هذه توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    الولايات المتحدة.. أرباح "ميتا" تتجاوز التوقعات خلال الربع الأول    بطولة فرنسا: موناكو يفوز على ليل ويؤجل تتويج باريس سان جرمان    الصين تكشف عن مهام مهمة الفضاء المأهولة "شنتشو-18"    أخنوش: الربط بين التساقطات المطرية ونجاح السياسات العمومية "غير مقبول"    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    نور الدين مفتاح يكتب: العمائم الإيرانية والغمائم العربية    ما هو سيناريو رون آراد الذي حذر منه أبو عبيدة؟    تعزيز التعاون الفلاحي محور مباحثات صديقي مع نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    أخرباش تشيد بوجاهة القرار الأممي بشأن الذكاء الاصطناعي الذي جاء بمبادرة من المغرب والولايات المتحدة    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    المنتخب المغربي ينهزم أمام مصر – بطولة اتحاد شمال إفريقيا    المنتخب المغربي لأقل من 18 سنة يفوز على غواتيمالا بالضربات الترجيحية    اتفاقية الصيد البحري..حجر ثقيل في حذاء علاقات إسبانيا والمغرب!    رابطة للطفولة تعرب عن قلقها من التركيز المبالغ فيه على محور التربية الجنسية والصحة الإنجابية للمراهق في دورة تكوين الأطر    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    أخنوش يرد على خصومه: الدولة الاجتماعية ليست مشروعا ل"البوليميك" والحكومة أحسنت تنزيله    لا تيتي لا حب لملوك: اتحاد العاصمة دارو ريوسهم فالكابرانات وتقصاو حتى من كأس الجزائر    جنايات أكادير تصدر حكمها في ملف "تصفية أمين تشاريز"    الشاطئ البلدي لطنجة يلفظ جثة شاب فقد الأسبوع الماضي    عاجل.. كأس إفريقيا 2025 بالمغرب سيتم تأجيلها    بالأرقام .. أخنوش يكشف تدابير حكومته لمساندة المقاولات المتضررة جراء الأزمة الصحية    مكافأة مليون سنتيم لمن يعثر عليه.. هذه معطيات جديدة عن حيوان غريب ظهر في غابة    سانشيز: أفكر في إمكانية تقديم الاستقالة بعد الإعلان عن فتح تحقيق ضد زوجتي بتهمة استغلال النفوذ والفساد    هادي خبار زينة.. أسماء المدير مخرجة "كذب أبيض" فلجنة تحكيم مهرجان كان العالمي    قميصُ بركان    طقس الخميس.. أجواء حارة وقطرات مطرية بهذه المناطق    مطار مراكش المنارة الدولي: ارتفاع بنسبة 22 في المائة في حركة النقل الجوي خلال الربع الأول من 2024    المغرب ومنظمة "الفاو" يوقعان على وثيقة "مستقبل مرن للماء" بميزانية 31.5 مليون دولار    اللجنة الجهوية للتنمية البشرية بالشمال تصادق على برنامج عمل يضم 394 مشروعا برسم سنة 2024    تسريب فيديوهات لتصفية حسابات بين بارونات بتطوان    الجزائر تتوصل رسميا بقرار خسارة مباراة بركان و"الكاف" يهدد بعقوبات إضافية    بنكيران يهاجم أخنوش ويقول: الأموال حسمت الانتخابات الجزئية    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    أخنوش مقدما الحصيلة المرحلية: إجراءات الحكومة هدفها مناعة الأسرة التي هي "النواة الصلبة لكل التدخلات"    إستعدادُ إسرائيل لهجوم "قريب جداً" على رفح    خارجية أمريكا: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    سنطرال دانون تسلط الضوء على التقدم المحقق في برنامج "حليب بلادي" لفلاحة مستدامة ومتجددة    أيام قليلة على انتهاء إحصاء الأشخاص الذين يمكن استدعاؤهم لتشكيل فوج المجندين .. شباب أمام فرصة جديدة للاستفادة من تكوين متميز يفتح لهم آفاقا مهنية واعدة    برنامج دعم السكن.. معطيات رسمية: 8500 استفدو وشراو ديور وكثر من 65 ألف طلب للدعم منهم 38 فالمائة عيالات    الولايات المتحدة تنذر "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    الفوائد الصحية للبروكلي .. كنز من المعادن والفيتامينات    دراسة: النظام الغذائي المتوازن قد يساهم في تحسين صحة الدماغ    مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية : الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون        كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    اختتام فعاليات الويكاند المسرحي الثالث بآيت ورير    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    الموت يفجع شيماء عبد العزيز    أسعار الذهب تواصل الانخفاض    صدور رواية "أحاسيس وصور" للكاتب المغربي مصطفى إسماعيلي    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" في ضيافة ثانوية الشريف الرضي الإعدادية بعرباوة    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنقذ الحقيقي للحسن الثاني في الصخيرات..أسرار مدرسة أهرمومو وصورة الكولونيل اعبابو المرعبة
نشر في الأيام 24 يوم 21 - 04 - 2021

