فتحت مكاتب الاقتراع أبوابها، اليوم الأحد في البرتغال، إيذانا ببدء الانتخابات المحلية التي تجري وسط منافسة محتدمة وتكافؤ في التوقعات بين المرشحين في الحواضر الكبرى، خاصة العاصمة لشبونة ومدينة بورتو شمال البلاد.
ويتوجه اليوم أزيد من 9,2 ملايين ناخب برتغالي إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم من أجل اختيار ممثليهم في 308 بلدية، و308 مجالس محلية، و3221 جماعة قروية، في استحقاقات تشهد منافسة محتدمة بين 817 هيئة حزبية ومجموعات مستقلة.
وتبرز هذه الأرقام حدة المنافسة الانتخابية، حيث تخوض 618 لائحة انتخابية السباق الانتخابي المحلي بشكل مستقل خارج الأطر الحزبية التقليدية، ما يعكس دينامية جديدة للمبادرات المواطنة المحلية.
في المقابل، تؤكد القوى الحزبية الكبرى حضورها القوي، إذ يغطي حزب ش يغا 307 جماعات (99,6 بالمائة)، يليه التحالف الديمقراطي الوحدوي ب299 جماعة، ثم الحزب الاشتراكي ب298، فالحزب الاجتماعي الديمقراطي ب293.
وتعد هذه الانتخابات المحلية الرابعة عشرة منذ بداية المسار الديمقراطي في البرتغال، والتي ت جرى وسط منافسة محتدمة بين اليمين الحاكم والمعارضة الاشتراكية، فيما يسعى حزب اليمين المتطرف "ش غا" (كفى) إلى تحقيق أول اختراق له في إدارة البلديات.
وبهذه المناسبة، دعا رئيس الجمهورية البرتغالي، مارسيلو ريبيلو دي سوزا، مساء أمس السبت، المواطنين إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات المحلية، مؤكدا أن الأموال الأوروبية المخصصة لبلاده تشك ل"فرصة فريدة" تستوجب التعبئة الوطنية.
وأوضح الرئيس البرتغالي، في خطاب موجه للمواطنين، أن أكثر من 23 مليار يورو من التمويلات الأوروبية، من ضمنها مبالغ خطة الإنعاش والقدرة على الصمود، ستوجه إلى الجماعات المحلية، مبرزا أن "الامتناع عن التصويت هو تخل عن فرصة تاريخية لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد".
وتكتسي هذه الانتخابات بعدا رمزيا، إذ ستشهد إعادة إحداث 302 جماعة قروية سبق أن أ دمجت أو حذفت في إطار الإصلاح الإداري لسنة 2013، ليبلغ بذلك إجمالي الجماعات 3393 جماعة، وهي خطوة تهدف، بحسب المحللين للشأن السياسي، إلى تعزيز الهوية المحلية وترسيخ سياسة القرب في تدبير الشأن العام.
في المحصلة، فإن انتخابات 12 أكتوبر ليست مجرد استحقاق محلي لتجديد الأجهزة المنتخبة فحسب، بل تمثل محطة حاسمة لفهم ديناميات التحول السياسي في البرتغال. فهي توفر اختبارا عمليا لمدى قدرة الأحزاب التقليدية على الحفاظ على ثقلها في المشهد السياسي، في ظل صعود ملحوظ للمبادرات المواطنة والحركات المستقلة التي تعيد تعريف قواعد التنافس المحلي.
كما تشكل هذه الانتخابات فرصة لإعادة الاعتبار للهويات المحلية وتعزيز دور المجالس القروية والبلدية في التنمية القريبة من المواطن، مما يجعلها مؤشرا حيويا على اتجاهات الديمقراطية البرتغالية ومستقبل توزيع القوى السياسية في البلاد.