سيام 2024.. فتح سوق الاتحاد الأوروبي أمام واردات العسل المغربي    المالية العمومية: النشرة الشهرية للخزينة العامة للمملكة في خمس نقاط رئيسية    تتويج المغربي إلياس حجري بلقب القارىء العالمي لتلاوة القرآن الكريم    مكناس .. تتويج 12 زيت زيتون من أربع جهات برسم النسخة 14 للمباراة الوطنية    رسميا.. الجزائر تنسحب من البطولة العربية لكرة اليد المقامة بالمغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    المغرب يصدر 2905 تراخيص لزراعة وإنتاج القنب الهندي إلى غاية أبريل الجاري    الوكالة الوطنية للغابات تخرج عن صمتها بخصوص ظهور "القط الأنمر" في إحدى غابات طنجة    بحر طنجة يلفظ جثة شاب غرق خلال محاولته التسلل إلى عبارة مسافرين نحو أوروبا    غدا تنطلق أشغال المؤتمر الثامن عشر لحزب الاستقلال    الفروع ترفع رقم معاملات "اتصالات المغرب"    مطار مراكش المنارة الدولي .. ارتفاع حركة النقل الجوي خلال الربع الأول    ارتفاع أرباح اتصالات المغرب إلى 1.52 مليار درهم (+0.5%) بنهاية الربع الأول 2024    تظاهرات تدعم غزة تغزو جامعات أمريكية    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    سيمو السدراتي يعلن الاعتزال    المعرض المحلي للكتاب يجذب جمهور العرائش    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    14 ألف مواطن إسباني يقيمون بالمغرب    تحويل الرأسمالية بالاقتصاد اليساري الجديد    بسبب تعديلات مدونة الأسرة.. البرلمانية اليسارية التامني تتعرض لحملة "ممنهجة للارهاب الفكري"وحزبها يحشد محاميه للذهاب إلى القضاء    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    نجم مغربي يضع الزمالك المصري في أزمة حقيقية    بوغطاط المغربي | محمد حاجب يهدد بالعودة إلى درب الإرهاب ويتوّعد بتفجير رأس كل من "يهاجمه".. وما السر وراء تحالفه مع "البوليساريو"؟؟    الدراجات النارية وحوادث السير بالمدن المغربية    عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش الاسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر من نتانياهو    واشنطن طلبات من إسرائيل تعطي إجابات بخصوص "المقابر الجماعية" ف غزة    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    بطولة فرنسا: موناكو يفوز على ليل ويؤجل تتويج باريس سان جرمان    الصين تكشف عن مهام مهمة الفضاء المأهولة "شنتشو-18"    الولايات المتحدة.. أرباح "ميتا" تتجاوز التوقعات خلال الربع الأول    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    أخنوش: الربط بين التساقطات المطرية ونجاح السياسات العمومية "غير مقبول"    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    المنتخب المغربي ينهزم أمام مصر – بطولة اتحاد شمال إفريقيا    المنتخب المغربي لأقل من 18 سنة يفوز على غواتيمالا بالضربات الترجيحية    ما هو سيناريو رون آراد الذي حذر منه أبو عبيدة؟    تعزيز التعاون الفلاحي محور مباحثات صديقي مع نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    أخرباش تشيد بوجاهة القرار الأممي بشأن الذكاء الاصطناعي الذي جاء بمبادرة من المغرب والولايات المتحدة    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    نور الدين مفتاح يكتب: العمائم الإيرانية والغمائم العربية    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    رابطة للطفولة تعرب عن قلقها من التركيز المبالغ فيه على محور التربية الجنسية والصحة الإنجابية للمراهق في دورة تكوين الأطر    جنايات أكادير تصدر حكمها في ملف "تصفية أمين تشاريز"    عاجل.. كأس إفريقيا 2025 بالمغرب سيتم تأجيلها    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    الفوائد الصحية للبروكلي .. كنز من المعادن والفيتامينات    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون        كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد أوزين وزير الشباب والرياضة الأسبق: الكراطة «كرطت» مشاريعي وطموحاتي وأنا من تقدم بملتمس الإعفاء
نشر في الأيام 24 يوم 26 - 04 - 2022


* محمد كريم بوخصاص
لم يكن محمد أوزين من طينة الوزراء الذين يتواجدون في الحكومة دون أن يتركوا بصمة أو يعرف عنهم المواطنون شيئا بما في ذلك أسماءهم، فقد كان أحد أنشط الوزراء في حكومة الإسلاميين الأولى، بفعل حضوره الإعلامي الوازن وإنجازاته النوعية في قطاعين حكوميين حساسين، قبل أن يقترن اسمه لاحقا ب"الكراطة" التي دفعته إلى مغادرة منصبه الوزاري.
