''اتصالات المغرب''.. النتيجة الصافية المعدلة لحصة المجموعة وصلات 1,52 مليار درهم فالفصل اللول من 2024    نمو حركة النقل الجوي بمطار طنجة الدولي خلال بداية سنة 2024    أخنوش تلاقى وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسي وبحثوا التعاون الثنائي والإرتقاء بالشراكة الإستراتيجية بين الرباط وباريس    رئاسة مؤتمر حزب الاستقلال تقترب من قيوح .. واللجنة التنفيذية تشعل المنافسة    الدفاع المدني في غزة يكشف تفاصيل "مرعبة" عن المقابر الجماعية    الاتحاد الجزائري يرفض اللعب في المغرب في حالة ارتداء نهضة بركان لقميصه الأصلي    بطولة مدريد لكرة المضرب.. الاسباني نادال يبلغ الدور الثاني بفوزه على الأمريكي بلانش    التحريض على الفسق يجر إعلامية مشهورة للسجن    مهنيو الإنتاج السمعي البصري يتهيؤون "بالكاد" لاستخدام الذكاء الاصطناعي    بعد فضائح فساد.. الحكومة الإسبانية تضع اتحاد الكرة "تحت الوصاية"    بشكل رسمي.. تشافي يواصل قيادة برشلونة    البطولة الوطنية (الدورة ال27)..الجيش الملكي من أجل توسيع الفارق في الصدارة ونقاط ثمينة في صراع البقاء    السلطات تمنح 2905 ترخيصا لزراعة القنب الهندي منذ مطلع هذا العام    بلاغ القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية    زنا المحارم... "طفلة" حامل بعد اغتصاب من طرف أبيها وخالها ضواحي الفنيدق    بايتاس ينفي الزيادة في أسعار قنينات الغاز حالياً    الأمثال العامية بتطوان... (582)        بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الخميس على وقع الأخضر    تشجيعا لجهودهم.. تتويج منتجي أفضل المنتوجات المجالية بمعرض الفلاحة بمكناس    منصة "واتساب" تختبر خاصية لنقل الملفات دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت    بعد خسارته ب 10 دون مقابل.. المنتخب الجزائري لكرة اليد يعلن انسحابه من البطولة العربية    نظام الضمان الاجتماعي.. راتب الشيخوخة للمؤمن لهم اللي عندهومًهاد الشروط    الزيادة العامة بالأجور تستثني الأطباء والأساتذة ومصدر حكومي يكشف الأسباب    مضامين "التربية الجنسية" في تدريب مؤطري المخيمات تثير الجدل بالمغرب    حاول الهجرة إلى إسبانيا.. أمواج البحر تلفظ جثة جديدة    المعارضة: تهديد سانشيز بالاستقالة "مسرحية"    القمة الإسلامية للطفولة بالمغرب: سننقل معاناة أطفال فلسطين إلى العالم    اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة    الحكومة تراجع نسب احتساب رواتب الشيخوخة للمتقاعدين    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    عدد زبناء مجموعة (اتصالات المغرب) تجاوز 77 مليون زبون عند متم مارس 2024    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    "فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    وفينكم يا الاسلاميين اللي طلعتو شعارات سياسية فالشارع وحرضتو المغاربة باش تحرجو الملكية بسباب التطبيع.. هاهي حماس بدات تعترف بالهزيمة وتنازلت على مبادئها: مستعدين نحطو السلاح بشرط تقبل اسرائيل بحل الدولتين    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض    استئنافية أكادير تصدر حكمها في قضية وفاة الشاب أمين شاريز    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    عاجل.. كأس إفريقيا 2025 بالمغرب سيتم تأجيلها    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة المكان "الساحر" الذي احتضن لقاء سريا لمناقشة إنشاء البنك الدولي
نشر في الأيام 24 يوم 31 - 08 - 2020

يطل فندق "ماونت واشنطن" كبناء رفيع شامخ باللون الأبيض بين الطبيعة البكر لجبال "وايت ماونتز" ببقعة نائية بشمالي ولاية نيوهامشير الأمريكية.
يقف الفندق، الذي بني إبان ما عرف في الولايات المتحدة ب"العهد الذهبي" أواخر القرن التاسع عشر، تحتضنه غابات بريتون على سفوح جبل "ماونت واشنطن" الشاهق الذي يعد أعلى قمم شمال شرقي الولايات المتحدة وذروة سلسلة مرتفعات "بريزيدنشال" التي تطوق الفندق بين تلك الجبال.