المنقذ الحقيقي للحسن الثاني في الصخيرات يقدم روايته لأول مرّة ل "الأيام":

هكذا اختلطت دموعي بدموع الملك حين تعانقنا بجانب الجثث وقال لي: «الحمد لله على لطف الله»

إجراء حوار مطول من هذا الحجم عن انقلاب الصخيرات، بعد مرور عقود من هذه الواقعة، ليس بالأمر الجديد، فقد سبق أن خرج إلى العلن مجموعة من الضباط وضباط الصف والتلاميذ المشاركين في الكابوس الذي عاشته المملكة يوم 10 يوليوز 1971 للحديث عن تفاصيل ما جرى، لكن في هذا الحوار مع الكولونيل كنوش محوش، سنكتشف رواية مختلفة وتفاصيل تروى لأول مرة وأخرى لم نسمع عنها من قبل، فلمدّة 47 سنة قرر محاورنا أن يختار لغة الصمت حيث كثر الكلام، بحكم اشتغاله في الدرك الملكي وهي واحدة من المؤسسات البكماء في مملكة الشرفاء العلويين. وبعد 6 سنوات من تقاعده قرر أن يخرج إلى العلن على مضض تحت ثقل إلحاحنا، ليقول أنه هو المنقذ الحقيقي للراحل الحسن الثاني في انقلاب الصخيرات، ويروي مجموعة من الوقائع غير المسبوقة على غرار إشهاره رشاشه في وجه الملك ثم كيف أقنعه الحسن الثاني بدهائه الخارق بالاصطفاف إلى جانبه وما شاهدته عيناه من مجازر ودماء وأشياء أخرى.

فشِلَ الانقلاب ومات اعبابو والمدبوح والعشرات من الطلبة والمدعوين ونجا الحسن الثاني بأعجوبة كما فعل في أكثر من مرة قبل واقعة الصخيرات وبعدها. فشل هذا الانقلاب أحدث "انقلابا" آخر في مسار وحياة محاورنا، فقد رقاه الحسن الثاني نظير خدماته من مجرد "رقيب" إلى رتبة "ليوتنان كولونيل"، بعدما منحه نفس النياشين التي كان اعبابو يضعها على صدر بزته العسكرية، ليصبح في ما بعد وهو العسكري البدوي البسيط مقربا من القصر ويحظى بعطف أقوى شخص في المملكة، لدرجة أن الملك كان يستدعيه بين الفينة والأخرى لإقامته الخاصة في حي السويسي أو في قصر الصخيرات، ويغدق عليه بالعطايا، ويقول أن إدريس البصري رفض أن ينفذ تعليمات الملك. وهذه حكايته مع الانقلاب والحسن الثاني وجنرالات وضباط الانقلاب ومع عناد إدريس البصري ومحنه مع مكائد الخصوم والحساد على الرغم من أن المثل يقول اللهم أكثر من حسادنا.
الجزء الأول

مرحبا بك معنا في أول حوار صحافي تجريه..

