-(1)- مع مقدم الخريف، ومن زمان غابر... أنا لا أذكره. خبأ مالك الحزين والخدر يثقله، كمد السنين بين جفنيه، كأنه حيزبون تخزر الحياة في شوطها الأخير بحسرة. تساقط على ريش جناحيه أوراق لبلاب برية، سجاها الاصفرار الواهن، كالشجن ساعة الرحيل اللامنتظر. أو جذوة حب طفق يستعر. وغير بعيد عن الغدير الموحش، هنالك، في تضاعيف النجد المقفر، بصمت جنائزي يوحشني، قبرات تشحذ ريشها من اجل مغامرة دورية. -(2)- غلالة حزن رمادية مثل هالة بدر، تحوم حول محجري الفينيق المترعتين بالصبابة وتقاسيم الجوى في كبد الدجى. وعندما اكتويت على حين غرة، حدجت جفوتي، وطلل ألفي، وحرقة حنيني، لظلال غجرية رسمتها، مستوحدا، بجحيم سهادة أضنتني، وحدجت هامات زنبقات أجهضها زحف الخريف. وفي الليلة المقمرة عينها ارتج الفينيق داخل المثوى الرمادي فانتقض صادحا لغجريتي المزورة عني، الراحلة بلا استئذان، مثل طيف قبيل الغروب، صوب ضياء العابرين، بأنشودة العشق، والوجد من جديد، فكبا، وتهير من تيم الهوى الداهم عنوة، ولظى الغربة، والخيالات اللاهبة، ليتكسر كالضياء على الغدير الآسن؛ في زمن كالخريف، وفي وطن كالوطن.