قضى أوزين ثلاث سنوات وزيرا. تبدو المدة قصيرة بالنظر للزمن الحكومي لكنها كانت فترة ساخنة، برز اسمه خلالها بقوة في الساحة السياسية رغم أنه كان إلى جانب زميله مصطفى الخلفي أصغر وزراء الحكومة.
في هذا الحوار من سلسلة "ذاكرة وزراء سابقين"، يعود أوزين بذاكرته إلى الفترة ما بين يناير 2012 ويناير 2015 التي قضاها وزيرا للشباب والرياضة في حكومة عبد الإله بن كيران، ليسترجع بعضا من كواليس استوزاره باسم الحركة الشعبية، ويتحدث لأول مرة وبدون قيود عن واقعة "الكراطة" التي ظهرت في ملعب مولاي عبد الله بالرباط في مونديال الأندية سنة 2015، والتي غيرت مساره في الوزارة رأسا على عقب، ودفعته إلى النزول من قطار الحكومة، كما يقدم جردا لما يعتبره أهم الإنجازات والأوراش الكبرى التي أطلقها في الوزارة ويرى أنها اختفت تماما بمجرد مغادرة منصبه ولم يعد لها ذكر في عهد ستة وزراء تعاقبوا على المنصب بعده منذ مغادرته.


عينت وزيرا للشباب والرياضة في حكومة عبد الإله بن كيران في يناير 2012، كيف جاء استوزارك؟ وكيف عشت هذه اللحظة على المستوى الشخصي والأسري؟
للتذكير فقط، جاء تعييني في حكومة عبد الإله بن كيران بعد استقالتي من حكومة الأستاذ عباس الفاسي ككاتب دولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون بعد ظهور نتائج انتخابات شتنبر 2011، والتي كان سببها تنافي العضوية في البرلمان مع العضوية في الحكومة بعد فوزي بمقعد برلماني. وطبعا بعد تصدري لنتائج الانتخابات على مستوى دائرة إفران، في الوقت الذي اكتسح حزب العدالة والتنمية مجموع الدوائر الانتخابية التشريعية، وبعد تقديم الحزب الأول مرشحيه للاستوزار بطابع سياسي من القيادات التي تصدرت النتائج في الدوائر الانتخابية التي تقدمت إليها، كان طبيعيا أن أكون من المرشحين أيضا من داخل حزب الحركة الشعبية، حيث إذا استثنينا الأخ عبد العظيم لكروج، فكل من السيد محند العنصر والأخ لحسن حداد كانا بدورهما قد فازا بمقعد برلماني في دوائرهما الانتخابية.
على المستوى الشخصي لم يكن استوزاري مفاجأة بقدر ما كان استشرافا لتحديات كبيرة باعتبار أننا كنا نؤسس لمغرب ما بعد دستور 2011.