(مقاطعا)… قبل أن نبدأ أريد أن أضع النقاط على الحروف. قبلت دعوتكم لإجراء هذا الحوار تحت إلحاحكم، في إطار سعيكم إلى تنوير الرأي العام وإظهار الحقيقة للشعب المغربي، فالحق يعلو ولا يعلى عليه، فأنا ليست لدي أي مصلحة من وراء هذا الحوار، كما لا أبحث أيضا عن الشهرة أو أشياء أخرى من هذا القبيل، قبلت دعوتكم على مضض للمساهمة في إظهار الحقيقة وتصحيح بعض الروايات المغلوطة وتقديم رواية جديدة من زاوية أخرى، وهذا كله للتاريخ.


السيد كنوش محوش، أول شيء سيثير قراء هذا الحوار هو اسمك الغريب، فما هي قصته؟
أنا من مواليد 25 شعبان من العام 1948، بحسب ما قالته لي والدتي، وهو ما يوافق يوم 2 يوليوز 1948، بمعنى أن عمري الآن 70 سنة، اسمي الحقيقي هو علي، ونسبي هو كنوش، بمعنى أن اسمي الكامل الحقيقي هو علي كنوش، غير أن الاسم الذي أجده في الوثائق الإدارية هو كنوش محوش. أبي كان عسكريا شارك في الحرب في ألمانيا وفي تونس وفي إيطاليا والفيتنام، لما أخبروه أنني ولدت، جاء إلى منزلنا بأيت ميمون ضواحي مدينة الخميسات لحضور حفل العقيقة ثم عاد من جديد إلى جبهات القتال، ولم يقم بتسجيلي في كناش الحالة المدنية سوى في سنة 1955، حينها كانت مكاتب الحالة المدنية يشتغل فيها الفرنسيون والجزائريون الذين كانوا يطلقون عليهم باللغة الفرنسية (2 éme français)، الموظف الذي قام بتسجيلي كان من أصل جزائري، وعوض أن يسجل اسمي «كنوش علي» كتب في سجلات الحالة المدنية «كنوش محوش» عن طريق الخطأ. وبعد ذلك عاد والدي إلى جبهات الحرب، وفي سنة 1960 دخلت إلى المدرسة بمدينة إنزكان (قرب أكادير)، فطلب مني مدير المدرسة أن أجلب معي نسخة من الحالة المدنية ليتم تسجيلي بشكل رسمي، وحينها اكتشفنا لأول مرة أنه تم تسجيلي باسم مغاير، وهو «كنوش محوش»، ولما سألنا عن الموظف الذي ارتكب الخطأ تم إخبار والدي أنه غادر المغرب عائدا إلى فرنسا، وكان هذا الجزائري يعاقر الخمر بشكل مبالغ فيه، فعاد والدي إلى مدير المدرسة وأخبره بتفاصيل الواقعة، فاقترح المدير أن يتم تسجيلي حينها باسم «كنوش محوش» وبعد ذلك يمكنني أن أغير هذا الاسم إداريا إذا شئت، كان والدي يرغب في سلك الإجراءات الإدارية لتغيير اسمي، لكن والدتي عارضته وقالت إنه لا جدوى من ذلك. وبالمناسبة فاسم «محوش» باللغة القبايلية الجزايرية هو «محمد»، على غرار بعض المناطق المغربية أيضا التي تطلق على «محمد» أسماء أخرى يتم اشتقاقها من هذا الاسم، على غرار «موح» أو «موحا» أو «موحوش»..

لسنوات وأنت متوار إلى الخلف، ترفض الحديث للصحافة، وهذا أول حوار صحافي تجريه، لماذا هذا الصوم عن الكلام رغم أنه كان لك دور محوري في انقلاب الصخيرات؟ ثم لماذا قررت الخروج إلى الإعلام في هذا الوقت بالضبط؟
قررت التواري إلى الوراء والهروب من أضواء الصحافة لوجود بعض المبررات، نظرا لكوني طيلة السنوات الماضية كنت أشتغل ككولونيل في الدرك الملكي، ولكي أتحدث كان يلزمني الحصول على ترخيص من المسؤولين، ولا يمكنني آنذاك أن أتحدث بشكل مطلق، لأنني كنت تحت مظلة المؤسسة العسكرية، وفي سياق حوارنا هذا ستكتشف أسبابا أخرى جعلتني أرفض الحديث للصحافة لأزيد من 47 سنة.

