الصندوق المغربي للتقاعد ينضم إلى برنامج "داتا ثقة" لحماية المعطيات الشخصية    مندوبية التخطيط: 83,6 فالمية من الأسر المغربية صرحات بارتفاع مستوى "البطالة" عام 2024    وزير : قطاع الطيران .. الحكومة ملتزمة بدعم تطوير الكفاءات    قبل مونديال 2030.. الشركات البرتغالية تتطلع إلى تعزيز حضورها في السوق المغربية    السلطات الجزائرية تحتجز بعثة نهضة بركان بمطار الهواري بومودين بسبب خريطة المغرب    لقاو عندهوم فلوس كثيرة فاتت مليون ونصف مليون درهم.. توقيف بزناسة فالشمال كيبيعو لغبرا (صورة)    نشرة إنذارية…زخات مطرية قوية وهبات رياح قوية مرتقبة غدا السبت بعدد من مناطق المملكة    كان واعر في الأدوار الدرامية.. وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني وفعمرو 81 عام        محاكمة طبيب التجميل التازي ومن معه.. النيابة العامة تؤكد ارتكاب جريمة "الاتجار في البشر"        توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    طغى عليه الغياب واستحواذ الأغلبية على مقاعد الأمناء والمحاسبين : انتخاب مكتب مجلس النواب    ردّا على المسرحية الإيرانية.. إسرائيل تطلق صواريخ بعيدة المدى على مدينة أصفهان    مجلس النواب يعقد جلسة عمومية لاستكمال هياكله    طنجة .. توقيف ثلاثة أشخاص لإرتباطهم بشبكة إجرامية تنشط في المخدرات    ميراوي: أسبوع يفصل عن إعلان سنة بيضاء وبرلمانيون يناشدونه التراجع عن القرارات تأديب طلب الطب    في تقليد إعلامي جميل مدير «الثقافية» يوجه رسالة شكر وعرفان إلى العاملين في القناة    جمال الغيواني يهدي قطعة «إلى ضاق الحال» إلى الفنان عمر السيد    الطريق نحو المؤتمر ال18..الاستقلال يفتح باب الترشح لعضوية اللجنة التنفيذية    الهجمات على إيران "تشعل" أسعار النفط    فيتو أميركي يٌجهض قرار منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة    صورة تجمع بين "ديزي دروس" وطوطو"..هل هي بداية تعاون فني بينهما    منظمة الصحة تعتمد لقاحا فمويا جديدا ضد الكوليرا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    العصبة الاحترافية تتجه لمعاقبة الوداد بسبب أحداث مباراة الجيش    باستثناء الزيادة.. نقابي يستبعد توصل رجال ونساء التعليم بمستحقاتهم نهاية أبريل    وزيرة : ليبيريا تتطلع إلى الاستفادة من التجربة المغربية في مجال التكوين المهني    المدير العام لمنظمة "FAO" يشيد بتجربة المغرب في قطاعات الفلاحة والصيد البحري والغابات    التراث المغربي بين النص القانوني والواقع    السودان..تسجيل 391 حالة وفاة بسبب الاصابة بمرضي الكوليرا وحمى الضنك    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    سوريا تؤكد تعرضها لهجوم إسرائيلي    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    مهرجان خريبكة الدولي يسائل الجمالية في السينما الإفريقية    لوسيور كريسطال تكشف عن هويتها البصرية الجديدة    "قتلوا النازحين وحاصروا المدارس" – شهود عيان يروون لبي بي سي ماذا حدث في بيت حانون قبل انسحاب الجيش الإسرائيلي    الدكيك وأسود الفوتسال واجدين للمنتخب الليبي وعينهم فالرباح والفينال    ضربات تستهدف إيران وإسرائيل تلتزم الصمت    تفاصيل هروب ولية عهد هولندا إلى إسبانيا بعد تهديدات من أشهر بارون مخدرات مغربي    بعد نشر سائحة فيديو تتعرض فيه للابتزاز.. الأمن يعتقل مرشد سياحي مزور    مليلية تستعد لاستقبال 21 سفينة سياحية كبيرة    تقرير يُظهر: المغرب من بين الوجهات الرخيصة الأفضل للعائلات وهذه هي تكلفة الإقامة لأسبوع    واش اسرائيل ردات على ايران؟. مسؤولوها اكدو هاد الشي لصحف امريكية واعلام الملالي هدر على تصدي الهجوم ولكن لا تأكيد رسمي    المغاربة محيحين فأوروبا: حارث وأوناحي تأهلو لدومي فينال اليوروبا ليگ مع أمين عدلي وأكدو التألق المغربي لحكيمي ودياز ومزراوي فالشومبيونزليك    "الكاف" يحسم في موعد كأس إفريقيا 2025 بالمغرب    خطة مانشستر للتخلص من المغربي أمرابط    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    نصف نهائي "الفوتسال" بشبابيك مغلقة    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة للفن الشاذ لا يقاس عليه.. المهرجان الدولي للمعاهد المسرحية: ما له وما عليه.. بقلم // ذ. بوسيف طنان
نشر في العلم يوم 24 - 12 - 2019


صور بعض العروض التي عرفها مهرجان المعاهد المسرحية
رسالة للفن الشاذ لا يقاس عليه.. المهرجان الدولي للمعاهد المسرحية: ما له وما عليه.. بقلم // ذ. بوسيف طنان
الفنان ذ. بوسيف طنان
عرفت الساحة الفنية المغربية تظاهرة ثقافية وفنية بالتحديد: المهرجان الدولي للمعاهد المسرحية، في دورته الخامسة والذي جاء من: فاتح نونبر إلى غاية السابع منه من سنة 2019 تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وهو مهرجان خاص بالمعاهد المسرحية بدول المعمور، من تصميم وإدارة جمعية: إيسيل الخاصة بسعيد باجة.
