من الواضح أن الرياضة تستغل دائما في السياسة، متجاوزة بذلك الفلسفة الأصلية التي تحاول أن تروج لها، وهي ما تسمى بالروح الرياضية، التي تم تقعيدها على الخصوص في الألعاب الأولمبية، كملتقى للتنافس الشريف والتعارف بين الأمم، غير أن هذا الإطار الرياضي، يتم خرقه باستمرار من طرف الأنظمة في دعايتها الداخلية وفي صراعاتها الخارجية. وقد عملت الأنظمة الشمولية، خاصة النظامين النازي، في ألمانيا، والنظام الفاشي، في إيطاليا، على استغلال المسابقات الرياضية، لمحاولة الترويج للتفوق الجسدي، للإنسان الألماني والايطالي، مقارنة مع الأمم الأخرى، لذلك جعلا من الرياضة محوراً من محاور الترويج للسياسة والإيديولوجيا. كما كان الشأن كذلك، بالنسبة لنظام فرانكو في إسبانيا، الذي استغل تفوق فريق ريال مدريد لكرة القدم، وجعل منه أداة لتحسين صور, إسبانيا الديكتاتورية، أمام العالم، حيث كان مسؤولو هذا النظام يصرحون أن الفريق يشتغل أكثر من الآلة الديبلوماسية. وقد امتد هذا النوع من استغلال الرياضة في السياسة، إلى الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي، خلال مرحلة الحرب الباردة، حيث كان المعسكران يتنافسان في المسابقات الرياضية، ليؤكدا تفوق نموذجهما السياسي والاقتصادي والاجتماعي، خارج الرياضة، ووصلت حدة المواجهة، عندما قاطعت الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومعها ست وأربعون دولة، الألعاب الأولمبية في موسكو، وجاء الرد بعد ذلك، عندما قاطع الاتحاد السوفياتي، ومعه أربع عشرة دولة، الألعاب الأولمبية المنظمة في لوس أنجليس. وفجرت مقابلة في كرة القدم حربا بين السالفادور والهندوراس، حيث كانت العلاقات الديبلوماسية متوترة قبل ذلك، فكانت الرياضة هي النقطة التي أفاضت الكأس. ومن المؤكد أن هذا التوظيف السياسي للرياضة، سيتواصل، رغم أنه يعتبر انتهاكا لفلسفة الرياضة وروحها، الأمر الذي يستدعي ضرورة الوعي بخطورة هذا الاستغلال وتأثيره السلبي على الشعوب، سواء في أوضاعها الداخلية، أو في علاقاتها الخارجية، لأنه تضليل وإلهاء عن المشاكل الحقيقية والتحديات الفعلية، في الوقت الذي تتحول فيه المسابقات الرياضية إلى مهدئ وأحيانا إلى مخدر.