ليس هناك اذنى شك في كون النظام السياسي المغربي يمر بمرحلة غير مسبوقة تتعلق اساسا بتجادب وصراع محتدم بين معسكرين مختلفين الاول يدعو الى التجديد و التطوير و القطع مع طقوس المخزن البالية في الحكم و التحكم وصناعة النخب المخزنية دون فسح المجال لاي اصلاح كيفما كان نوعه، قد يمس بمصالح المخزن المتشابكة حتى في شق البزنس ونظام الحكم واختيار النخب امنيا وسياسيا ،وان كان هذا التوجه افرز انعكاسات اجتماعية تنذر بالاحتقان للمطالبة بمعالجة قضايا وملفات اجتماعية ،يعتبر تأجيلها خطرا حقيقيا لم يعد مقبولا حتى لدى مهندسي النظام نفسه من خلال خلق هفوات صارخة على مستوى توزبع الثروة و السلطة ،و فسح المجال لاقتصاد الريع والاحتكار الاقتصادي ،وضرب مصالح الطبقة الوسطى التي تنوء جراء المضايقات و التراجعات ، وتركيز نقط التحكم في يد قلة قليلة هي الآمر و الناهي بقبضة من حديد ، تعتبر التعددية السياسية خزانا متحكم فيه على المقاس بعد عملية اضعاف الاحزاب و شراء النخب و تفريخ كيانات جديدة للتحكم في المشهد السياسي ،و الاستتمار في الشق الامني بشكل كبير للحفاظ على اختيارات هذا التوجه بعلاته، واعطيت صلاحيات كبرى للاجهزة الامنية وتقوية اجهزة المخابرات عبر توفير كل الامكانيات اللوجيستيكية و البشرية المؤهلة ،لان بامتلاك المعلومة يقود حثما لامتلاك السلطة،و التضييق على المعارضين و استهداف حرية الرأي و التعبير عن طريق المحاكمات و المضايقات و تكميم الافواه ، وبات واضحا ان هذا التوجه يسعى الى هندسة مايشبه الدولة البوليسية في تناغم تام مع مصالح لوبيات الاقتصاد التي تتحكم في المشهد السياسي الضعيف اصلا . بالطبع ان كلفة هذا التوجه ستنعكس حثما على نسبة المشاركة السياسية بسبب العزوف السياسي الناتج عن تكرار مسرحيات رديئة الاخراج ،التي لم تفرز سوى حكومات تصريف اعمال لا تحكم ،وان كانت الدعوة الصريحة لحكومة كفاءات سقطت هي الاخرى في نفس اللعبة الهزلية، لتأجيل الاصلاح المؤدي الى اقتسام السلطة بمنطق رابح رابح ، والوطن بالطبع هو الرابح الاكبر، تحت مظلة ملكية مواطنة تسود ولاتحكم رغم التيار القوي الرافض لاي تغيير، الذي سماه بن كيران بالتماسيح والعفاريت وسماه اليوسفي شافاه الله وعافاه بجيوب المقاومة الذي يدافع بشراسة ويقود القصر الى التحفظ من اية عملية اصلاح مرتقب، في اطار ملكية برلمانية لحل كل الاشكالات و الرواسب العالقة والاستجابة لمطالب غالبية الشعب بشكل ناعم و متحكم فيه ، ويقود هذا التوجه متقفو القصر الذين يعيشون الاقصاء المبالغ فيه من طرف اجهزة التحكم التي تقبض زمام الامور بيد من حديد ،وتطيح بكل مبادرة من اجل الاصلاح في اطار ملكية تتقاسم السلطة مع الشعب بشكل فعلي دون تمويه ،قد يؤجل الاصلاح دون العمل على تنظيم و تقوية المشهد السياسي وفسح المجال لاحزاب قوية وفاعلة بمعزل عن طنجرة وزارة الداخلية و الاجهزة الامنية، وهي المقاربة الديمقراطية الحقيقية لتقاسم السلطة، التي تدعو لها احزاب سياسية بعينها رغم ضعفها ، وهناك تيار أخر يدعو الى حل البرلمان بغرفتيه و الحكومة و حل الاحزاب لفسح المجال لحكم الدولة العميقة ،بشكل يتناغم مع نظام الحكم الواحد في انتظار هيكلة حقيقية و اصلاح جاد ، مادامت الحكومة لاتحكم ويذخل في تركبتها احزاب منخورة لا تقرر وبرلمان لايشرع بالشكل الذي تحتاجه البلاد ، و بالتالي حل البرلمان بغرفتيه و الحكومة للخروج من ازمة طال امدها واجل(مبني للمجهول) حلها للعديد من المرات و الحال هو الحال ،وهذا التوجه يعمل على توزيع لائحة توقيعات الكثرونية للمطالبة بحكم النظام الواحد من غير مسلسل ديمقراطي، لم يعمل حسب هذا التوجه سوى على إعادة تفس واقع الازمات. خرجة المدونة المثيرة للجدل مايسة الاخيرة هي عنوان صريح للتخبط الحاصل الناتج فعلا عن ازمة حقيقية وصراع قائم حول مجموعة من الخيارات ، رقصات المدونة على واقع الازمة خاصة بعد انعكاسات ازمة كورونا التي دبرتها الدولة العميقة وحكومة الظل، في وقت تم تغييب الحكومة الائتلافية التي يترأسها حزب العدالة و التنمية دو المرجعية الاسلامية، الى حانب احزاب ضعيفة وتسير بجهاز التحكم عن بعد من طرف الدولة العميقة ذاتها ،وظهر ذلك جليا في اللقاء المتلفز لرئيس الحكومة حيت ابان انه في معزل شبه تام عن مطبخ صناعة القرار . الكل التقط ان رقصات مايسة غير بريئة بل هي بمتابة تسويق نوع الازمة التي يمر منها النظام السياسي لمواجهة مجموعة من القضايا و الاشكالات الشائكة، من اجل الاصلاح الايجابي في اطار ملكية دستورية قوية لمواجهة مختلف الاكراهات ، بالطبع ان عملية الرقص لذات المدونة وإن بأسلوب اريد له ان يكون متعاطف مع الشعب لارجاع التقة المفقودة في المسلسل اللاديمقراطي حسب تعبير الاغلبية العازفة لتكرار الرجوع لصناديق الاقتراع وهو مايخيف المتمسكين بالمسلسل الديمقراطي، الذي لم ينتج سوى مؤسسات مشلولة وعاجزة للتصدي للازمة وتلبية مطالب الشعب في الاصلاح . الكل التقط ان خرجة المدونة لدغدغة مشاعر الطبقات الشعبية لاعادة انتاج نفس الرداءة بوجوه اخرى و بمسرحية متحكم في مشاهدها، وكانت تفاعلات رواد وسائل التواصل الاجتماعي معبرة بكل المقاييس حول خرجة المدونة واهدافها المضمرة ومن وراءها ،وان اختارت طريقة مختلفة للعزف على اوثار الطامحين في للاصلاح ، لدفعهم الى اختيار الاصلاح عبر المسلسل الديمقراطي من خلال احزاب قوية غير موجودة اصلا ، ونفت انه عن طريق ماسمته بحكومة المشاورية في إشارة واضحة لنظام الحزب الوحيد ولا حتى عن طريق التقنوقراط سيكون الاصلاح المنشود للخروج من الازمة ، لكن الكل فهم الرسالة وهي محاولة التأتير في جيوش العازفين و الغاضبين الذين سيكون تاتيرهم اكبر من المتوقع في الانتخابات القادمة .