ادريس زياد لعالم اليوم الدولية حاطب الليل هو من يحتطب كل شيء في الظلام ويجمع الغث والسمين، مثله كمثل من يحمل حزمة حطب وفيه أفعى فتلدغه وهو لايدري، هو سليط اللسان الذي يتكلم بكل ما يمر بخاطره، الكذاب الذي يقلب الحقائق حتى في وقت الشدائد حباً في الظهور، إذا جلست معه مدحك وإذا غاب عنك وصفك بما يقلل من هيبتك أمام الناس، يخفي رأسه في الرمل كالنعامة ومن غبائه لا يعرف بأن قفاه مكشوف، إذا قام بمهمة يذكر ما يريد وهو غير مؤتمن على نقل أراء الآخرين بأمانة، هو الذي يتقن التملق لأجل التسلق على حساب الآخرين… ما أصعب هذا النوع الوصولي الإنتهازي الذي يُظهر الخير ويُبطن الشر ويخدع الآخرين ردحاً من الزمن، ما أكثر هذا النوع من الآفات الذي تجده في كثير من الأوقات، يحضر في كل الفتن خصوصاً عند فتنة التمكين، يأكل مع كل ذئب وينبح مع كل كلب ويبكي مع كل راعي، هو منافق، فارغ، رخيص، قاسي القلب، مغرور، جبان، كثير الكلام لا يفرق بين الصالح والطالح، يصطف بالتصفيق لكل باطل بالدفاع عنه، قال حكيم: أول العِي الإختلاط، وأول القول الإفراط، والإختلاط هو التخليط في الكلام والإكثار من النطق… حاطب الليل هو ذاك المخلوق الغريب الذي يرقص ويطبل وجل أمانيه أن يسمع به الطاغي ليرضى عنه ويرمي له بالفتات، هو عديم التفكير يتبع دون وعي مع نظارات على جوانب عينيه، ويسير إلى الأمام حيث يريد صاحبه، وتكفيه كلمة من حرفين لأجل السير ومثلها لأجل الوقوف… قال الفرزدق: وان امرء اغتابني لم أطأ له… حريماً ولا تنهاه عني أقاربه كمحتطبٍ ليلاً أساوِدَ هضبة… أتاه بها في ظلمة الليل حاطبه