وبدعم من وزارة الثقافة والشباب والرياضة، قطاع الثقافة، المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، مسرح محمد الخامس ومشاركة بعض الشركات ومساهمة قلة من السفارات: المانياسويسرا –النامسا. وفتحت أبوابه في وجه الجمهور المختص وغيره بقاعة: عبد الصمد الكنفاوي (عروض محصورة العدد خاصة بزوار المهرجان والمعهد والمعاهد الزائرة (من الساعة الخامسة بعد الزوال) وقاعة: محمد ابا حنيني ابتداء من السادسة والنصف ومسرح محمد الخامس (الساعة الثامنة ليلا).
أعلن عن افتتاح المهرجان بمسرح محمد الخامس على الساعة السابعة مساء، حيث تميز هذا الحفل بوصلات موسيقية، كلمات للسادة طاقم المهرجان والمساهمين والمدعمين لهذه النسخة من المهرجان، وكذا: تكريم الأستاذة الرومانية الأصل: إيوليانابرودوت ناصف، التي التحقت منذ ميلاد المعهد سنة: 1986 كأستاذة لمادتي: تاريخ الأزياء والسينوغرافيا، والتي تفرد في إلقاء كلمة في حقها كل من: مولاي احمد بدري المدير الأول للمعهد، والطالبة الزميلة، النائبة لها: صفية معناوي، التي جاء في بعض من كلمتها “التقينا حجرة في درس غير اعتيادية يلبسك فيها سحر المكان وتقبل هي لتطغى بحضورها على كل تفصيل آخر” “تثقن فن الاستقطاب وضالعة في الاستماع، وحتى لو التحفت بكل أغطية الجمود لتواري ألما ما، فهي عالمة وعارفة بك أكثر منك”.
“حلمنا معا بمسرح آخر، مسرح أبطاله من غزينا به المغرب الكبير، حلمنا معا وأحبطنا معا، اتفقنا حينا واختلفنا أحيانا.
“كيف لي أن أحكي عنها وهي التي جعلتني أستاذتها المساعدة في مادة تاريخ الزي وجادت علي بكل أسرارها ونقشت في الروح حب هذه المادة التي جعلتها تخصص لدراستي العليا…”
“كيف لي أن أحكي وعمن سأحكي عن الأستاذة أم الصديقة أو الراعية أو العرابة…”
مهرجان المعاهد المسرحية
تقديم يفضح العلاقات الغير سوية بين الطالب وأستاذه، علاقة مشبوهة توضحها الكلمة في مجمل توصيفاتها، هي بحق ضرب لمصداقية هذه الأستاذة لأن الكلمة تعترف بوضوح بالتبعية التي تأسس لتاريخ الموالات والانبطاح بهذه الشعبة على وجه الخصوص، فعوض الحيادية الموجوب اعتمادها من لدن أي مدرس أو ملقن، فبتنا نلاحظ ونرى ونستنكر كل ما يدور في دواليب هذه الشعبة من تبعية وانتقاية خالية من الأسس القويمة التي تعتمدها أية مؤسسة، خاصة التابعة للدولة، في اختيار الأساتذة والقائمين على مهنة التكوين أو التكوين المستمر.
فحين نقرأ هذا الاعتراف الناص على: الصداقة، الرعاية ثم العرابة…، نفهم أن العملية مرهونة بمزاج ما وبتخطيط وتدبير لا مسؤول وخارج عن المنظور التربوي ويدور في فلك العصبة والعصابة، لأن كلمة عرابة ماهي إلا مؤنث لكلمة عراب، وهو قائد العصابات العابرة للدول أمثال المافيا الإيطالية، الأمريكية، الروسية وآخرها التركية والصينية، فهل كانت تعي هذه الطالبة بالمنحى الذي ساقت عبره هذا الاصطلاح المعترف ضمنيا بخلق مؤسسة داخل المؤسسة كمنظومة خارجة على القانون، وهذا ناجم من عفويتها وصراحتها الطاغية على كلمتها والفاضحة لموالاة غير مقبولة ضمن المنهج التعليمي في سائر بلدان المعمور.
وكيف سمحا لبعضهما أن يخرقا القانون: تعيينها مساعدة لها لتدريس مادة: تاريخ الازياء (وليس الزي) دون النظر والالتفاتة لأساتذة التعليم الفني الذين سبقوها في امتهان هذا الاختصاص وتخرجوا قبلها منذ عشرات السنين؟
صور بعض العروض التي عرفها مهرجان المعاهد المسرحية
قد يقول قائل بأنها (الأستاذة سرولوت) الأدرى بقيمة من درستهم، والأقرب منهم ومن كفاءاتهم وأنا أقول العكس، فالقانون فوق الجميع، فالأولى: أن يعلن عن امتحان في المادة يتبارى فيه الخريجون لاختيار الأساتذة المشهود لهم بالكفاءة عبر نتائج الامتحان الذي يخضع للجنة حيادية قادرة على انتقاء هذه الكفاءات دون عاطفية أو محسوبية أو زبونية، أو أي تصرف مشين يمس بكرامة الأساتذة وحتى القطاع الفني الذي بات موغل في: نبذ التميز وإعلاء منظور: المزاجية المشبعة بالعاطفية.
أنا لا أحاكم أحدا، بل مجرد عابر في كلام لا يراد منه أن يظل عابرا في مسار عابر، بل كلام معقول، مقبول يتسم بالجدية المراعية للحقوق المآزرة للنفوس المتذمرة من جراء تعاملات طفولية مبنية على المساندة العفوية والتجسيسالمخابراتي والذي لا يخدم مصلحة الإبداع ولا الفن ببلدنا، الذي أضاع العديد من المال بإضاعة العديد من الفرص في غياب من يقول مقولة حق أو ناقد ينتقد المنظومة العاصفة بالطموح المقبرة للأهداف.