يقول كريغ كليمر، مدير مبيعات وتسويق الفندق، إن هذا الأثر يشبه "قلعة من الحجر الصلد" عندما ننظر إلى "المرتفعات البيضاء" من شرفته الضخمة، ويضيف: "حتى يومنا هذا يتمتع الفندق بوضع منيع جغرافيا بالجبال التي تحيط بالوادي. ويمكن بسهولة عزله عن العالم الخارجي بغلق الطريق عند كروفورد نوتش جنوبا، والتقاطع الحالي لمساري 302 و3 شمالا. يقع الفندق وسط 800 ألف فدان من المحمية الوطنية لغابات وايت ماونت، فمن يستطيع اختراق كل ذلك؟".
يشرح كليمر كيف وقع هذا الاختيار على فندق ماونت واشنطن لانعقاد اجتماع سري خلال الحرب العالمية الثانية – وهو الاجتماع الذي أسفر عن السياسات الاقتصادية العالمية الراهنة.
ففي مطلع صيف عام 1944، وبينما لم تضع الحرب العالمية الثانية أوزارها رغم الإنزال الناجح في نورماندي في يونيو/حزيران، أصبح الحلفاء أكثر ثقة بالنصر ضد قوات المحور. ورغم أن الحرب لم تنته إلا بعد عام من ذلك، كان قادة الحلفاء يخططون بالفعل لإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي الموحد.
وفي يوليو/تموز، التقى سرا ممثلون عن 44 بلدا من الحلفاء هنا في فندق ماونت واشنطن للخروج بإطار للتعاون الاقتصادي العالمي ما بعد الحرب. وخلال اللقاء، الذي عرف بالمؤتمر النقدي والمالي للأمم المتحدة وأيضا بمؤتمر غابات بريتون، تأسس صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ما أرسى لأول مرة إطارا من القواعد للحفاظ على استقرار الاقتصاد العالمي.
وفي أوقات الاضطرابات الاقتصادية الدولية، تظهر أهمية صندوق النقد الدولي، ومقره الآن في العاصمة الأمريكية واشنطن ويضم في عضويته 189 بلدا، فقد أعادت المبادئ التي أرسيت في هذا الفندق الجبلي عام 1944 الرخاء والازدهار لأغلب بقاع العالم بعد الكساد الذي طرأ عام 2008، بينما جلب عام 2020 تحديا آخر للاقتصاد العالمي يتمثل في كيفيه التعافي من تداعيات فيروس كورونا.
واعتمدت المبادئ التي استند إليها صندوق النقد الدولي على نظرية رائدة للاقتصادي البريطاني جون مينارد كينز تقوم على زيادة الإنفاق الحكومي وخفض الضرائب لتنشيط الطلب الاستهلاكي، وقد كان لها الفضل في إخراج العالم من الكساد العظيم الذي شهدته ثلاثينيات القرن الماضي.
اجتمع كينز مع وزير الخزانة الأمريكي آنذاك هنري مورغنتاو ومسؤول الخزانة الأمريكي هاري دكستر وايت بفندق ماونت واشنطن بحضور 730 مندوبا. وكان الاجتماع بتوجيه من الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل.
ولثلاثة أسابيع تباحث الوفود للخروج بمجموعة محكمة من المبادئ الاقتصادية أطلق عليها اسم "منظومة بريتون وودز"، تمخضت عن تأسيس صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، وذراعه التمويلي البنك الدولي. وفي نهاية المطاف جرى التوقيع على اتفاق بريتون وودز.
لم يتم التصديق على اتفاق بريتون وودز حتى عام 1946، إذ كان يجب حسم الحرب أولا. وكانت روسيا هي البلد الوحيد العضو بالمؤتمر الذي لم يوقع على الصيغة النهائية في سافانا بولاية جورجيا – ليمثل ذلك خروجا كبيرا عن الخط ويمهد السبيل لمسار انعزالي مازالت تسلكه روسيا حتى يومنا هذا.
