وتبقى الديمقراطية بكل عيوبها أجمل من الديكتاتوريات الفاشلة، لم يسقط أي تونسي وإنما عبَرت ديمقراطيتهم نحو أفق أكثر وضوحاً وراحة، سقطت الفتنة وسقط الإقصاء وسقط التحريض العنيف الذي لا إقناع فيه ولا احترام للمنهج، ومع كل ذلك فليجب احترام مناهج الإختلاف المتوسمة بالحكمة والقوة العاقلة، بل يجب الحفاظ على الإختلاف وتنمية موارده المنهجية لنعيش جميعاً في أمن وأمان… ملايين الدولارات التي دفعتها الإمارات في محاولة لشراء الذمم لإسقاط رئيس برلمان تونس راشد الغنوشي ذهبت أدراج الرياح على غرار المليارات التي دفعتها لحفتر من أجل سقوط طرابلس وإسقاط حكومتها، تعتقد الإمارات أن الإنقلاب الذي كانت أحد داعميه في مصر، من الممكن أن يتكرر بسهولة في تونس، إن هي وفرت الأموال واشترت بعض الشخصيات وقدمت الدعم الإعلامي للقوى المناهضة للثورة والإسلاميين هناك… المشكلة أن الإمارات لا تدرك أو لعلها تدرك أن الشعب التونسي ليس كالشعب المصري، ولا الجيش التونسي كالجيش المصري، ولا الإعلام التونسي كنظيره المصري، ولكنها تحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وهو مجرد حلم في يوم حار غالباً لا يتحقق… أثبتت التجربة أن الإمارات لن تغير سياستها الخارجية إلا إذا ضُربت وصُفعت، فبعد تفجير إيران عدة سفن إماراتية في الخليج العربي، تغيرت سياسة الإمارات تجاه إيران، باكورة هذا التغيير كان بحر هذا الأسبوع حين أجرى وزيرا الخارجية الإيرانيوالإماراتي اتصالاً مرئياً، في خطوة لافتة تظهر تراجعاً إماراتياً ضمنياً، الأمر ذاته سيتكرر مستقبلاً مع تركيا، خاصة بعد التهديد المباشر الذي أطلقه وزير الدفاع التركي للإمارات قبل أيام بدفعها الثمن غالياً في الزمان والمكان المناسبين… تعتبر دولة الإمارات اليوم أسوء الدول العربية ورأس الحربة في معاداة الإسلام وإجهاض الثورات بما تملكه من قوة إعلامية ومالية، وهي من حملت لولاء العمالة للغرب بعد سقوط نظام حسني مبارك، رغم أنها دولة ضعيفة عسكرياً وتعرف حجمها تماماً ولا تقدر على اللعب المباشر مع الكبار، هناك فقط المكر والمال وضعاف النفوس (فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون ….)