أي مصداقية تكون لشخص يكذب كتابيا، إذ تقول بأنها “حب هذه المادة التي جعلتها تخصصها لدراستي العليا” وهي تقصد مادة: تاريخ الأزياء، وبالنظر الثاقب الممحص لنهج سيرتها نكتشف أنها حاصلة على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في مادة: الدراماتورجيا والنقد المسرحي ! فما علاقة الدراماتوجيا بتاريخ الأزياء؟ أليس هذا كذبا بواحا وزورا مسطرا بوضوح، المولع بتاريخ الأزياء عليه أن يتمم مشواره الدراسي في هذا المجال بالضبط، وهو تبجح وخروج عن علم الدال والمدلول، وهذا واضح حتى في كون دراستها الحالية في الاستعداد لإعداد أطروحتها للدكتوراه الخاصة ب: ديداكتيك اللغات، الترجمة والفن بجامعة ابن طفيل.
رسالة للفن الشاذ لا يقاس عليه..
تنابز بالألقاب له ما يبرره، مرجعيته موالاة غير مقبولة تمس بمصداقيتها ومصداقية المؤسسة التي تخرجت منها وخاصة شعبة الاختصاص، فناهيك كونها: مسؤولة عن تسيير دار الثقافة بالزمامرة، فهي أستاذة متعاقدة بالمعهد لمادة : تاريخ الزي (الأزياء) منذ سنة 2010.
ماذا تقول عن السرب المنتظر من زمان في لائحة الانتظار، أولئك الأساتذة الذين لم يوالوا أحد ولم يجدوا وظيفة ولا حتى تعاقدا؟!
ففي الوقت الذي تتيسر فيه السبل لشخص بالحصول على وظيفة ومسؤولية تأخذ منه كل الوقت، نجده يتمتع بالوقت الكافي لاستكمال دراسته العليا وكذلك التدريس كمتعاقد، فإلى متى تظل الموالاة يافطة تستر المتلاعبين بأحقية الناس في الإنصاف ومصالحتهم مع ذواتهم وإدارتهم؟ وكم من خريج يرضخ لآليات الإهمال والتقيير ولم يستدعى حتى لإقامة محاضرة، ندوة، إلقاء دروس أو أوراش…؟في حين الذين يدينون لرافعة الموالاة، هم الذين طفوا كالفلين فوق الماء واستأسدوا على الكل باسم: الكفاءة والمصداقية والأهلية.
احمد بدري اول مدير للمعهد
السكوت على مثل هذه التصرفات لا تخدم مصلحة فرد ولا جماعة، لا تخدم الفن ولا الإبداع، تذمر كل ما يقع تحت طائلة سلطتها المفوضة ظلما وعدوانا، ليس من الطبيعي أن تظل أسماء بعينها تسطو على كل الفرص المخلوقة لإعانة الفنان المغربي المتخرج دون حسيب ولا رقيب، لا لشيء سوى لكون الفنان الحق، بطبعه مسامح، يعفو، لا ينتقم حتى ممن حرموه من لقمة العيش! وتاريخ الإنتاج السمع بصري والمسرحي، التشكيلي، السينمائي والموسيقي يشهد على ذلك، فنحن نعلم عبر التجربة الميدانية كم من الرموز الفنية سلبت حقوقها المادية والمعنوية وحتى الاعتبارية في انتظار موجة تغيير تنقي الساحة من كل مغرض آثم أو لص مداري، فتأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن، يتم بالفعل التغيير على أثمه، لكن تظل النفحة الطامعة في حقوق الغير مستتبة بالقلوب الجشعة التي لا تقنع بالراتب والتحفيزات وحتى الهدايا والمجاملات، بل تنظر نظرة طمع لا يغمض له عين للاستحواذ على مستحقات المغلوب على أمرهم لأنهم يعلمون علم اليقين أن كل من سولت له نفسه المطالبة بهذا الحق المشروع، مصيره: الإهمال والتهميش، فيظل الفنان ينتظر الشخص المناسب في المكان المناسب، لكن دوما تظل القاعدة سارية المفعول، الشاذ لا يقاس عليه.
الغريب في الأمر أن هذا النهج يتطور مع تطور العصر، فكلما انتفض أحدهم وفضح شخصا أخذ حقا غصبا وبسبق إصرار وترصد أو ضبط بشيك كإثاوة وعمولة، فطالة العقاب تطول العقوبة حتى هذا المحارب الشجاع الموسوم بالشهامة والأريحية، ونبل الأخلاق، لأنه تكلم وفضح! وكأن ثمة عصابة خفية تنتقم ممن كانوا السبب وراء قائمة من عزلوا أو أوقفوا أو حتى من سجنوا، فالحقيقة والحقية أقول: القانون جرى مجراه في العديد من الأسماء التي تغولت في إدارات بعينها وحصدت ما تستحقه من عقاب، لكن إيالة أخرى خرجت للوجود وطغت كالمعتاد وكأن التاريخ يعيد نفسه فعلا، ليظل المجتمع طريح المرض من جراء هذه الأسماء التي لا تخاف لومة لائم، سواء من الخالق الأسمى أو المنظومة القانونية الساهرة على إحقاق الحق لكل مطالب به والضرب على أيدي الدود المسيء للبلاد والعباد.