كنت تهرب من الإعلام رغم كونك فاعلا رئيسيا في فشل انقلاب الصخيرات.. لكن يعاب عليك أنك تركت المكان شاغرا لبعض الضباط وتلاميذ مدرسة أهرمومو يتحدثون ويملأون الفراغ، والبعض منهم كما تقول يقدم روايات مغلوطة، ومنهم من يدعي البطولة، ورواياتهم المتضاربة أحيانا هي التي كتبت صفحات تاريخ انقلاب الصخيرات؟
لا أخفيك أنني أشعر ببعض الحرقة لما أستمع إلى بعض الشهادات بخصوص انقلاب الصخيرات، وعائلتي أيضا كانت تشعر بحرقة، غير أنني كنت أقنعهم كون الوقت ليس مناسبا بعد للحديث، الذين خرجوا إلى الإعلام للحديث استغلوا الظروف والبعض منهم قدم روايات مغلوطة، ولم يراعوا مشاعر الشعب المغربي، عندما كنت أقرأ للبعض على صفحات الجرائد أو في مذكراتهم كنت أتفاجأ لأنهم يتحدثون عن أحداث ووقائع لم يعيشوها، والبعض الآخر يأخذون كلامي وينسبونه لأنفسهم. ما حدث يشبه إلى حد ما قصة «قتلنا الثعبان»، فالأشخاص الذين قتلوا الثعبان يتوارون ومن لم يفعلوا هم الذين يصرخون بأنهم قتلوا الثعبان حقيقة. هذا مجرد استعارة ومجاز لتتضح الصورة، وحاشا أن يكون المقصود ب «الثعبان» هو الملك الراحل الحسن الثاني، أؤكد على هذا الكلام تجنبا لأي تأويل أو سوء فهم بهذا الخصوص، والثعابين هم من خططوا للانقلاب.

أسرار مدرسة أهرمومو وصورة الكولونيل اعبابو المرعبة

لندخل بشكل مباشر إلى صلب الموضوع، الواقعة التي يدور حولها الفيلم هي مدرسة «أهرمومو» العسكرية، فمنها بدأ التخطيط للانقلاب العسكري،متى دخلت إلى مدرسة «أهرمومو» كطالب؟
قبل أن أدخل إلى مدرسة «أهرمومو» كطالب، تم قبولي للولوج إلى مجموعة من المدارس أهمها مدرسة المعلمين في القنيطرة ومدرسة الممرضين في نفس المدينة أيضا، ثم المدرسة الملكية العسكرية في «أهرمومو»، وهذه المدارس كان الولوج إليها حينها يتم فقط بواسطة شهادة «البروفي» (السنة الثالثة إعدادي حاليا)، كان ذلك في سنة 1967، كان والدي قد تقاعد للتو من الخدمة العسكرية، ونصحني بأن أختار الولوج إلى مدرسة «أهرمومو» العسكرية، بينما والدتي كانت تعارض الأمر ونصحتني بالتعليم أو بالتمريض، وحتى أقوم بإرضاء الجميع قررت أن أقوم بحضورهم بعملية لسحب القرعة لأحدد المدرسة التي سألتحق بها، فكتبت اسم المدارس الثلاث في وريقات وناديت على أحد أبناء الجيران ليشرف على عملية السحب، فسحب الورقة التي كتب فيها «مدرسة أهرمومو»، ولذلك قررت الالتحاق بهذه المدرسة العسكرية في سنة 1967.

