامات الإنفاق بما فيها الالتزامات غير الخاضعة لتأشيرة الالتزام المسبق بلغت 33 في المائة، وهي في نفس مستواها مقارنة مع نهاية مارس 2018.
وأبرزت النشرة أيضا، أن مداخيل الحسابات الخاصة للخزينة، وصلت 284 مليار درهم، علما أن التحويلات المتوصل بها من التحملات المشتركة للميزانية العامة للاستثمار بلغت 11.4مليار درهم، في حين أن النفقات الصادرة بلغت 15.9 مليار درهم. وتشمل هذه النفقات الجزء المحسوب على الخزينة، برسم المبالغ المسددة، والخصومات، والمبالغ المستردة من الضرائب ل 1.1 مليار درهم.
وبلغ رصيد جميع الحسابات الخاصة للخزينة + 12.5 مليون درهم، في نفس الوقت، بلغت إيرادات الخدمات الحكومية المسير بشكل مستقل 463 مليون درهم مقابل 360 مليون درهم في نهاية مارس 2018، بزيادة 28.6 في المائة، في حين انخفضت النفقات الصادرة بنسبة 10 في المائة إلى 117 مليون درهم.
وفي قراءته لهذه الأرقام التي وصفها بالمهولة، قال الخبير الاقتصادي، عمر الكتاني، إن تفاقم عجز الميزانية في بلادنا يجد تفسيره في ثلاثة عناصر أساسية، أولها ارتفاع نفقات المديونية بسبب لجوء المغرب للقروض الدولية التي تراكم الفوائد على الفوائد نظرا لتجاوز الآجال.
والعنصر الثاني حسب الكتاني، هو «تعنت الدولة على نهج سياسة التقشف وكأنها ترى في الكلمة سُبّة، رغم أن دولا متقدمة تنتهج هذه السياسة دون أي مشكل». أمّا العنصر الثالث فهو عدم امتلاك بلادنا لسياسة ترشيد النفقات، حيث يتم رصد مبالغ كبيرة لتجهيزات ومنشآت سرعان ما تتم إزالتها (حواجز الطرق بالعاصمة مثلا)، مما يدل على أن عقلية ترشيد النفقات لم تدخل بعد في ثقافة أصحاب القرار.
وشدد المحلل نفسه، على أن السياسات المتبعة في بلادنا لا تراعي بعض القواعد الإسلامية في الاقتراض. وبين ذلك في ثلاثة شروط لا يُسمح للدولة الاقتراض إلا بتوفرها وهي أولا، الانفاق الضروري والمؤكد، ثانيا إثبات القدرة على رد الدين، ثالثا عدم تجاوز القرض لمدة زمنية متوسطة وليس طويلة، معتبرا أن مسؤولينا على العكس من ذلك، يلجؤون لقروض تصل مدة بعضها إلى 40 سنة، ما يعني أن الأجيال القادمة هي من سيتحمل مسؤولية تسديدها.
ووصف الكتاني، هذه السياسات بأنها جزء من منظومة مبنية على ثقافة التبذير والحلول الظرفية وليس الحلول البنيوية، مفندا مقولة إن الدولة تقترض من أجل الاستثمار، بأن هذه الاستثمارات المزعومة لا تخلق ثروة مما يزيد من اللجوء إلى القروض بشكل متعاظم. وهذا ما يؤكده تقرير الدين العمومي المصاحب لقانون المالية 2019، الذي يظهر أن الدولة ستلجأ خلال 2019 إلى اقتراض 49 مليار درهم من السوق الداخلي عوض 43 مليار درهم خلال 2018، أي أن الدين الداخلي سيزيد بواقع 14 في المائة.