متى تحديدا علمت أنك سَتُعين وزيرا؟ ومن أخبرك بذلك؟ وهل تمت استشارتك بشأن القطاع الحكومي الذي توليت تدبيره؟
كان السيد الأمين العام يطلع المكتب السياسي للحزب على مجريات مفاوضات تشكيل الحكومة، إلى أن استقر الأمر على منح الحزب أربع حقائب وزارية، وكان يؤكد على ضرورة تقديم بروفايلات قادرة على التكيف مع حكومة مركبة من حساسيات سياسية مختلفة اجتمع فيها المحافظ والإسلامي والشيوعي والليبرالي واللامنتمي والسيادي.
وبعد أن كنت إلى جانب الأخ مصطفى الخلفي من أصغر المرشحين للاستوزار سنا كان كلانا مرشحا لتولي حقيبة الشباب والرياضة، قبل أن تناط بالخلفي وزارة الاتصال ومهمة الناطق باسم الحكومة، ويتم تعييني وزيرا للشباب والرياضة في حكومة الأستاذ عبد الإله بن كيران.
كيف دبرتم على مستوى الحزب في تلك الفترة عملية استوزار قياداتكم خاصة أنكم توليتم حقائب مهمة؟
لم تكن عملية استوزار القيادة بالأمر الصعب للاعتبارات التي أسلفت، باستثناء بعض التحفظات التي أثارها بعض الإخوان الذين كانوا حريصين على وجود فريق سياسي بامتياز وبشرعية الصناديق.
خلال حكومة الإسلاميين الأولى كان واضحا أن حزبكم أكثر قربا من العدالة والتنمية، كيف كانت علاقتك مع الوزراء الإسلاميين، وخاصة مع رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران؟
كانت علاقتي بكل الإخوان والأخوات في العدالة والتنمية علاقة احترام متبادل، رغم بعض الاختلافات التي كانت تطفو على السطح بين الفينة والأخرى، كما حصل مرة مع الأخ مصطفى الخلفي بسبب سعيه الحثيث لمنع إشهار الشركة المغربية للألعاب والرياضة، حيث اختلفت معه في الموضوع لأنه وزير الاتصال وليس مفتي الديار، والمرة الثانية مع الأخ الحبيب الشوباني بسبب الإجراءات التي اتخذها كوزير مكلف بالعلاقات مع البرلمان في موضوع تغيب الوزراء عن حضور جلسات البرلمان المفترض أنها مقننة إما بسبب نشاط ملكي أو تواجد خارج أرض الوطن، لكن كياسة السيد رئيس الحكومة آنذاك الأخ عبد الإله بن كيران كانت تُرجع الأمور إلى نصابها.
لازلت أتذكر عندما التقيت بالأخ الشوباني عند السيد رئيس الحكومة خلال اجتماع الأغلبية، فخاطبني السي بنكيران مازحا: شنو دبا تفرجونا في شي ماتش؟ فأجبته: حاشا، تربطني علاقة متينة بالأخ الشوباني، أنا فقط لي خلاف مع وزير العلاقات مع البرلمان، فضحك السي ابن كيران ورد قائلا: «هادي صعيبة علي شوية مازال خصني نفهمها مزيان».
كنت من الوزراء القلائل الذين كانت لديهم تجربة حكومية سابقة، هل يمكن المقارنة بين حكومة عبد الإله ابن كيران وعباس الفاسي؟ وكيف عشت التجربتين على المستوى الشخصي؟
حكومة الأستاذ عباس الفاسي بدأت بعد حكومة إدريس جطو فشكلت بذلك عودة إلى المنهجية الديمقراطية، وكانت هذه الخطوة تمهيدا للدستور الجديد، بمعنى أنها كانت حكومة سياسية شارك فيها أيضا حزب الأصالة والمعاصرة. ولم يسبق لحكومة عباس الفاسي أن اشتكت من إرث الحكومة السابقة، بل عكفت على مواصلة أوراش حكومة جطو من خلال إعطاء انطلاقة نظام المساعدة الطبية راميد، ومخطط المغرب الأخضر ومجموعة من المبادرات الاجتماعية التي شكلت بالفعل مكاسب اجتماعية مهمة ساهمت في نجاح الحوار الاجتماعي: زيادة 600 درهم للموظفين، توقيع محضر 20 يوليوز لإدماج المعطلين حاملي الشهادات في الوظيفة العمومية، وهو المطلب الذي لاتزال النقابات تطالب بتفعيله إلى حدود اليوم.
