Getty Imagesأكثر من 90 سجيناً ينفذّون إضراباً عن الطعام في البحرين ينفّذ أكثر من تسعين سجيناً في مركز الإصلاح والتأهيل في البحرين، المعروف بسجن جو، إضراباً عن الطعام، وتحديداً في المبنيين رقم 2 و12، اللذين يضمّان بين نزلائهما عدداً من السجناء الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم سجناء سياسيون، أو سجناء الرأي. وهذه ليست المرة الأولى التي يشهد فيها ذلك السجن إضراباً مماثلاً، إذ سبق أن نفّذ السجناء إضرابات لأسباب متعدّدة، غالبيتها تتعلّق بالمطالبة بتحسين ظروف الاحتجاز، أو المطالبة بالإفراج غير المشروط، كما هو الحال هذه المرّة. الإضراب عن الطعام في تونس "آلية مضنية للاحتجاج" أحد السجناء يتحدّث لبي بي سي Getty Imagesأحد السجناء لبي بي سي : "نريد حقنا في الحرية" في تسجيلٍ خاص لبي بي سي من داخل سجن جو، قال أحد السجناء إن الاحتجاجات بدأت في السادس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، حين أرسل السجناء رسائل إلى إدارة السجن يطالبون فيها ب"حقهم في الحرية". وأشار إلى أنه بعد ما وصفه بتجاهل الإدارة لتلك المطالب، امتنع السجناء أولاً عن استلام وجبة الإفطار، ومن ثم وجبة العشاء، قبل أن يقرّروا في الرابع عشر من الشهر الجاري الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام. خضر عدنان: ما هو تأثير الإضراب عن الطعام على أجساد السجناء وصحتهم؟ ولفت السجين إلى أن الإضراب دخل أسبوعه الثاني، ويشارك فيه نحو تسعين سجيناً سياسياً، موضحاً أن بعضهم تدهورت حالته الصحية بشدّة، إذ انخفضت نسبة السكر في دم البعض إلى مستويات متدنية، وسقط عددٌ منهم مغشياً عليهم ونُقل بعضهم إلى المستشفى بسيارات الإسعاف، على حدّ قوله. وأضاف السجين في التسجيل الصوتي: "نحن مستمرون في إضرابنا، نرفع أصواتنا من داخل الزنزانات دفاعاً عن حقّنا في الحرية التي طال انتظارها، رغم الوعود المتكرّرة ورغم التفاعل الشعبي الواسع المطالِب بإنهاء هذا الملف. إن مطلب الإفراج عنّا ليس مطلبنا وحدنا، بل هو مطلب شعب البحرين بأسره، الذي يؤمن بأن مكان شباب الوطن بين أهلهم، لا خلف الجدران"، على حدّ وصفه. وأضاف السجين من داخل سجن جو المركزي أن عدداً من السجناء مسجون منذ أحداث ما سُمّي بالربيع العربي عام 2011، إذ أمضى بعضهم ما يقارب خمسة عشر عاماً من دون أي أفق للإفراج. وأوضح أن السلطات بدأت خلال العامين الماضيين بالإفراج عن عدد محدود من السجناء السياسيين، رغم تصريحات ملك البحرين التي أكّد فيها أن "مكان شباب الوطن ليس السجن"، إلا أن الواقع – بحسب قوله – يثبت عكس ذلك، فالكثير من أبناء الوطن ما زالوا "معتقلين" لمجرد مطالبتهم بحقوق سياسية مشروعة، بحسب تعبيره. Getty Imagesيقول أحد السجناء لبي بي سي إن بعض السجناء ما زالوا في السجن منذ أحداث ما عُرف بدوّار اللؤلؤة عام 2011 وأضاف أن السجناء عانوا خلال سنوات احتجازهم من التعذيب والإهمال الطبّي الذي تسبّب بوفاة عدد من زملائهم، فضلاً عن تقنين المياه والكهرباء والتكييف وتقليل كميات الطعام. كما أشار إلى أن شخصيات رفيعة في وزارة الداخلية سبق أن وعدت بالإفراج عنهم، غير أن هذه الوعود بقيت، كما قال، "مجرّد كلمات"، إذ تخلو لوائح العفو الملكية المتعاقبة من أسماء السجناء السياسيين وتقتصر على الأجانب أو المحكومين في قضايا جنائية، وفق السجين. ليلى سويف تُضرب للشهر الثامن رفضا لسجن علاء عبد الفتاح من بدأ الإضراب؟ بدأ السجين علي الشويخ الإضراب عن الطعام في السادس من الشهر الجاري للمطالبة بالإفراج غير المشروط عنه. وسرعان ما توسّع التحرّك تدريجياً ليشمل سجناء آخرين. تفيد تقارير حقوقية بأن علي الشويخ هو معارض بحريني أوقفته السلطات البحرينية منذ ترحيله من هولندا إلى البحرين عام 2018، بعدما رُفض طلب لجوئه في هولندا. يقضي حالياً أحكاماً بالسجن في سجن جو المركزي بعد أن أصدرت محكمة بحرينية في فبراير/شباط 2019، حكماً بالسجن المؤبّد ضدّه استناداً إلى اعترافات قالت التقارير الحقوقية إنها "انتُزعت منه تحت التعذيب"، كما سُحبت جنسيته البحرينية. وُجّهت إلى الشويخ تهم تتعلّق بالإرهاب، من بينها حيازة أسلحة. ولاحقاً، أضيفت إليه أحكام بالسجن ست سنوات إضافية على خلفية قضايا أخرى ذات طابع سياسي وفق التقارير الحقوقية. مطالبات بالإفراج غير المشروط قال المدافع البحريني عن حقوق الإنسان علي الحاجي، وهو سجين سابق في سجن جو المركزي، إن الإضراب عن الطعام الذي ينفّذه السجناء يأتي احتجاجاً على استمرار احتجازهم، وللمطالبة بالإفراج غير المشروط عن جميع "معتقلي الرأي". وفي مقابلة مع بي بي سي عربي، وصف الحاجي الوضع الإنساني داخل السجن بأنه مقلق للغاية، مشيراً إلى تدهور الحالة الصحية لعدد من السجناء، وإلى أن السلطات تردّ بفرض "عقوبات جماعية " على مبانٍ أخرى لا علاقة لها بالإضراب. وأضاف أن هذه التطوّرات تُظهر أن جوهر الأزمة لا يكمن في سوء الخدمات أو الظروف المعيشية فحسب، بل في "الاعتقال السياسي" ذاته، مؤكّداً أن الرسالة التي يوجّهها السجناء السياسيون واضحة وتتمحور حول مطلبين أساسيين: الكرامة والحرية. وشدّد الحاجي على أن الحل الحقيقي للأزمة يبدأ بإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين من دون أي قيد أو شرط. والدة لويس روبياليس تضرب عن الطعام احتجاجا على"الهجوم غير الإنساني" على ابنها السلطات البحرينية تعلّق Getty Imagesمركز الإصلاح والتأهيل في البحرين: المركز يلتزم بالمعايير الدولية في جميع التعاملات مع النزلاء تواصلت بي بي سي مع الجهات المعنية في البحرين، والتي علّقت ببيان رسمي على ما وصفته ب"الاتهامات والمزاعم" التي تحدّث عنها أحد السجناء في تسجيله الصوتي. فقد أكّد بيان صادر عن مركز الإصلاح والتأهيل في سجن جو، أنه لا يوجد "سجناء رأي" أو "سجناء سياسيون" في البحرين وشدد البيان على أنه لا يتم اعتقال أحد بسبب تعبيره عن موقف أو رأي بشكل سلمي لا يتضمّن تحريضًا على الكراهية أو العنف، لافتا إلى أن كل نزلاء مركز الإصلاح والتأهيل مرّوا بمحاكمات وصفها المركز بالعادلة، وأنها تمّت أمام القضاء المستقل، و"حصل من خلالها النزلاء على جميع الضمانات القانونية المكفولة وفق الدستور". وردّا على مسألة الخدمات الطبية وسوء حال بعض النزلاء الصحية، أكّد ابيان الرسمي أنه "يتم تقديم خدمات الرعاية الصحية عبر المستشفيات الحكومية وهي ملتزمة بأداء واجباتها في توفير الرعاية الصحية المتكاملة لكافة النزلاء على مدار الساعة وبأعلى مستويات الجودة والكفاءة بما يضمن الحفاظ على صحتهم وسلامتهم العامة، وفي جميع