لكن سنظل نحلم مادام الحلم هو الفضاء الأرحب الذي تسرح فيه آمالنا ونكون عبره الأفكار النافعة التي تدفع بنا للاستمرارية حتى إشعار آخر حيث تجاري منظومة مسؤوليتنا ما عرفته وتعرفه بلدان العالم التي خطت خطوات مثالية في الارتقاء بالفن والإبداع تماشيا مع المنظومة الحقوقية التي أسست لمجتمع يطبق القانون، يحترمه ويهابه، وأصبحت حياته مسلوكة بليونة مسلك الخير العميم والاعتراف القويم بكل مجهودات الأفراد والجماعات، وليس الغبن الذي طالنا ولا يزال وكأننا محكوم علينا من طرف شرذمة لا تحترم حتى نفسها، من منطلق أنانية غبراء لا ترتقي بهم ولا بغيرهم من العباد، لتظل الأرض تتضور ألما وهما وحتى جوعا ليفرحوا هم ويسعدوا ويؤسسوا لهم ولذويهم ولأبنائهم امبراطورية من المال السائب المتحصل ظلما وعدوانا؟!
صور بعض العروض التي عرفها مهرجان المعاهد المسرحية
نعود لأصل الموضوع بعد هذا التعريج، ونذكر أن كل مهرجان من مهرجانات العالم باعتباره تظاهرة مجتمعية تمول من مال دافعي الضرائب، ومن ثم يحق لكل مواطن وليس كل متابع أو مختص أن يحاسب منظميه أو نقدهم والمطالبة بالتصويب وإعادة الأمور إلى نصابها كلما اعترت إحداها منقصة من النقائص.
فما دام من أوليات المهرجان الدولي للمعاهد المسرحية: الانفتاح على باقي المؤسسات التكوينية في ربوع القارات فلابد لهذه الهيئة أو المؤسسة المتحملة لمسؤولية تنشيط هذه البادرة أن تعتمد الأطر الحقة، الناضجة المشهود لها بإبداعيتها ونفسها الطويل في المجال، لا أن ترتكز على أشخاص بعينهم ينهجون نفس النهج الذي يمشون عليه بعنجهية جاهلية، إذ اغلبهم موالون لهم، وهذا الولاء مبني على تبادل المصالح الضيقة المتمثلة في : اعزمني أعزمك، كرمني أكرمك، قبضني أقبضك، ارفع بي أرفع بك! وهي معاملات غضة، نثنة لا ترقى إلا لمستوى منحط: أكل عليه الظهر وشرب، مادامت هذه المهرجانات تمول وتقام بمال الدولة وليست حكرا على أحد أو هي غنيمة أورثت لهم رغما عن أنوفهم، يحق لهم العبث فيها كما يحلو لهم سوى لكونهم: أصحاب الفكرة البادرة!
أزيد من عقدين من الزمن وأنا أعيش في هذه المتاهة التي لن تنقضي اللهم ثلاث منهاأعترف بها لاعتدادها بالكفاءات وحسن التسيير والتدبير والانفتاح المطلق بالمعنى الحضاري للإصطلاح: المهرجان الدولي للسينما بمراكش، مهرجان تيميطار بأغادير – مهرجان الوطني للسينما بطنجة، حيث التغيير لا يطال البرمجة فقط بل يطال المدراء والمنظمين والمنشطين وحتى الضيوف، ولن تجد اسما مقحما لأنه موال لفلان أو فلانة أو مقحم تحت توصية شخصية من مسؤول نافذ أو مدفوع لخدمة أجندة جهة لا مصداقية لها…
احمد مسعاية ثاني مدير للمعهد
أما مهرجاننا الذي ناهز السنة الخامسة لميلاده فبمجرد استقراء بعض لوائحه المتصدرة لكل نسخة لابد أن نشتم رائحة الموالاة وإلا رأيت ذلك عيانا دون حاجة لحاسة الشم، أو السمع لكلام يلاك في المقاهي وممرات المؤسسة المحتضنة له، ولا داعي لذكر الأسماء لأنا لا نطمح في المس بعدد كبير من الأسماء التي وردت في نسخة من النسخ، خاصة وأن الأمر سيطول بنا لفتح دواليبه، الشيء الذي سيطيل الحديث في هذا القوس المفتوح على مصراعيه، وقد نعود لهذا القوس لإحداث شرخ في خفاياه إن لم يرعوي كل جاحد لنعمة البلاد عليه، وناكر للجميل لما أسداه له أساتذته القدامى، وسابقيه، واعترافا بالرسالة الفنية الملقاة عليه والتي أوصلها له طاقم التدريس، بالمعهد على أحسن وجه، لا لأن يحيد بها نحو المجزرة المنكلة بالأرواح والأجساد، وكأن الجهة الوصية على القطاع منحته حق الصمود بمقصلته القاطعة للرؤوس ليحصد مزيدا من الضحايا من بين لوائح النقاد، المخرجين، الكتاب، المشخصين، الذين درسوهم أو سبقوهم أولهم التجربة المعتد بها دون منازع.
من واجبات هذا المهرجان : تلاقح التجارب،فماهي التجربة المتميزة التي لقح بها وعبرها هذا المهرجان تجارب المؤسسات الوافدة على البلاد، لاستقصاء تجربة معهدنا الذي حمل مشعل التجريب والرفع من مدارك المسرحي المغربي عبر تكويناته الأكاديمية وشعبه الثلاث منذ سنة 1986؟ هل فعلا تمكنت إدارة المعهد بمعية الجمعية أن تفتح باب التباري على مشروع يمثل المعهد، ويتم عبره انتقاء عمل مشرف من لدن لجنة مختصة تضطلع على ملفات المترشحين من بين الطلبة المقدمين على التخرج أو أساتذتهم أو حتى أساتذة تخرجوا من هذه المؤسسة ولازالوا يعانون من ويلات البطالة والبطالة المقنعة، أو مغمورون في مكاتب أو إدارات أهدرت قوتهم في البحث والتباري والتنافس؟
خلق برامج تشاركية، أو فتح المجال أمام مجموع المهنيين القادرين على تقديم فكرة طموحه، أو منهج جديد أو مبحث من مباحث فنون العرض الحديثة مطلب لا يحيد عنه إلا عامل على ترك الحال كما هو عليه، والشد على أيدي الخاذلين للفن والفنان المغربي المحترف سواء المتخرج من معهدنا (isadac) أو معاهد خارج الوطن، لأنا نعلم علم اليقين أن ثمة العديد من الأسماء فضلت التملص من مسؤوليتها بعدما تعرفت على واقعنا الفني المرير الذي أصبح كعصابات مافيوزية تشتغل في الخفاء وتستفيد لوحدها وتقبر كل الطاقات الحاملة للمشاريع التجديدية، أو التجارب النيرة.
