لا اعرف ان كان هذا العصر او هذا المكان بالضبط الذي يبقى عصيا على الفهم ، قادرا على احتواء مبادرات جميلة تخرج من بين ثنايا فلتات ابداعية شابة من خلال جمعية ألوان للسينما والمسرح ببن جرير وهي تنخرط في مهرجان الوان لمسرح الشارع بفتح كوة في ذاكرة الاعتراف لابي الفنون الذي لا زال وسيظل حالة نخبوية فردانية تشبه الى حد ما عمل واجتهادات المتصوفة . الاعتراف سيد الادلة وتكريم عبد الرحيم المنياري ذلك الفتى الشرير كما جسده برنامج مداولة في ثنايا اللاشعور الجمعي للمغاربة كل ليلة احد على القناة الاولى في انتهاك الجغرافيا السرية للقانون قبل ان تنتهي محاكمته بانتهاء البرنامج لنقف على رجل اخر يعيش كل الطيبوبة التي رسخته نموذجا وطنيا يستحق كل الوفاء والتقدير . عرفت عبد الرحيم المنياري منذ متصف سنوات التسعينيات ذات مرة في مقهى بالحي الحسني قرب جامع افغانستان ، وكان اخر لقائي به منذ سنوات خلت صدفة في بني ملال اثناء مشاركتي في احدى الندوات وجدت معها ذلك المشاغب الجميل منهكا مريضا بعض الشيء بسبب الاجهاد اثناء تصوير احد ابداعاته الفنية بالمدينة الاطلسية التي اكتشف اسرارها بعيدا عن الدارالبيضاء ومشاكلها التي لا تنتهي ، وكما عرفته لا زال ذلك الرجل الذي لم يضع نفسه في برج نخبوي يؤدي الى عزلة منسية بل كشخصية متفردة تبحث دائما عن الابتكار المسرحي واحد التواقين الى المسرح كخلاص عقلي وجسدي ووجودي، الى جانب الرائع والمبدع عبد اللطيف خمولي احد الذين تنكر لهم المسرح المغربي بعد ان اصبح العثور على هذا النوع من الممثلين امراشاقا. مهرجان الون المقرر تنظيمه بمدينة بن جرير مابين 4 و 7 اكتوبر القادم، تجربة للخوض في مستحيل الثقافة بإمكانيات بسيطة وبإرادة مثالية من اجل الوغل في المسرح وفي الثقافة بوصفات اللذة والعشق والحسم لخيارات جمالية ستعمل على اخراج مدينة تعيش على ايقاع القبح والفوضى اليومية الخلاقة لتتحول في محاولة لبناء تاريخ فاعل يقتحم ويتشابك ويتصادم من اجل الحسم في خيارات وجودية ومعرفية لا تبنى بالحروب الصغيرة اليومية . جمعية ألوان للسينما والمسرح ستعيدنا عبر برنامجها الحافل الى اعادة النظر في ذواتنا ولمدة اربع ايام من اجل الخروج من الروتين اليومي لأنها كانت مثالا حيا وروحيا من اجل الانتماء الى المسرح من جديد كحالة صوفية استحقوا عليها ان يتربعوا على مسرح محبتنا جميعا …