كان السلف الصالح إذا دخلوا مجلس علم، استعدوا له، فتوضأوا، وأحسنوا الوضوء، فتزدان وجوههم بالوضاءة والنور والجمال، فلا تجد الشياطين إليهم سبيلاً، ولا يكاد أحدهم يفقد في هذا المجلس من العلم شيئاً، ولا يخرج منه حتى يفتح الله عليه مسائل كانت من قبل غامضة أو مستعصية، وكانوا راضين مرضيين، يسألون حب الله ورضوانه… لهم إيمان قوي بأن الله إذا "رضي" عنك صرفك عن الحرام، أما إذا "أحبك" صرف الحرام عنك، قال تعالى: (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلَصين) فاللهم اجعلنا ممن تحبهم ويحبونك ومن عبادك المخلَصين… يقول أحد السلف رحمه الله: كنت أظن أن العبد هو الذي يحب الله أولاً حتى يحبه الله، حتى قرأت قول الله: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) فعلمت أن الذي يحب أولا هو الله… وكنت أظن أن العبد هو الذي يتوب أولا حتى يتوب الله عليه، حتى قرأت قول الله: (ثم تاب عليهم ليتوبوا) فعلمت أن الله هو الذي يلهمك التوبة حتى تتوب… وكنت أظن أن العبد هو الذي يرضى عن الله أولاً ثم يرضى الله عنه، حتى قرأت قوله تعالى: (رضي الله عنهم ورضوا عنه) فعلمت أن الله هو الذي يرضى عن العبد أولاً… أما اليوم يغيظك البعض من أولئك الذين حملوا باسم الدين سلم الحماقة بالطول والعرض، حتى جعلوا منه بفهمهم السقيم وفقههم العقيم مصدر شقاء لهم ولمن حولهم إلى يوم الدين.