مدراء المعهد السابقين
هذا المهرجان كان بوده أن يفتح أبواب كثيرة في باب تبادل الأطر، لاعتباره سوقا مفتوحة على تجارب بلدان لابد أن يكون حلولها بين ظهرانينا ليس للسياحة والاستجمام بل لتطعيم المؤسسة المكونة لدينا بأساتذة وأطر تسير بمنهجية يحتذى بها أو تجربة ناجحة مشهود لها، أو لمنحى تجريبي يهم القطاع التكويني المسرحي المغربي، وإلا فسيظل هذا المهرجان شأنه شأن كل المهرجانات ذات الطابع الاستعراضي الفني والتي تنضح بها كل مدن وحتى قرى المملكة إلى درجة كون مدينة واحدة تعرف أكثر من مهرجان مسرحي.
سيقول قائل بأن مديرية الدراسات كفيلة بهذا المنحى والاختيار، ونحن نقول بأن هذه المديرية لا يمكنها الاضطلاع على كل ما يروج من تجارب ومدارس في بلدان العالم، لكن هذا المهرجان كفيل بأن يعينه على اكتشاف خبرات وطاقات زائرة لنا ويمكن الاستعانة بها للاستفادة من مخزونها والنهل من معينها المعرفي كأساتذة زائرون أو قارون، أو متبادل بهم لأمثالهم من أساتذة المعهد القارين أو المتعاقدين أو العاملين في الساحة ميدانيا.
هل استطاع هذا المهرجان من خلق تجربة ماستر كلاسات تجمع بين فعاليات أكثر من مؤسسة أو أكثر لدولتين أو أكثر؟ هل استطاع المهرجان أن يبحث عن منحة أو يقدم منحة لخريج أصبح مهنيا، عل شكل ماستر كلاس أو دورة تدريبية تعلي مقام المعهد بالدول الزائرة، أو الدفع به كمبدع يخطو نحو خلق طريقة جديدة أو إرساء قواعد حديثة في مجال الأساليب المسرحية الموجوب المتح منها تغييرها أو حتى إسقاطها؟!
جمال الدين الدخيسي رحمة الله عليه المدير الذي سبق المدير الحالي
طبعا لا.. لأن الطاقم المسير لهذا المهرجان لاهم له سوى أن تمر التجربة دون سكب مداد أسود مع التهليل والترحيب بكل الكتابات المطبلة والمغرقة في الإعجاب والإصداح بالتجربة، كتجربة ناجحة متفردة أبلت البلاء الحسن، وتبا لكل الأقلام الناصحة المنتقدة المنظور إليها كعدوة للتمييز والنجاح والمناهضة للنهضة الفعلية للقطاع وما تقدمه من تنمية للفكر والذوق !
استشفت شخصيا بالنظرة العامة التي أرادت بعض المؤسسات المحترمة لنفسها ولمنظومتها التكوينية أن تعكس لنا بمهنية، فتوصلنا بوضوح للمستوى التكويني بهذه البلدان : الصينالسويد –إيطاليا، الشيلي… شيء من الوضوح الحاصد للإعجاب بالتميز.
فهل استطاع المعهد (ISADAC) إلى منح وعكس هذه الباقة التكوينية الرائدة لفننا، للفرق والمؤسسات الزائرة خاصة عبر مسرحية: قاعة انتظار، التي تناولناها بالدرس؟ لا أعتقد! مادامت التمثيلية تشوبها خروقات وتميزت بالارتجالية المعتادة ككل دورة مهما التفوق في الأداء الذي أبانه المشخصون الخريجون.
صور بعض العروض التي عرفها مهرجان المعاهد المسرحية
من واجبات هذا المهرجان وكل مدعميه والواقفين معه من قريب أو بعيد: وضع المعهد في الواجهة، وكأنه يافطة تعريفية لما يدور في أقسام المعهد وفيما يشغل مكونيه من أفكار وهموم إبداعية، وهذا طبعا لن يتأتى إلا بخلق إدارة قارة تشتغل على مدار السنة، بطاقم ثابت وقار لاهم له إلا خلق طبعة منقحة ومزيدة تشرف البلاد والقطاع والزوار، وإن قال قائل بالعجز المالي والتدبيري للعملية: فمرجعه حتما قصور في الجهد وقصر النظر وانعدام رؤية ثاقبة ذات منهج علمي يتماشى وما يروج في هذا الحقل في جد واجتهاد في استجلاب المستشهرين، المدعمين، الشراكات وما إلى ذلك من الآليات المعتمدة في علم الاقتصاد والصناعة الثقافية للتمكن من خلق المبتغى والوصول للمنشود.
هل منح هذا المهرجان فرصة التعارف الضرورية بين طلبة معهدنا والمعاهد الأخرى عبر التلاقح والتعرف على التجارب والطاقات القادمة للمشاركة في هذا المهرجان؟ شخصيا أرى عكس ذلك، فقد بات المستفيد، عينة دون أخرى، تعد على أطراف الأصابع، لأسباب البرمجة، وتوقف البرنامج بعد العرض الأخير المقدم بمسرح محمد الخامس وبعده يبقى متسع للأكل والراحة الخاضعة للمزاجات الفردية…
وماذا عن مجال البحث؟ متى سمعنا أن إدارة المهرجان أتحفت المولوعين بالمهنة وهذا الفن ببيان أو تقديم دراسة، أو محاضرة تعكس فيها ما خلصت إليه من بحوث وما استخلصته من مباحث يحق للعامة والخاصة معرفة خلاصتها؟!
