ما الذي تتوقع حدوثه إذا وضعنا كوباً من الماء في الفضاء؟ سيتجمد أم سيغلي؟ حسناً، من المعروف أنّ الحرارة هي مقياسٌ لحركة الذرات في المواد، فإذا لم تكن هناك مادة، كما في الفضاء، لن توجد حرارة. إذن فالفضاء مكانٌ بارد للغاية وخاصةً في الأماكن التي لا تصل إليها حرارةُ نجمٍ ما. وبالتالي ستكون إجابتك أن الماء سيتجمد. صحيح؟ من ناحيةٍ أخرى، جميعنا يعرف أنَّ الفضاء ما هو إلا فراغ، وهو ما يعني انخفاض الضغط وبالتالي انخفاض درجة حرارة غليان الماء، مما يسبب غليان الماء سريعاً ومن ثمَّ تحوّله إلى بخار. فأيُّ التوقعين صحيحٌ يا ترى؟ الغريب أنَّ كلتا الحالتين تحدثان لكوب الماء في الفضاء، ولكن كيف يحدث هذا؟ كما تبيّن لنا، عندما يتبول الرواد في الفضاء، يتحول الماء سريعاً إلى بخار، والذي سرعان ما ينتقل بدورهِ مباشرةً من الطور الغازي إلى الطور الصلب، وهي العملية التي تُعرف بنقيض التصعُّد "desublimation" حيث يتحول بخار الماء إلى كريستالات متجمدة صغيرة الحجم من البول. وعلى الرغم من أنّ البول لا يتكوّن كلياً من الماء، إلا أنّه من السهل توقع حدوث نفس الشيء مع كوبٍ من الماء في الفضاء. ممّا يعني أنّ عملية الغليان تحدث أولاً وتليها مباشرةً عملية التجمُّد. بالنسبة للماء على كوكبنا الأرض، فهو يغلي بسرعةٍ أكبر في حال وجوده على قمة جبل من غليانه في مستوى سطح البحر وذلك بسبب انخفاض الضغط. وفي الواقع، يمكنك شرب كوب من الماء المُغلى فوق بعض الجبال حيث تتوفر الظروف المناسبة لذلك من الارتفاع الشاهق ودرجات الحرارة المنخفضة بالإضافة إلى قلّة الضغط الناتج عن صغر تأثير الغلاف الجوي. في المعمل، يمكنك جعل الماء يغلي في درجة حرارة الغرفة ببساطةٍ عن طريق إخضاعه لفراغٍ جزئي. وهذا تقريباً ما يحدث في الفضاء. سارة تركي