التخصّصات الطبية انطلاقاً من مسؤولياتها في تقديم الرعاية الشاملة للجميع، بما يتوافق مع البروتوكولات والمعايير الصحية الدولية المعتمدة". وأضاف البيان أنه في حالات وجود إضراب، تقوم المستشفيات الحكومية بالاستجابة السريعة عبر تقديم المشورة للسجناء بشأن المخاطر الصحية وتوفير عيادة مؤقتة إضافية مخصّصة للنزلاء الذين أبلغوا عن إضرابهم عن الطعام مع توفير طاقم تمريض إضافي من قبل المستشفيات الحكومية، للإشراف على صحة جميع النزلاء، وتوفير دعم طبي إضافي على مدار الساعة. مركز الإصلاح والتأهيل في سجن جو أكد لبي بي سي أن الحكومة البحرينية تتعامل بشكل جدّي مع أي مزاعم لسوء المعاملة، على حدّ وصفه. وأضاف البيان أنه في حال وجود أي شكاوى، يتم التعامل معها في إطار قانوني من قبل الجهات الحكومية أو المؤسسات الرقابية، ذلك أن الحكومة تلتزم بحماية حقوق الإنسان وضمان الامتثال للمعايير الدولية في جميع التعاملات مع النزلاء، وفق ما جاء في الرد الرسمي. وبحسب مركز الإصلاح والتأهيل في سجن جو ، فإن منشآت وخدمات المركز حديثة ومتوافقة مع أعلى المعايير الدولية للمؤسّسات الإصلاحية، معتبرين أنه لو كانت ادعاءات بعض السجناء فيما يتعلّق بسوء الخدمات سليمة لما تم منح المركز الاعتماد الدولي لتوافقه مع المعايير الدولية بعد اجتيازه واكماله لجميع المعايير المتعلّقة بالسلامة والأمن والنظام والرعاية الصحية والبرامج والأنشطة والعدالة والإدارة والتنظيم وتحقيق درجة 100٪ ، معتبرين أن ذلك تأكيد على جودة الخدمات المقدّمة إضافة إلى قدرة المركز على التعامل مع المواقف المختلفة بانضباطية، وفق البيان. بين العفو والبرامج البديلة تفيد الأرقام الصادرة عن منظّمات حقوقية بأن سجن جو كان يضم العام الماضي نحو ألف ومئة سجين ممن يصفونهم بالسجناء السياسيين. غير أن موجة الاحتجاجات التي شهدها السجن آنذاك، والتي وصلت أصداؤها إلى منظمات حقوقية دولية، أسفرت عن الإفراج عن عدد كبير من السجناء، سواء عبر عفو ملكي أو من خلال تطبيق التدابير البديلة. وتشير المصادر الحقوقية نفسها إلى أن عدد "السجناء السياسيين" يبلغ حالياً 322 شخصاً، موزّعين على مبانٍ عدة داخل السجن. وفي هذا الصدّد أكّد بيان مركز الإصلاح والتأهيل في سكن جو، أن مبادرات العفو الملكي والعقوبات البديلة والسجون المفتوحة في البحرين شملت آلاف المحكومين، في إطار سياسة شاملة تهدف إلى تأهيل الأفراد وإعادة دمجهم في المجتمع في نقلة وصفها البيان بال "نوعية" في مجال سياسات العدالة الإصلاحية، معتبرا أنها تتجسّد من خلال منظومة متكاملة من البرامج التدريبية والتأهيلية. ولفت البيان إلى أن هذا النهج قد أثمر عن نتائج ملموسة، حيث تُسجّل البحرين واحدة من أدنى نسب العودة إلى الجريمة عالمياً، التي لم تتعدّ 2.5% بين المستفيدين من هذه البرامج. وهذا ما يؤكّد نجاح النموذج البحريني في أن يكون إعادة الإدماج المجتمعي غايةً أساسيةً في مسيرة الإصلاح الجنائي، بحسب ما ورد في البيان. * ماذا بعد دخول الإضراب في سجن جو البحريني أسبوعه الرابع؟ * ما الذي يطالب به المضربون عن الطعام في البحرين؟ * السجناء في سجن جو البحريني يواصلون إضرابهم عن الطعام * لماذا ألغت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيارتها إلى البحرين؟