صور بعض العروض التي عرفها مهرجان المعاهد المسرحية
هل لهذا المهرجان خلية بحث تعمل على الخوض والتأسيس لمبحث من مباحث المناهج أو الأساليب الممكن إخضاع أكثر من مؤسسة لها وانخراط على الأقل فرد ممن يهتمون بمجال البحث الفني في كمالية العروض وجمالياتها للخلوص لتجربة دولية مشتركة، أو إخراج كتيب نظري يعكس باب: البحث والبحث المستمر في مجال الفنون الاستعراضية؟
التعريف بمجالات البحث عرف قصورا وانتقاصا لمؤثثات هذا المهرجان وغيره من المهرجانات الخائضة منذ عقود في هذا المسار، إذ البحث التقصي، المتابعة، النشر من سلبيات هذا المهرجان على مدار الخمس طبعات المتقادمة والداخلة في فلك المنسي.
وفي هذا الباب، التعريف بمستجدات النشر والطبع، أتذكر أنه سبق أن أولاها المهرجان أهمية عابرة في الدورة الثالثة إن لم تخني الذاكرة، أما ما بعدها وهذه السنة بالذات فلا معرض للكتاب المسرحي ولا تعريف بالكتاب أو المجلات أو حتى الملاحق الثقافية والفنية سواء التي تابعت فعاليات الدورات السابقة، أو النصوص المسرحية الصادرة بالمغرب أو الوافدة على المكتبة المغربية من الدول الأخرى بلغتها الأم، أو المترجمة من لغتهم للعربية أو العكس، فهل المهرجان يقتصر فقط على تقديم العروض وكأن المتلقي الطالب أو المهني ما عليه إلا متابعة العروض وليس من حقه التعرف على مستجدات الكتابة المسرحية: نقدا، تاريخا ونصوصا…؟
صور بعض العروض التي عرفها مهرجان المعاهد المسرحية
أليس حري هؤلاء أن يشحذوا همهم لتسهيل عملية: تبادل الكتب والعمل على ترجمتها إلى مختلف اللغات؟ أم هذا لا يدخل في مجال اختصاصهم ولا علاقة له بمهنة التلقين المسرحي؟ واكتساب المدارك والمهارات؟
كان بالأحرى لمديرية الدراسات ومدير المعهد وإدارة المهرجان، أن يمكنوا على الأقل: طلبة شعبة التنشيط للمساهمة الفعالة في إدارة وتنشيط فعاليات هذا المهرجان، كتجربة ميدانية تأهلهم للدخول في معترك العمل الفني والتواصلي وبشكل تداولي حتى تعم الفائدة على الكل ويصبح المهرجان بدوره فترة تكوين وصقل موهبة وتجارب وإلا فما الفرق بينه وبين سائر المهرجانات المسرحية الأخرى سواء الدولية، الوطنية، أو المحلية؟!
إن الأشخاص الذين لا يؤمنون بأحقية الآخر في مشاركتهم ما بنوه وما اكتسبوه وما بنوه وأمموه بلا وجه حق، لا يحق لهم أن يتبجحوا بالرسالة المهنية التكوينية التي ينخرطون فيها ولا يومنون بها حق القناعة المثلى، بقدر ماهي بالنسبة لهم إلا: دخل يصنعون به مجدهم المندحر والرفع من مستواهم الغير مرئي والنفخ في أسمائهم لا غير.
صور بعض العروض التي عرفها مهرجان المعاهد المسرحية
وتصرفات العديد من مديري هذا المهرجان أثبت للمجتمع المتمحص الفاهم للعبة الفنية بالبلاد: أنهم عار على المهنة، يسيئون أيما إساءة لطاقم المعهد – لأنهم ضمن لوائح التدريس به- ولا يشرفون مهنة الإبداع ولو ظل يطبل لهم كل الذباب الإلكتروني وحتى أشباه الصحفيين الذين يقتاتون على الحروف المدفوعة الأجر وتحت الطلب ولو بثمن زهيد قد لا يتعدى أكلة أو جلسة شرب لقهوة أو غيرها…
كان من الضروري ومن واجب مديرية المهرجان اقتحام الطلبة بالتخصصات الثلاث ضمن الطاقم المشتغل والمعتمد عليه في تنشيط أو استقبال وإعانة الوافدين وتوفير الأجواء اللائقة والضرورية لتمكينهم من إقامة العروض في أجواء ميسرة، كما تمكن هؤلاء الطلبة من التمرن العملي سواء في التنشيط، الإدارة، اللوجستيك، التدبير والملحقات والتزيين، وعلى الأقل كملحقين بالفرقة كمساعدين بشكل من الأشكال لمتابعة كيفية تمكن الفرق من تخييط العروض أو الاشتغال بصفة عامة بين المشخصين والمخرجين وحتى التقنيين، لأن مثل هذه المبادرات هي التي تحبب المهنة لكل معتد بالمهن الفنية وحالم بولوج عوالمها المعروفة بخصوصيات تندمج في متعارفات يستلزم التطبع بها واختبارها عن قرب.
جاء هذا المهرجان كالمعتاد لحرمان الطلبة من الدروس المبرمجة بالطور التكويني المسطر من لدن الإدارة والساهرة على تنفيذه: مديرية الدراسات، الشيء الذي يؤثر سلبا على سيرورة المعهد وعلى نفسية الأساتذة الذين لم يضعوا في الحسبان هذا الحدث الطارئ، وهذا واضح في استعمال الزمن الجامع بين الطلبة والأساتذة والخاص بهما، وهذا يعني في العمق أن زمن إقامة هذه التظاهرة لا تخدم مصلحة الطلبة والأساتذة سواء المعنيين بهذه البادرة في وطننا أو المدعوين لها من باقي بلدان العالم، لأنها لو كانت تراعي شروط وأدبيات التكوين لاعتمدته في نهاية السنة بعد كل تخرج أو في الصيف أو على الأقل قبل إجراء امتحانات الولوج للمعهد، لتعم الفائدة وتثمر المساهمات ويغطى الحدث بشكل متميز يرقى لطموح كل غيور على سمعة المعهد: طلبته ومتخرجيه والطاقم التدريسي الساهر على تطبيق برامجه.