أما حكومة ابن كيران فجاءت كما أسلفت في سياق طبعه دستور جديد، فكانت بمثابة ولاية لتنزيل القوانين التنظيمية وحلحلة بعض الإشكاليات الكبرى خصوصا أن سقف الانتظارات بعد الربيع العربي والإصلاحات الدستورية والسياسية والاجتماعية أصبح أعلى وأشهق.
على المستوى الشخصي يمكن القول إنني كنت من المحظوظين بحيث عشت تجربة حكومة بوزير أول ثم حكومة برئيس لها. وتربطني بالرجلين علاقة تقدير واحترام إلى حدود اليوم.
وهنا لاحظ معي أن لا السي جطو تحدث عن إرث المرحوم اليوسفي ولا الأستاذ عباس الفاسي تحدث عن إرث جطو، في حين اليوم تصر الحكومة في كل مناسبة على الاختباء وراء إرث عشر سنوات الماضية. وهنا أدعوك للتساؤل معي: هل المغرب بدأ في 2011 وانتهى في 2020؟ الحكومة اليوم تتحدث عن القطيعة الوهمية وكأن المغرب لا تاريخ سياسي له حتى حلت هذه الحكومة التي تملك كل شيء إلا أن تكون حكومة سياسية، وتنسى أو تتناسى أن المواقع زائلة والأوراش مستمرة، وأن هذا البلد له رب يحميه وعاهل يرعاه.
اسمحوا لي، لا يمكن قبول هراء الحكومة فتاريخ المغرب لا يمكن أن يُختزل في 10 سنوات: تاريخ المغرب وإنجازات المغرب رغم كل الصعوبات والإكراهات والعمل الجبار الذي لايزال ينتظرنا لا يمكن تقزيمه في عقدين من الزمن، وإلا فهي قراءة مغلوطة لتاريخ المغرب ومن حكومة صوت عليها أبناء وبناة المغرب.

ابن كيران رجل حقاني
كيف كان ابن كيران ينظر إلى قطاع الشباب والرياضة؟ وهل كنت تتلقى الدعم اللازم منه للمضي قدما في قراراتك؟
علاقتي مع رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران كانت علاقة خاصة وخاصة جدا، هو رجل «حقاني» يكفي أن تمده بالحجة والبرهان والإقناع ليكون لك ما تريد، وتربطني به علاقة جيدة لأنني كنت ربما الوحيد الذي يسمي الأشياء بمسمياتها في حضوره، وكان يتقبل ذلك برحابة صدر وصفاء سريرة.
أتذكر أنه كان يقول لي مازحا: «واخا أنا شاب لا أفهم الكثير في الرياضة»، ثم يُطلق ضحكته الشهيرة، وعندما أطلقت ورش الحكامة على مستوى الجامعات الرياضية كان يتتبع الملف عن قرب ولقيت منه كل التشجيع والدعم. وقد قال لي مرة: سي محمد فاش تكون متيقن أنك على حق fonce ولا تخش في ذلك لومة لائم».
لكن وللأمانة فإن الدعم الكبير في قطاع الشباب والرياضة الحيوي والحساس كنت أتلقاه من صاحب الجلالة حفظه الله من خلال توجيهاته السامية وعطفه السامي، حيث لم يبخل جلالته علي يوما بالنصح والإرشاد والتتبع.
على ذكر دعم جلالة الملك لك، هل كان هناك تواصل مباشر بينكما في القطاع الذي كنت تدبره؟
نعم، كان هناك تواصل دائم ومستمر مع صاحب الجلالة في أهم الملفات التي كنت أباشرها، وكانت توجيهاته ونصحه دليلا ومرشدا لي، كما كان جلالته يتتبع بشكل شخصي بعض الملفات.
