في الوقت الذي دعا فيه الأمين العام للأمم المتحدة إلى تنظيم مؤتمر لمانحي المساعدات للمحتجزين في مخيمات تندوف، يتجاهل بشكل مثير للتساؤل، الفضيحة المدوية التي كشفها تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الغش حول الاختلاس الممنهج للمساعدات المقدمة إلى محتجزي تندوف والذي أكدته تقارير المفوضية السامية للاجئين وبرنامج الغذاء العالمي. وللتذكير، فإن تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الغش أتبث بما لا يدع مجالا للشك أن البوليساريو والجزائر عمدتا ،على امتداد عدة سنوات، على اختلاس المساعدات المقدمة للمحتجزين بمخيمات العار، وأنهما أقدمتا ولا تزالا على النفخ في أعداد المحتجزين لتلقي المزيد من المساعدات التي تُحول بعد إعادة بيعها، إلى جيوب قادة الانفصال وعرّابيهم الجزائريين، لذلك ترفضان بشكل قاطع كل محاولة لإحصاء ساكنة المخيمات رغم الدعوات المتكررة لمجلس الأمن والتي يبدو أن بان كي مون تجاهلها خلال زيارته للمخيمات. ويغطي التقرير الفترة الممتدة من 2003 إلى 2007، حيث تم التحقق من تحويل المساعدات المقدمة إلى ساكنة تندوف إلى أسواق في الجزائر، مالي وموريتانيا. التحقيق الذي قام به المكتب الأوروبي لمكافحة الغش انطلق سنة 2003 عندما اكتشف مسؤول بالاتحاد الأوروبي صدفة في أحد أسواق مالي ،حيث كان يقضي عطلته، أكياسا تباع للعامة تحمل علامة الوكالة الأوروبية للمساعدات الإنسانية ويضم كل واحد منها 25 كيلو غرام من الحليب المجفف. ويقول التقرير إن الذي سهل عمليات الاختلاس هذه، تقديم الاتحاد الأوروبي لمساعدات غذائية لفائدة 155 ألف لاجئ على مدى سنوات، وهو رقم قدمته الجزائر ولا يستند على أي إحصاء حيث لم تسمح الجزائر لحد الآن للمفوضية السامية للاجئين بإحصاء ساكنة المخيمات. ومع بدء التحقيق، كلف الاتحاد الأوروبي مركزا للأبحاث من أجل التأكد عن طريق الأقمار الصناعية من العدد الحقيقي للمحتجزين الذي حدد إبانها ب 91 ألف شخص، وهو ما يعني أن الاتحاد الأوروبي ظل يقدم مساعدات ل64 ألف شخص غير موجودين على أرض الواقع. ومن بين أساليب الغش التي كشفها التقرير، إقدام المسؤولين الجزائريين وقيادة البوليساريو على إفراغ أكياس المواد الغذائية القادمة من أوروبا وتعويضها بمواد غذائية محلية أقل جودة. وكشف التقرير أيضا، إجبار البوليساريو أسرى الحرب المغاربة على العمل في بناء مستشفى ومدارس بتمويل من الاتحاد الأوروبي الذي كان يوفر أيضا أجرة العاملين في البناء، غير أن قيادة البوليساريو كانت تشغل الأسرى المغاربة دون تعويض وتحتفظ لنفسها بالمبالغ المتبقية. وإذا كانت هذه الأدلة الدامغة التي كشفتها وأكدتها جهات ذات مصداقية، فإن دعوة بان كي مون إلى مؤتمر للمانحين، وتجاهل الجرائم التي ترتكبها البوليساريو والجزائر في حق المحتجزين و تجاهل المتاجرين بقوتهم، لا يمكن إلا أن تشكل تبريرا مقصودا لها وغطاء للمختلسين، مما يتطلب فضح هذا الانزلاق الخطير.