حذرت ثلاث مؤسسات رسمية، أمس الثلاثاء، من تصاعد المخاطر التي تهدد أنظمة التقاعد في المغرب، مشيرة إلى أن الوضعية أضحت "حرجة" وتتطلب إصلاحا جذريا لتفادي انهيار مالي مرتقب. وجاء في تقرير مشترك لكل من بنك المغرب، وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، والهيئة المغربية لسوق الرساميل، أن التحسن المؤقت الذي شهدته بعض المؤشرات عقب الزيادة في الأجور المترتبة عن الحوار الاجتماعي ليوم 29 أبريل 2024، لم يكن كافيا لمعالجة الاختلالات العميقة التي تعاني منها أنظمة التقاعد. وأوضح التقرير أن أنظمة التقاعد العمومية، كنظام المعاشات المدنية والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، استفادت بشكل جزئي من ارتفاع المساهمات نتيجة الزيادات الأخيرة، ما خفف الضغط المالي بشكل مؤقت، غير أن قابلية هذه الأنظمة للاستمرار على المدى الطويل ما تزال ضعيفة. أما على مستوى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فقد تم تسجيل رصيد إيجابي في فرع التقاعد طويل الأمد، بفضل الدينامية الديموغرافية الإيجابية في القطاع الخاص، غير أن هشاشة التوازن تظل قائمة، بسبب ما وصفه التقرير بالاحتساب المنقوص لحقوق المؤمن لهم وتسهيل شروط الاستفادة من المعاش أو استرجاع المساهمات. وأكدت الهيئات الثلاث أنه أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى تنفيذ إصلاح شامل، من خلال اعتماد تسعيرة متوازنة تقلص من الالتزامات غير المغطاة، وتؤسس لاستدامة المنظومة على المدى البعيد. واعتبر التقرير أن الوضعية وصلت إلى مرحلة التأزم البنيوي، خاصة مع مواصلة تسجيل عجز مزدوج تقني وهيكلي، دون أن تنجح الزيادات الأخيرة في تغيير المسار سوى بتخفيف مؤقت للضغط المالي. وفي هذا الصدد، سجل التقرير تراجع احتياطات نظام المعاشات المدنية إلى 57.4 مليار درهم مع نهاية 2024، أي بانخفاض سنوي بلغ 7.1 بالمئة. وشدد التقرير على أن الحلول المؤقتة والدعم الظرفي لم تعد كافية، بل تستدعي إصلاحًا بنيويًا يؤسس لنظام تقاعد ثنائي القطب، يفصل بين القطاعين العام والخاص، ويضمن توزيعًا عادلا للمخاطر والحقوق بين الأجيال.