وكنت سعيدا عندما حضر صاحب الجلالة شخصيا نهائي كأس العالم للأندية الذي جمع الرجاء البيضاوي والفريق البفاري بايرن ميونخ، وأيضا الاستقبال الذي خصه جلالته لفريق الرجاء البيضاوي بالمشور السعيد بالدار البيضاء.


هكذا حجبت «الكراطة» إنجازات وأقبرت أخرى
ما هي الإنجازات التي حققتها في قطاع الشباب والرياضة؟
بكل فخر، حققت إنجازات جد مهمة لم تتحقق في السنوات العشر الماضية، لكن مع كامل الأسف حجبت «قضية الكراطة» كل الإنجازات وأقبرت أخرى. ومن بين الإنجازات المحققة تعشيب كل الملاعب الرياضية، حيث لم تعد فرقنا حتى في فئات الهواة تلعب على التراب، اللهم إلا في الحالات التي لا يتوفر فيها العقار، كما تم أيضا بناء ملاعب القرب التي بلغت حوالي 600 ملعب، وتأهيل دور الشباب من خلال برنامج «Big up» بشراكة مع قناة ميدي1 تيفي، والذي منح الفرصة لحضور طاقات شبابية في الساحة الفنية، لكن مع كامل الأسف لم يستأنف هذا المشروع بعد مغادرتي الوزارة، وهي نفس الصيغة التي نشاهدها اليوم في برنامج مماثل على القناة الأولى يحمل اسم «stand up».
هناك إنجازات أخرى تحققت في أرض الواقع لكنها أقبرت أو توقفت بمجرد مغادرتي الوزارة، ويتعلق الأمر بإحداث بطاقة الشباب والاستراتيجية المندمجة للشباب، وبرنامج التشغيل الذاتي بشراكة مع البنك الدولي الذي أعطى فرصة لتكوين وتأهيل الشباب غير الحاصلين على شواهد، والذي استفاد منه أزيد من 10 آلاف شاب.
كما لم نعد نسمع منذ مغادرتي الوزارة شيئا عن المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، وأيضا دوريات أبطال الحي للتنقيب عن الطاقات المحلية، وورش الحكامة على مستوى الجامعات الذي اختفى لتعم الفوضى مرة أخرى، وتترك الجامعات لتواجه مصيرها لوحدها. كما أعدمت عدد من الشراكات مع الثانويات والكليات، ومهرجانات موسيقى الشباب، ومسرح الشباب، ومهرجان الألعاب التقليدية وغيرها.
ومن المشاريع المنجزة خلق 16 استوديو على مستوى دور الشباب كانت فضاء لاختيار الطاقات الشابة في الموسيقى والفنون والرقص إلى آخره، ضمن تصفيات Big up، وكانت بخلفية ضمان فضاء يمكن من صقل وتفتق المواهب الشابة، ويمكن مشاهدة البرنامج على «اليوتيوب»، والدليل أن أول دورة للبرنامج منحت فرصة لظهور فنانة شابة وهي الكوميدية رجاء لطفي، إضافة إلى مواهب أخرى لا تقل أهمية وكفاءة.
وأيضا إنقاذ فضاء رياضي بامتياز بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء بعد أن أصابه التلف لسنوات، ويتعلق الأمر بla casablancaise، وهي معلمة رياضية تمت إعادة الاعتبار لها، وأصبحت متنفسا رياضيا بالبيضاء، إضافة إلى إعادة تأهيل مركز «المنظر الجميل» المجاور للوزارة الذي أصبح بمقومات رياضية حديثة، وتأهيل فضاء المصباحيات بالمحمدية بعد أن ظل مشلولا لسنوات، وتشييد مدن رياضية بالراشدية وكلميم سميت بالواحات الرياضية، فضلا عن المدينة الرياضية بإفران التي عرفت تأخيرا غير مفهوم بعد مغادرتي الوزارة، وبناء مخيم نموذجي بالسعيدية يضاهي مخيم مركز مولاي رشيد ببوزنيقة، وبناء مخيمات بمعايير جديدة مكنت من عملية تخييم فاقت 300 ألف مستفيد على المراحل الأربعة، واللائحة طويلة صدقني.