ومن هنا ستبدأ الحكاية؟
بالفعل، في الفاتح من شهر شتنبر 1967 انتقلت إلى مدينة صفرو لاجتياز الاختبار، كنا قرابة 4 آلاف تلميذ، واحتللت المرتبة ال 13، وبالتالي تم قبولي للالتحاق بمدرسة «أهرمومو»، وهناك بدأنا حياة جديدة.
لما دخلت إلى مدرسة «أهرمومو» هل كان اعبابو هو مدير المدرسة؟
دخلت أهرمومو كتلميذ سنة 1967، وكان الجنرال البوزيدي هو مدير المدرسة، وكان اعبابو حينها مجرد نقيب (كابيتان) قبل أن تتم ترقيته.
بعدما تخرجت من أهرمومو سنة 1970 ستشتغل في نفس المدرسة العسكرية كأستاذ مكون؟
درست كتلميذ في أهرمومو ثلاث سنوات، وتخرجت منها برتبة «رقيب»، كنت من الأوائل في دفعتي، بحيث احتللت المرتبة الخامسة، فقررت إدارة المدرسة أن تأخذ التلاميذ العشرة الأوائل ليصبحوا أساتذة مكونين في المدرسة.
يقال إنه في مدرسة «أهرمومو» كان الفكر الثوري منتشرا وسط الضباط والأساتذة والتلاميذ.. هل هذا صحيح؟
غير صحيح، فهذا كلام مصطنع.

سأقرأ عليك في هذا السياق: كلام السيد أحمد المرزوقي وهو من ضباط مدرسة «أهرمومو»، حيث يقول في كتابه «الزنزانة رقم 10» ما يلي: «… في أهرمومو كنا منقسمين إلى طلبة ملكيين وآخرين معارضين للملكية»، ما تعليقك على هذا الكلام؟
في الحقيقة دائما ما أتجنب الحديث عن الأشخاص، لكن ما دمت مصرا على أن أجيبك سأكتفي بالقول إن من يقول هذا فهو يكذب على الشعب المغربي وعلى نفسه، كل ما في الأمر أنه تم استغلاله من أشخاص لهم أفكار ثورية ودفعوا به ليقول أشياء مجانبة للصواب، كلام قاله لأنه أملي عليه بالحرف والكل يعرف الجهة المحرضة آنذاك، وعليه دائما أن يستحضر عبارة «اذكروا أمواتكم بالخير»، السيد المرزوقي لا يجب أن يقول إن المشكل يوجد في المؤسسة العسكرية، فهذه المؤسسة هي التي أوصلته إلى ما وصل إليه اليوم، كنا قد دخلنا إلى المؤسسة العسكرية ونحن فقراء، لا أتكلم عن الفقر المادي ولكن عن الفقر الثقافي والرمزي، وهناك أصبحنا أشخاصا صالحين أولا ومثقفين ثانيا مع مرور الوقت، فالمؤسسة العسكرية أعطتنا الكثير، وأنا ضد من يريد شيطنة هذه المؤسسة.

وكأنك تتحدث لنا عن مؤسسة فيها الكثير من «الطهرانية» وتحدث عنها أفلاطون في كتبه عندما تحدث عن «المدينة الفاضلة»، لكن يا سيدي واقع الأمر يقول إن الكولونيل اعبابو والجنرال أوفقير وكويرة وأمقران الذين قاموا بانقلابات عسكرية فاشلة ينتمون إلى المؤسسة العسكرية، كما أن انقلاب الصخيرات تم التخطيط له في مدرسة «أهرمومو» العسكرية التي درست بها؟
هؤلاء الذين تتحدث عنهم مجرد استثناءات يا سيدي، كل ما في الأمر أن هؤلاء العسكريين خانوا الثقة التي وضعها فيهم الملك الحسن الثاني.


هناك واقعة من اللازم أن نقف عندها، هذه الواقعة حدثت في العام 1970، وسميت ب «محاولة الحاجب»، وأشرف عليها ليوتنان كولونيل امحمد أعبابو بتنسيق مع الجنرال المذبوح الذي كان يشتغل حينها مديرا للبلاط الملكي، وكانوا يهدفون إلى اغتيال الحسن الثاني في استعراض عسكري، وبعدما فشلت هذه المحاولة، خاطب المذبوح أعبابو قائلا «فلنؤجلها لفرصة أخرى».. هل تتذكر تفاصيل هذه الواقعة؟ ففي العام 1970 أنت كنت جزءا من مدرسة أهرمومو، ومن المنطقي أنك تتوفر على معطيات بهذا الخصوص؟
لدي عن هذه الواقعة بعض المعلومات السطحية، ولا يمكنني أن أقول لك أشياء لم أشاهدها بأم عيني، أو أن أدعي البطولة كما فعل البعض ممن تحدثوا عن هذه الواقعة في كتبهم بشكل هوليودي وهتشكوكي، وكأنهم يوجدون في كل مكان.

