حضر أحدهم متأخراً ذات جمعة، فجلس قرب الباب حيث انتهى به المجلس، رنّ هاتفه والإمام يخطب، فأخرج رأسه من الباب وردّ على المكالمة، ثم أدخل رأسه إلى المسجد حيث هو جالس، فإذا كان من مسّ الحصى والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغا، فإن من ردّ على الهاتف قد أحدث… وآخر يحمل معه خطبة على الهاتف لداعية يحبه ويذهب إلى المسجد، فإذا صعد الإمام المنبر، ضغط هو على زر التشغيل والسماعات على أذنيه، حتى إذا فرغ الإمام أوقف هو أيضاً الخطبة وأدى الصلاة، وذلك لشدة كرهه لرتابة خطب فقيه الحي… أسندت ظهري إلى الجدار بالمسجد أستمع لخطبة الإمام وعن يميني وعن شمالي صف من المصلين الذين هم في صلاتهم ساهون، جاء رجل بُوهالي أعرفه، سلَّم بصوت جهوري مرتفع والإمام يخطب: "هَا واحْدْ السلام عليكم" وكأن السلام لم يكفه، فشرع في المصافحة من أول الصف إلى آخره لسبب لست أعرفه، طفت إلى ذهني ذكريات لَبْلاَدْ وولائم الأعراس حيث البساطة وإشاعة السلام ومصافحة كل من حضر، انتظرت طويلاً صينية (الفَاكْيا وغْرَيْبَا) ومرور شخصين أحدهما بكؤوس الشاي الحلوة جدّاً والثاني يتبعه بقطبان الزَّنَّانْ، لم يأت شيء من ذلك، انتبهت على صوت الإمام يدعو بالنصر لمن انتصر والحمد لله رب العالمين.