يمكن القول بشكل صريح: إن رؤية بكاملها تم الإجهاز عليها، لنحتفظ فقط ب»الكراطة» التي كرطت في الواقع كل هذه المشاريع وهذا الطموح.
هذه المشاريع التي لم تعد موجودة اليوم أحدثت دينامية بالوزارة، وجعلتها من القطاعات الأكثر حضورا في حكومة عبد الإله بن كيران، لكني اليوم أتساءل معكم: أين نحن من هذه الدينامية وهذا الحضور؟ لا أحد يتكلم عن الرياضة سوى كرة القدم، وهل تختزل الرياضة اليوم في صنف واحد هو كرة القدم؟ لا أعتقد ذلك. أما قطاع الشباب فحدث ولا حرج، فلا مشروع ولا إنجاز واحد يهم الشباب. مع كامل الأسف نحتضن الرداءة ونقاوم الجودة.


تقدمت بملتمس الإعفاء بعد واقعة «الكراطة» وكان ذلك شجاعة سياسية
ما الذي يشكله إعفاء وزير من منصبه؟ وهل كنت راضيا عن أدائك خلال الثلاث سنوات التي سبقت إعفاءك من الحكومة؟
لا أزال معتزا بالإنجازات التي حققتها الوزارة في عهدي والتي سبقت الإشارة إليها، والدليل أن لا أحد اليوم يتحدث عن أي إنجاز في قطاعي الشباب والرياضة، واللذين أصبحا غائبين تماما في النقاش العمومي، وقد تعاقب منذ ذلك الحين على القطاع ستة وزراء، لكن أداء الوزارة تراجع بشكل رهيب.
لقد تقدمت بملتمس إعفاء من الوزارة تجنبا للإحراج الذي أصاب الجميع، وهي شجاعة سياسية يجب أن يتحلى بها المسؤول حتى لو كان هناك إحساس بالظلم. وفي الدول الأوروبية إذا خرج قطار عن السكة مسببا وقوع ضحايا فإن وزير النقل يستقيل لأن هناك مسؤولية سياسية، وهذا قدر من يتحمل مسؤولية تدبير الشأن العام.
بعد كم الانتقادات التي وجهت إليك في واقعة «الكراطة»، هل شعرت بدعم من رئيس الحكومة وأيضا من لدن حزبك الذي كان عضوا في الائتلاف الحكومي؟
كان دعم السيد رئيس الحكومة لي كبيرا، لأنه تتبع أطوار التنظيم وكان يعرف ما قمنا به لإنجاح التظاهرة الرياضية الدولية، لكنه تلقى بدوره وابلا من الانتقادات بعدما خرج بتصريح مفاده: «هادشي كيوقع في جميع الدول، بلا ما نهولو الأمور»، كما كان حزبي سندا لي في ذلك الظرف العصيب، وأيضا أعضاء الحكومة وكل من عاش عن قرب أطوار تنظيم الموندياليتو.
وقد كانت شهادة الأستاذ ابن كيران في حقي في أول مجلس حكومي أغيب عنه بعد مغادرتي الوزارة وكذا مجموعة من أعضاء الحكومة بمثابة سند كبير. خصوصا بعد إشاعة 22 مليار التي لم يأت بها تقرير أو بحث وإنما جاءت بها تدوينة على الفايسبوك.
للإشارة فقط وربما ستفاجأ هنا: غادرت الوزارة والملعب لم تسدد مبالغه بعد، باعتبار أن التسليم النهائي لم يتم بعد.