ومازال خبراء الاقتصاد يعقدون قمما وندوات في فندق ماونت واشنطن، كما مازالوا يندهشون من الإنجاز الذي تحقق في هذا المكان الذي يقصده السائحون أيضا. وقد تم توقيع اتفاق بريتون وودز في الغرفة الذهبية الصغيرة بالفندق، والتي يرى فيها الزائر صورا لوفود الاجتماع التاريخي ولوحات النحاس التي حملت أسماء المشاركين. ومازالت الطاولة والكراسي التي جلس عليها الموقعون شاهدة على هذا الحدث التاريخي.
وفي الصالة الضخمة المجاورة، استمعت الوفود يوميا بين العاشرة صباحا والثالثة بعد الظهر لأطروحات كينز، وأجرت الكثير من المباحثات. وقد سقط كينز على درج بالفندق بعد إصابته بنوبة قلبية.
يقول كليمر، المتابع لوقائع التاريخ والحريص على الانضمام لجولات التعريف اليومية بالفندق ما أمكن، إن كينز "واصل المؤتمر كأن شيئا لم يكن، وتحمل كل الصعاب بجلد وصبر".
وكان قطب صناعة تعدين الفحم، جوزيف ستيكني، قد افتتح فندق ماونت واشنطن عام 1902 خلال ما شهدته الولايات المتحدة من انتعاش في السفر والترفيه إبان ما عرف ب"العهد الذهبي"، حيث تقاطر الأثرياء من سكان المدن على جبال وايت ماونتنز ذات النسيم العليل هربا من تلوث المدن وحرارتها صيفا.
وفي عام 1944، وبعد عامين من إغلاقه بسبب الحرب، حجزت الحكومة الأمريكية الفندق بالكامل لاستضافة المؤتمر، وتقرر تجديده بطلائه بالكامل باللون الأبيض. يقول كليمر: "حتى قطع الثرايا النحاسية والزجاجية من طراز تيفاني طليت بالأبيض. كل شيء أمكن طلاؤه جرى طلاؤه باللون الأبيض!"
يقول كليمر مشيرا للصالة الكبيرة إنه خلال القرن الحادي والعشرين أعيد الفندق لسابق عهده خلال "العصر الذهبي" وأزيل عنه الكثير من اللون الأبيض "باستثناء قطعة نحاسية تركت بيضاء تذكارا لما جرى من طلاء في الماضي".
ويعد الفندق اليوم جزءا من منتجع أومني ماونت واشنطن، ويشمل حمامات استجمام وملاعب غولف واسعة وساحات تزلج تمتد على رقعة 464 فدانا (وتعد أكبرها في نيوهامشير). كما تُنظم رحلات يستطلع من خلالها الزوار رؤية غابات بريتون على مسارات وكابلات معلقة أعلى الغابات الصنوبرية العتيقة.
ولاشك أن السفر والرفاهية على نطاق واسع كانا من نتاج الاستقرار الاقتصادي الذي شهدته فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وفي هذا الفندق أيضا أرسيت أسس هذا الاستقرار العالمي. وحين قدم قادة العالم للفندق عام 1944 لم يكن قصدهم الترفيه، بل وجدوا في الموقع المكان المناسب لما يتمتع به من خصوصية وسرية وأمن، وأيضا لاتساع فندق ماونت واشنطن لاستضافة كل الحضور من وفود وأطقم مساعدة وداعمة.
وقد زاد التمييز بشكل واضح مع تصاعد مشاعر معادة السامية في الولايات المتحدة في أواخر القرن التاسع عشر عقب الهجرات الضخمة لليهود الأوروبيين إلى الولايات المتحدة. وبخلاف بعض المنتجعات السياحية التي لم تكن تستقبل اليهود، فتح فندق ماونت واشنطن أبوابه لاستقبال الجميع ومنهم الأعضاء اليهود مثل مورغنتاو، ووايت.
كما لا ننسى الهواء العليل الذي تشتهر به جبال وايت ماونتنز كأحد أسباب استقبال الفندق للمؤتمر!
يقول كليمر: "قبل اختراع تكييف الهواء كان الطلب كبيرا على الأماكن التي يمكن فيها التمتع بأمسيات باردة صيفا في يوليو/حزيران. أحب أن اقتبس قولا لكينز حين سئل عن اختيار الموقع إذ قال شيئا من قبيل: أرجوكم ابعدونا عن واشنطن العاصمة في يوليو/حزيران وألا هلكنا جميعا!".
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على BBC Travel


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.