بابتسامته الدائمة وطوله الفارع الذي يحيل على نخلة من نخيل الصحراء حيث التاريخ والحضارة ، يطل الفنان ونجم اليوتوب المغربي يوسف شنقاوي حاملا معه تاريخا من الضنى والألم وهو يحكي عن مغامرة -مائتي درهم- التي كانت في جيبه في يوم من الأيام وهو يقتحم المجهول بواسطتها بحثا عن الذات … منذ كلميم ، حيث الخواء الفاجع يرتب شنقاوي طفولته وأوراق صباه يكدسها في مخيلته ، يتعلم أبجديات التلعثم الأولى من اجل إدراك الوجود رفقة أسرته ، يتهجى ، يتوضأ و يصلي ، يتبرك بالفقه ، يتضرع إلى الله أن يخرج من تلك الجموع المقهورة في مدينة تنام قبل الجميع لان قدر الجغرافيا أرادها أن تكون بوابة ومدخلا إلى عمق الصحراء فقط … ابن بطوطة كتب رحلته ذات يوم عبر اللغة ويوسف شنقاوي يكتبها بالصورة وبكل الدلالات التي زلزلت وحركت العديد من شباب العالم العربي ومنهم المغاربة من اجل بناء التحدي عبر نموذج شنقاوي وهو يقتحم المجهول بحثا عن غد أفضل ، يغادر وهو مكسور الجناح ، ليس لكي يشنق تاريخه لأنه لازال مرتبطا بوطنه كما عبر عن ذلك في احد الأشرطة ، بل لان اسمه يوسف وهو اسم لنبي يحضر في ذاكرة المسلمين كنموذج لتحدي المعاناة والظلم والسجن الذي اكتوى بناره حتى من اقرب الناس إليه . ما بين كلميم واكادير ومراكش تكبر الحكاية ، حكاية من جحيم الوقت هزت يوسف شنقاوي وأربكت سكونه وفتحت بوابات الغضب على مصراعيها ، جلجلت صوته فقرر أن يغامر وان لا يخاف وان يعتلي ويرتفع ويرفرف في السماء بحثا عن آفاق أخرى في هذا العالم الرحب . تأتي مدينة دبي ، لتبدد الوحشة وتتحول الغربة في الوطن الأم إلى مجرد ذكرى ، في الخليج العربي يجد يوسف شنقاوي نفسه شابا أخر ، تفتح في وجهه بوابات الأمل ، يتذكر مدينته الصغيرة ، ففي الغياب عن الوطن والوالدين نتذكر اقل التفاصيل ، ينسل يوسف بروحه وبجسده الرشيق وهو يخط تفاصيل بنائه كل يوم بإحدى الصالات ليقتحم عوالم الموضة والشهرة يحكي بشخصيته المرحة عن فحولة أبناء الصحراء ، يهش حكاياته على الصبايا الباحثات عن وسم الرجولة التي غابت عن الكثير من شبان اليوم ، يصطاد البدايات الأولى من مغامراته وهو يمر كل يوم فوق البساط ليعلن للجميع أن يوسف شنقاوي حاضر بالقوة والفعل ، قوة التحدي والإصرار ، وأداء الفنان البسيط المرهف الحس المبتسم وهو يرصد كل التفاصيل الجميلة في حياته وأصدقائه وحتى مع اقرب الناس إليه من والدته ووالده عند حلولهما بدبي ، يقبلهما ، يصورهما ، يتدلل إليهما ، يضع كل الأشياء الجميلة أمامها وهو في إحساس لا يوصف و في تودد أبكى الكثيرين من متابعيه وهي رسالة مشفرة لمن تعمد الإساءة إلى والديه في يوم من الأيام من اجل إعادة المصالحة معهما . كل يوم يصعد يوسف شنقاوي إلى القمة ليس بحثا عن المجد أو المال ، ولكن بحثا عن الذات ، يصرف ويعطي ويمنح بكل الأريحية التي تميز أبناء الصحراء حيث الكرم الحاتمي الذي لا ينضب ، واعترافا منه بالجميل تابع العالم في احد أشرطته كيف أقدم على تكريم سيدة وقفت إلى جانبه في مرضه في يوم من الأيام مما جعله يكدس للجميع كل المحبة والتقدير جعلته واحدا من الفاتحين المغاربة الذين اخترقوا مسافات الذاكرة والتاريخ المغربي برصانة كبيرة ، اعتلى معها منبر اليوتوب والقلوب أيضا ، بعد أن أصبح يتابعه الكبار والصغار بلغة راقية محتشمة اكتشفوا من خلالها أن يوسف شنقاوي مفرد بصيغة الجمع ، عندما يستحضرونه ،يحضر معه المغرب وكلميم والحشمة والوقار والتحدي والابتسامة وكل الأشياء الجميلة . استاذ باحث من المغرب [email protected]