صور بعض العروض التي عرفها مهرجان المعاهد المسرحية
لكن المتتبع لكل دورات هذا المهرجان يلاحظ بالملموس أن ثمة إقصاء ممنهج لأغلب الأساتذة العاملين ضمن الأطر المكونة بالمعهد سواء القارين منهم أو المتعاقدين وهذا نهج دأب على تطبيقه بعد التخطيط له من لدن العديد من مدراء واللجن المنفذة لأغلب مهرجاناتنا الفنية سواء كانت مسرحية ، سينمائية، تشكيلية أو موسيقية أو حتى الخاصة بالكتاب.
وهل تهميش باقي الخريجين القدامى الذين أسعفهم الحظ في الحصول على وظيفة أو تمكنوا من فرض ذواتهم على الساحة أو حتىالرازخين تحت طائلة البطالة،؟ لا يحق لهم أن يتوفروا على التفاتة أو اهتمام؟ هذا النوع من التهميش الذي طال ويطول الخريجين لا يمكن قبوله أو السكوت عنه، باعتبار المهرجان ينطق باسم مؤسسة تخرجوا منها وكون الاعتماد المخصص له يخرج من جيوب دافعي الضرائب، ولا يحق لأي كان أن يستغل أي مال عام لصالحه ناهجا نهجا إجراميا مرفوضا في كل البلدان المحترمة لنفسها وبالأحرى الأطر الفنية التي ارادت أن يكون مسارها مرهون بالعنف والإبداع.
إن اعتماد الدائرة المغلقة للانتقام المحدود لا يحق لأي كان أن ينهجه مادام المال الذي تحرك به دواليب هذه التظاهرة مستخلص من عرق ذويه، جيرانه، أحبائه وأصدقائه، وإلا فستظل السيادة للطغيان السافل الذي لا يخدم البلاد ولا العباد، بقدر ما يؤسس لمنظومة انتفاعية المنتفعين جدد همهم الاغتناء أو الجشع وإلا فهمهم الأول والاخير: أن يظلوا في الواجهة! صورهم تتصدر العناوين ويقام ويقعد لهم دون حق، لهذا يستلزمنا التنديد بمثل هذه التصرفات الجاعلة من المهرجانات الوطنية في الأغلب نوادي خاصة للمرضي عنهم، والعاملة بجدية على إقصاء وتهميش المغضوب عليهم ممن لا يؤمنون بالانبطاحية المذلة للكرامة ولا للاستجداء المهني.
صور بعض العروض التي عرفها مهرجان المعاهد المسرحية
إن عدم الاعتراف الضمني بالطاقات والكفاءات خريجة المعهد، هو اعتراف بحق بعدم أهلية هذه المؤسسة التي لم يخطط لها أن تنهج نهجا ناكرا أو مقبرا أو حتى ملزما للحياد، لأن المعهد خلق لخلق توازنات فنية على الساحة وشاء القدر أن ينجح في مهامه مع الرعيل الأول، حيث أبان العديد من الخريجين الريادة والأولوية وفرضوا أنفسهم في مجالات إبداعية عدة: سينما، مسرح، تلفزيون، تشكيل، ديكور، كتابة…
الناكر لهذا المسار وهذا النفحة الإبداعية الطافحة على السطح والتي باتت تخبو من جراء تكثلات شبه حزبية همها الأول والأخير: نبذ المتعارف عليه والإطاحة بهرمية الأحقية في الصدارة والأهلية الفنية والإبداعية ومن تم تكون إدارة هذا المهرجان تسير عكس التيار وكأن لها نزعة عدائية مستشرية تصرفها تصريفا عبر هذه التظاهرة،آملة الاستمرارية في نهج ديكتاتورية غريبة الأطوار!
فعملية إيلاء الأهمية القصوى لأسماء بعينها نهج مغضوب عليه ومرفوض يؤسس لموالاة لا طائل منها إلا صنع اليافطة الإلكترونية الباهقة مع مرور الوقت، وهذا لن يخدم فنا ولا فنانا، لن يعمل على إخراج البوارد المراهن عليها، أو تقديم نموذج فني مجدد مراهن عليه وهو سر استثمار الدولة فيه، لكونه يدخل في فكل البحث الفني المنسي في بلادنا بتضامن لامشروط مع كل القطاعات المشتغلة في مبدأ الفن والثقافة، ومن ثم ظلت الساحة الفنية تعرف ركود ملموس في هذا المنحى سواء في مدرجات الكليات أو المعاهد الخاصة بالتربية الفنية والمعاهد المكرسة للإبداع.
الفنان سعيد ايت باجة المدير الفعلي لمهرجان المعاهد المسرحية
المهرجان العامل على خلق الفرقة ومبدأ التشرذم داخل الجسد التكويني للقطاع المسرحي والفنون الاستعراضية ككل لا حاجة للمجتمع الصغير أو الكبير به، لكونه يعتبر آلة هدر للمال العام وللطاقات ومجال لتطويق العملية الإبداعية ككل وحصر لها في قبضة أسماء بعينها، تحكمها علائق شاذة مناهضة لخدمة الفن بقدر ما هي مناوئة له وملحقة للإضرار به.
