الثوابت والمتغيرات التي تتحكم في اتجاه بوصلة إدارة الرئيس ترامب من ملف الوحدة الترابية للمملكة
* العلم: رشيد زمهوط
ما زالت وزارة الخارجية والتعاون تلوذ بالصمت في شأن ما تردد عن زيارة لوزير الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة نهاية الاسبوع الماضي للعاصمة الامريكيةواشنطن أين أجرى حسب مصادر إعلامية لقاءات مكثفة مع عدد من المسؤولين الأمريكيين همت ملف الصحراء في ضوء قرار مجلس الامن الاخير.
وإذا كانت هذه الخطوة الدبلوماسية المدروسة تؤشر في نظر المتتبعين على سعي المملكة الى تحصين المكاسب الدبلوماسية والسياسية التي وفرها جوهر ونص قرار مجلس الامن عدد 2460 حيث لم تخف الرباط بمجرد اعتماده نهاية أبريل الماضي انتشائها به ورحبت به من منطلق أنه يستجيب بشكل كبير لتطلعات المملكة", فإن هذا لا يمنع من ادراك الرباط للدور المحوري الذي تضطلع به واشنطن في توجيه وصياغة قناعات الأممالمتحدة من ملف الوحدة الترابية للمملكة.
من البديهي الاقرار أن المغرب الذي راكم خلال الخمس سنوات الاخيرة عددا من المكاسب السياسية المشرفة، تعكسها قرارت مجلس الأمن المتسلسلة التي كرست الاختصاص الحصري للأمم المتحدة لرعاية والاشراف على مسلسل التسوية السياسية للنزاع المفتعل بعيدا عن مناورات خصوم المملكة لتهريب الملف الى المنظومة القارية, يدرك أن ادارة البيت الابيض وفريق عمل الرئيس ترامب وفي مقدمتهم مستشار الامن القومي جون بولطون يقاربون ملف الصحراء من زاوية مزاجية تتقاطع مع قراءة الخارجية الامريكية لمصالحها بالمنطقة، ولذلك من الطبيعي تركيز الثقل الدبلوماسي المغربي على نيويورك باعتبارها عاصمة القرارات المصيرية المرتبطة بملف الصحراء, وهو ما يبرر اللقاءات المكثفة التي جمعت الجانبين المغربي والأمريكي خلال الاشهر القليلة الماضية.
ثم إن فشل اللوبي الانفصالي بقيادة الجزائر في استدراج واشنطن الى تضمين مسودة القرار الأممي الأخير إشارات معادية للمملكة من قبيل توسيع صلاحيات بعثة المينورسو، لا يخف اصرار الخارجية الامريكية على تسريع وتيرة المسلسل السياسي لتسوية ملف النزاع المفتعل وضغطها على الاطراف المعنية بما فيها الجزائر للدخول في مشاورات عاجلة تفضي الى بوادر حل متوافق عليه يعفي الولاياتالمتحدة من تبعات تدخل أطراف غير مرغوبة كالصين وروسيا في مسار التنافس الجيوستراتيجي بمنطقة شمال افريقيا والساحل الافريقي الحساسة سياسيا واقتصاديا بالنسبة للاجندة المرحلية والمستقبلية للبيت الابيض.
وأمام هذه التحديات المتعددة الجبهات والوسائط، تبرز حاجة واشنطن الملحة لضمان مصالحها المعقدة والمتضاربة أحيانا بمنطقة تشكل في نظر المحللين قاعدة محورية لمسارات الطاقة على الصعيد القاري، والجهوي، ومدخلا أساسيا للامتداد الاستراتيجي الامريكي بمنطقة الشرق الاوسط والعمق الافريقي، وهو ما تفطنت له الرباط في الظرف المناسب ودخلت في سباق لتحفيز وتركيز حضورها الدبلوماسي والاقتصادي، بما يؤهلها مستقبلا للتحول الى محور جهوي فاعل اقتصاديا ومغر لعدد من الشركات الأمريكية الكبرى التي فضلت منذ منتصف الثمانينات تحويل عدد من أنشطتها إلى الجزائر، في عز الطفرة النفطية للجار الشرقي للمملكة.
على أن حسابات واشنطن المبنية على منطق النفوذ والربح والخسارة لا يمكن أن تتجاهل النفوذ القاري المتصاعد للمغرب ولن تغامر أيضا بالتصادم مع المصالح العليا للمملكة، وهو ما يؤكد ضمنيا ما يتردد في الكواليس من عزم كتابة الدولة في الخارجية الامريكية الى الضغط قريبا تحت المظلة الاممية، في اتجاه اعتماد حلول مبتكرة لملف النزاع المفتعل في الصحراء المغربية تقوم أساسا على استبعاد خيار الاستقلال واعادة تكييف مبدأ تقرير المصير الذي يتشبت به الطرف الانفصالي، إلى مخرجات أكثر عقلانية وبراغماتية.