هناك واقعة أخرى تقول إن أعبابو أقام حفلة ب «أهرمومو» وذبح 50 كبشا، وأنتم أهديتموه ساعة يدوية من ذهب بعدما جمعتهم مجموعة من المساهمات المالية، فخطب فيكم وشكركم ووعدكم بأن يضمن لكم مستقبلا زاهرا، البعض منكم فهم منها أن أعبابو كان يحضر لشيء ما قد يكون انقلابا عسكريا؟
هذه الواقعة غير موجودة، إنها مجرد شائعات التلاميذ كما نسميها، ومن حكاها لك يجب أن يطلب المسامحة أو يعتذر، صحيح أننا نقوم بحفلات ومن الممكن أن يتم ذبح 100 كبش وليس فقط 50 كبشا، غير أن الساعة اليدوية التي تتحدث عنها غير موجودة، كل ما في الأمر أن الجنرال إدريس بن عمر العلمي، الذي كان يشتغل حينها رئيس أركان القوات المسلحة الملكية، أهداه اعبابو سيفا مرصعا بالذهب، هذه حقيقة، أما الساعة الذهبية فلا أتذكر أننا أهديناها للكولونيل اعبابو، وهو من أهدى السيف المرصع للجنرال إدريس بنعمر العلمي.

قبل أن نتعمق في الحوار، من اللازم أن نقف عند شخصية امحمد اعبابو، الكثير من زملائك تحدثوا عن شخصية هذا الليوتنان كولونيل، المثير للجدل، هل كنت أنت شخصيا تشعر بأن اعبابو كان رجلا وطنيا؟
الضباط وضباط الصف والتلاميذ عندما كانوا يشاهدون اليوتنان كولونيل اعبابو كانوا يهربون للاختباء، لا أحد يجرؤ على النظر في وجهه.

يعني كانت له شخصية قوية؟
كانت أكثر من قوية، أنا لم أعاشره عن قرب لأقول لك إنه شخص دكتاتوري، لكن يمكن أن أقول لك إنه من المستحيل أن تقف إلى جانبه. ما أعرفه عنه أيضا هو أنه لا يجيد التحدث باللغة العربية لكنه كان يتحدث جيدا باللهجة الريفية، لذلك كان يفضل دائما أن يتحدث باللغة الفرنسية. اعبابو كانت له أيضا اتصالات كبيرة جدا على أعلى مستوى القيادة العليا للجيش، وكان رجلا قويا، ولما كان على قيد الحياة كان يقوم بأمور غريبة، يمكن لاعبابو أن يرسل الشاحنات وتعود هذه الشاحنات محملة بمواد البناء على غرار الغرافيت والرمال والإسمنت المسلح والحديد، ولا أحد بإمكانه أن يتحدث.

ما أفهمه من كلامك أن اعبابو كان يستغل نفوذه في النهب والسرقة؟
نعم هذا هو الواقع. وأقول لك إن المؤسسة الأكثر ديمقراطية هي القوات المسلحة الملكية..

… (مقاطعا) من المفروض أن تكون هي القوات المسلحة الملكية، لكن ما قلته لي الآن يثبت عكس ذلك؟
هي أكثر مؤسسة ديمقراطية، غير أن امحمد اعبابو لم يكن أبدا ديمقراطيا في نظري، فأي شخص في «أهرمومو» سواء كان ضابطا أو ضابط صف أو تلميذا قال كلاما لم يعجبه كان يأمر ضابط الصف عقا، وهو بالمناسبة يده اليمنى، بأن يتم الزج به في السجن العسكري، فيقول له عقا إن ذلك يلزمه تسليمه «ورقة الإيداع في السجن»، فيجيبه اعبابو «أدخله بدون ورقة الإيداع» إلى أجل غير مسمى.

تحدثت لنا عن الشخصية القوية لاعبابو، ومن اللازم أن قوته تلك يستمدها من جهات أخرى؟
بالفعل، فاليد الواحدة لا تصفق، لو لم يكن مدعوما لن يكون بإمكانه أن يقوم بأي شيء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.