فالمؤسسة التي تعتمد الغش وتشجع عليه وتعمل على نشره كمبدأ قويم يتحكم في منظومة المهرجانات التي لا تبخل أي حكومة على دعمها والاهتمام بها كواجب ضمن واجباتها نحو الساكنة، لا يحق لها التواجد بشكل من الأشكال لأنها تنهج سبلا تعصف بقدسية الإبداع وتحط من شأن الفن ببلادنا ومن ثم وجب التصويب عبر النقد لعل الأمور تعود لنصابها ويحيد كل غشاش عن إيلاء الغش وخيانة الأمانة الفنية الصدارة وهي الموجوب محاربتها والعمل على مسحها من قائمة المعاملات الثقافية في أي بلد له ناس أسسوا بعرقهم ودمهم آليات حديثة لرد الاعتبار للفن والفنان وليس إقباره وتمريغه في الزيغ والخذلان.
هذا الغش الذي يطال عملية البرمجة أو انتفاء العرض الممثل للمعهد والبلاد كفيل بإقحام أشخاص لا يتوفرون على المصداقية، لا الأهلية أو التجربة، ليكونوا ضمن اللجنة المكلفة بانتقاء الأعمال أو تتويجها أو ضمن لائحة الفرز الموجوب تتويجها بأي جائزة من الجوائز الممنوحة بهذا المهرجان.
مدراء المعهد السابقين
فعدم اعتماد لجنة خاصة بالإعلام، خاصة: التغطية الصحفية، حسب المعمول به في سائر المهرجانات المحترمة لنفسها والخاضعة لدراسة جدوى فاعلة، محترمة لنظام خلق الإشعاع المناسب والأمثل لأي مهرجان، منقصة من نقائص هذا المهرجان الذي بات لا يطور نفسه بشحذ الآليات الضرورية لانتشاره والتعريف به دون الاختباء وراء ذريعة الإمكانيات المادية والمعنوية لا لشيء إلا لكون هذا المهرجان يخص هيئة تدريس نموذجية ومؤسسة تكوينية فريدة ومتفردة لا مثيل لها في أرجاء الوطن برمته.
ناهيك عن عدم خلق آلية من آليات التوثيق للمحطات والأنشطة التي عرفتها كل دورة من دورات هذا المهرجان لما له من خصوصية بوأته منزلة: التمثيل الدبلوماسي للفن والتكوين المسرحي ببلادنا، وهذه منتقصة أخرى تعتري هذا المهرجان كما تعتري العديد من المهرجانات التي طغت وعمت الساحة الفنية والثقافية كأنها وليدة ولادة قيصرية لا محيد عنها، محكوم عليها بالاستمرارية على الحال الذي شبت وترعرعت عليه دون حسيب ولا رقيب.
ولا يفوتنا الاستنكار والتعجب لممارسات وتصرفات أصبحت معتمدة في كل المهرجانات وهي المخلة بسمعة المهرجان والمقللة من قيمته والمحبطة لمتابعيه، نخص بالذكر الجائزة، هذه الجائزة المقدمة للأساتذة المشاركين والسادة المساهمين على حد سواء، هي بنفسها التي يحصل عليها متدخل أو عنصر فاعل أو شخصية منوه بها لسبب من الأسباب، إذ كان عليها ألا تكون متشابهة، فجائزة المتوجين الحاصلين على جائزة أحسن إخراج، سينوغرافيا، تشخيص، عمل متكامل، لا يمكنها أن تكون تشبه التي تقدم لمدير المركب المسرحي أو دار ثقافة أو رئيس بلدية أو رجال مطافئ، عامل، ولي، وما إلى ذلك من الشخصيات والمسؤوليات التي تلقى تنويها أو شكرا في مهرجاناتنا المختلفة، كما أن الدرع المصمم لهذا المهرجان كان عليه بدوره أن يخضع لمسابقة يتبارز فيها المصممون على إبداع ذرع أكثر أسلبة وإبداعية.
المدير الحالي للمعهد رشيد منتصر
لا يفوتنا أن نشيد بهذه التجربة مهما قصر نظرها وضعف إمكانياتها وتوغلها توغلا ملموسا في مبدأ الحيازة، وكأنها إرث خاص لمجموعة بعينها في حين كان عليها أن تتحرى مزيدا من التحرر المبدئي، في وضع الفن نصب أعينها والمسرح وتكويناته كمهمة تابعة لمنظومة المعهد، والواجهة التي يطل عليها الكل من داخل البلاد وخارجه. عن المستوى والآفاق، عن الطموح وآليات تحقيقه بهذه المؤسسة، في انتظار إخراج المشروع الموغل في السباةالناص على خلق معاهد جهوية تكون الروافد المؤثثة للمعهد وأكثر من نواة حية تطعم مجهودات أساتذة التعليم الفني ببلادنا.
أتمنى أن تكون الأعين المتمحصة لهذا لمقال ذات قلب سوي، نقي، قادر على العودة للأصل والتشبع بمعين أخلاقيات المهن الفنية المبنية على توافقات وحب عميم للجميع قبل حب المهنة نفسها، والاعتزاز بالنفس يولد أنانية مرضية تحتم على الفرد والجماعة العودة إلى الإقطاعية الفنية باعتماد تكثلات عابدة لصنم مندحر، ونتمنى دوما البقاء للأصلح، لأن كل ما بني على باطل يظل باطلا لهذا نردد على الدوام : الشاذ لا يقاس عليه، والشاذ ماهو بالقاعدة، وغير كفيل بتأسيسها لأن القاعدة العامة تبنى على أسس علمية ومنطقية تراعي ميثاق الشرف وتراعي حرية الأفراد والجماعات وتناشد الكل في الانخراط في أحقية الفن بالاحترام الموروث عبر الأجيال الغابرة.
بقلم // الفنان ذ. بوسيف طنان
صور بعض العروض التي عرفها مهرجان المعاهد المسرحية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.