هناك محكمة التاريخ وبعد إعفائي قلت اللهم اغفر لقومي إنهم لا يعلمون
بعد أن قضيت ثلاث سنوات في حكومة الإسلاميين الأولى، تركت الوزارة بعد أن طلبت من رئيس الحكومة رفع ملتمس إعفائك إلى الملك في أعقاب الاختلالات التي عرفها تدبير إحدى مباريات كأس العالم للأندية، ما هو الشعور الذي انتابك في تلك اللحظة؟
قلت مع نفسي: «اللهم اغفر لقومي إنهم لا يعلمون»، ثم قلت «اللهم أنت حسبي في من ظلمني، كفى بك يا الله حسيبا، فوضت أمري إليك فقد وعدتنا بالنصر ولو بعد حين». وشهورا فقط بعد كراطة ملعب مولاي عبد الله ظهرت كراطات عديدة في نصف نهائي كوبا أمريكا بملعب chicago الشهير بأمريكا، فتناسلت العناوين: «كراطة أوزين تظهر من جديد في أمريكا»، وكان أمرا مضحكا للغاية.
قبل إعفائك وجهت إليك انتقادات حول طريقة تدبير كأس العالم للأندية، خاصة بعد واقعة «الكراطة»، كيف عشت تلك التجربة؟ وهل تتحملون فعلا وحدكم مسؤولية ما حصل؟
تريد الحقيقة، لا أحد يمكن أن نحمله مسؤولية ذلك، فأرضية الملعب كانت جديدة لكنها لم تتحمل حجم الأمطار التي تهاطلت في ذلك اليوم. وهي حالات عرفتها أشهر الملاعب في العالم، لكن المنطق يغيب عندما تدبر قطاعا يدبر بدوره الأحاسيس والعواطف. أما الكراطة فهي معتمدة من الفيفا، والملعب سلم إلى الفيفا شهرا قبل بداية الموندياليتو، والفيفا وخبراؤها هم من أشروا على جاهزية الملعب، وإلا لكنا اخترنا ملعبا آخر.
على كل حال، فكما أقول دائما هناك محكمة التاريخ، وقد شاهدنا ما وقع لأرضية ملعب الدار البيضاء مؤخرا.

المستوى العالي في اجتماعات مجلس الحكومة
بعد مغادرتك منصبك الوزاري، كيف عشت المرحلة الأولى على المستوى الشخصي والأسري؟
بطريقة عادية، حيث منحت وقتا أكبر للجماعة التي كنت أرأسها، وشرعت في الاستعداد لانتخابات 2016 محليا ووطنيا بحيث كلفت من طرف الحزب بالتنظيم على مستوى الجهات والأقاليم، حتى لا يقال إن الوزارة من صنعت أوزين، وبالفعل حققت الحركة الشعبية بإقليم إفران نتائج غير مسبوقة بعدما تصدرنا نتائج الانتخابات المحلية والمهنية والمجلس الإقليمي والبرلمان، وهي إشارة قوية من قواعدنا بالإقليم على أن «السنبلة» لاتزال شامخة وستكون لها كلمة الحسم مستقبلا.
اليوم وبعد أن مضى أزيد من 7 سنوات على مغادرتك الحكومة، ما هي الذكريات التي تحتفظ بها؟
أحتفظ بذكريات جميلة، حيث كانت اجتماعات المجلس الحكومي تعرف مستوى عاليا جدا من النقاش، وكانت مشاريع القوانين لا تمر إلا بعد نقاش مستفيض، وكان النقاش في البرلمان فيه متعة وفرجة واستفادة، لدرجة أن المواطنين كانوا يلتزمون بمتابعة الجلسات العامة، وهو الأمر الذي أعاد للبرلمان نوعا من الجاذبية بغض النظر عن بعض النقاشات التي كانت تخرج أحيانا عن اللياقة، لكن إجمالا كان النقاش مفيدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.