إذا كانت المناسبة شرط للحديث عن موضوع آني فالظرف يفرض ونحن نعيش أيام الدخول المدرسي الكلام عن التعليم بشقيه العمومي والخصوصي في هذا الزمن الذي خبت فيه شعلة الأول وتحول الثاني إلى غول ينهش الجيوب بما لا يطاق من المصاريف التي أصبحت حديث المواطنين. فيوم كان للتعليم العمومي حرمة وثقة مكتسبة من المواطنين رأينا كيف أن المدرسة العمومية استطاعت بمناهجها القيمة ورجالاتها من المعلمين والأساتذة أن تنجب خيرة أطر هذا الوطن الذين تدرجوا في الأسلاك ووصلوا للمناصب العليا في تسيير وتدبير أمور الدولة لكن مع مرور الأعوام وتضارب المناهج والهزات المتتالية، المادية منها والمعنوية للعاملين بهذا القطاع العومي فقدت الثقة فيه مما سهل الطريق أمام نظيره الخصوصي الذي تموقع داخل البلاد في كل جهة ليتحول اهتمام المواطنين إليه أو بالأحرى القادرين على الدفع بهدف ضمان مستقبل دراسي جيد لأبنائهم، إلا أنه مع تعاقب الأعوام ومن دخول مدرسي لآخر بدأت أصوات أولياء التلاميذ من الذين. اختاروا تعليما خصوصيا لأبنائهم تتعالى أمام ارتفاع التكاليف بدءا من التسجيل كل سنة ثم الأجر الشهري واللوازم وإجراءات أخرى مما بات معه الدخول يكلف الأسر فاتورة مرتفعة جداً. من هنا نرى أن التباين الذي حصل ما بين المدرسة العمومية والخصوصية يعود بالأساس لفقدان الثقة لدى المواطنين في مدرسة الشعب التي كانت إلى زمن قريب هي السائدة والمنتجة أمام عجز الدولة حتى الآن في إصلاحات جادة لاسترجاع الثقة فيها وتصالح المواطنين معها. أخيرا اختصر الحديث عن التعليم الحر الذي بادرت الحركة الوطنية لإحداثه لمناهضة غطرسة المستعمر التي كانت تهدف إلى طمس لغة البلاد العربية فصانعوه رجال أوفياء كان همهم تربويا ووطنيا صرفاً من أجل تكوين أجيال مغربية من حاملي لغة الضاد دون التفكير في ربح مادي أو إرهاق كاهل عباد الله المغاربة وقتها. عكس ما نلاحظه حاليا من كلفة جد مرتفعة بالتعليم الخصوصي الذي أصبحت مصاريفه لا تطاق.