الاتحاديون بآنفا الحي الحسني، يخلدون ذكرى اغتيال الشهيد عمر بنجلون بنفَس شبابي إحياء للذكرى 43 لاغتيال الشهيد عمر بنجلون، نظمت الكتابة الإقليمية آنفا الحي الحسني بالدارالبيضاء، مائدة مستديرة مساء الجمعة 21 دجنبر بالمركب الثقافي سيدي بليوط، في موضوع «الشباب: المقاربات السياسية والاقتصادية والاجتماعية»، أطرها كل من رحاب حنان عضو المكتب السياسي للحزب ونائبة برلمانية، بعلي الصغير عضو المجلس الوطني للحزب والكتابة الجهوية، وعبد العالي مستور الفاعل الجمعوي والمدني، في حين اعتذر عن المشاركة في هذا اللقاء السياسي والفكري في آخر لحظة، عبد الحميد جماهري عضو المكتب السياسي ومدير نشر وتحرير الجريدة لتزامنها مع مؤتمر الفدرالية المغربية للناشرين . ندوة قام بتسيير أطوارها الزميل محمد الطالبي، الصحفي بجريدة الاتحاد الاشتراكي، الذي ذكر بسياقات ودلالات تنظيمها في البداية، داعيا الحاضرين إلى الوقوف لقراءة الفاتحة ترحما على الشهيد عمر بنجلون وشهداء الحركة الاتحادية والوطن، وكذا ضحيتي العملية الإرهابية بإمليل، مؤكدا بهذه المناسبة الأليمة على رفض كل أشكال التطرف والإرهاب وضرورة التعبئة المجتمعية في مواجهة قوى الظلام. لقاء فكري شبابي بامتياز، منح خلاله المسيّر الكلمة لعدد من الشباب لطرح أسئلة مباشرة على المؤطرين، في الشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، لكي يقدموا مواقف الحزب بشأن مضمونها، ورؤيته ومدى تفاعله معها، حيث تعاقب على طرح الأسئلة والاستفسارات في هذا الصدد كل من يوسف الملياني، خالد أمغدور، أميمة عقار، وئام حامض وحمزة غراد، والتي توزعت مابين السبل الكفيلة بتنزيل جهوية حقيقية وتجاوز التداخل في الاختصاصات بين المركز والجهات، وبين التأطير باعتماد التكنولوجيا الحديثة والانفتاح على الشباب لتحصينهم من السقوط في براثن الإرهاب والتطرف، مرورا بسياسة الحزب في مواجهة الهجرة السرية للشباب، وتصوره من أجل النهوض بالاقتصاد ودعم المقاولات الصغرى، وكذا رؤية الحزب للبعد الثقافي وموقفه من منع فناني الشارع وغيرها. أسئلة تفاعل معها المتدخلون باهتمام بالغ، حيث أكدت رحاب حنان على كون ورش الجهوية هو جديد ببلادنا الذي انطلقت فصوله سنة 2015 إذ تم الانتقال إلى 12 جهة عوض 16، مشيرة إلى أن الممارسة الفعلية على أرض الواقع بيّنت على تفاوتات في تراكمات الجهات، وتم الوقوف على تباين في ما بينها، بالنظر إلى أن هناك جهات فقيرة بدون إمكانيات وبلا بنيات مقارنة بأخرى غنية. وأوضحت عضو المكتب السياسي في مداخلتها أن قانون الجهوية جاء بدون رصد إمكانيات تضمن تكافؤ الفرص في ما بين الجهات، وأن الاعتمادات المالية المرصودة لا تلبي انتظاراتها وحاجياتها المتعددة والمختلفة بحسب خصوصيات كل جهة، التي يجب أن تكون فاعلا ومنشطا اقتصاديا بعيدا عن أدوارها التقليدية، مؤكدة أنه سيكون من الضروري إعادة النظر في هذا القانون وفي اختصاصات الجهات. من جهة أخرى، شددت عضو الفريق الاشتراكي على أن الشباب هو أكبر آلية لمواجهة الأفكار المتطرفة والإرهاب بالفكر التنويري الحداثي، مؤكدة أهمية التأطير الذي يتعين على جميع التنظيمات الحزبية والمدنية إيلاءه الأهمية الكبرى، لتحصين الشباب من السقوط في براثن الإرهاب والتطرف. واستعرضت رحاب أوجه وأشكال التعبير عن التنديد بالحادث الإرهابي لإمليل وموجة التضامن الواسعة التي عبر عنها المغاربة، محيلة الحاضرين على أحداث إرهابية أخرى مؤلمة عاشتها بلادنا منذ 1993 إلى اليوم، مبرزة أن هناك انتقالا خطيرا في الفعل الإرهابي، الذي تطور من القيام بعمل انتحاري إلى اللجوء إلى الذبح وفصل الرأس واستهداف النساء، مشددة على أن هذا الحادث بكافة تفاصيله، غريب عن المغرب والمغاربة الأبرياء من هذه الأعمال الإرهابية، وعلى أن الفقر والهشاشة ليسا بدافع للتطرف بالنظر إلى الوضعية الاجتماعية وطبيعة تكوين عدد ممن سافروا إلى عدد من الأقطار العربية وضمنها سوريا للمشاركة في الحروب هناك، مبرزة أن هناك منابع داخلية للإرهاب، وأن الفكر المتطرف عابر للعقول والدول، ويجب تجفيف منابعه وعدم التسامح مع الآراء التي تمجّد القتل. وشددت رحاب على أن استغلال الدين في السياسة لم يعد مسموحا به، وأن من قتل عمر بنجلون وآيت الجيد هو الذي ارتكب أحداث 1993 و 2003 وكان وراء الجريمة الإرهابية بإمليل، مستنكرة مسلسل استهداف الجامعة والأحزاب الجادة والعمل الجمعوي الهادف والبناء، مشددة على أن مواجهة الإرهاب لا تكون فقط باعتماد المقاربة الأمنية وإنما الجميع معني بها باعتماد مقاربات متعددة ومختلفة. وبخصوص نتائج استطلاعات الرأي التي تنشر بين الفينة والأخرى عن الشباب والهجرة وغيرها، أكدت رحاب حنان، أن عددا من الاستقراءات والاستطلاعات، ليست بالضرورة محايدة ونتائجها مضبوطة، لغياب معايير علمية معتمدة موحدة وغيرها من الملاحظات، التي يمكن طرحها في هذا الصدد، مشددة على أنه يجب توفير تعليم جيد وصحة للجميع وشغل للراغبين فيه من الشباب، مبرزة أن هناك إشكالية في هذا الصدد لايمكن تجاهلها، مستدلة بعدد مناصب الشغل المحدودة في القطاع العام وإشكالية الحماية الاجتماعية بالقطاع الخاص، مما يتطلب بذل مجهود أكبر في هذا الصدد. ونبّهت عضو المكتب السياسي إلى الكيفية التي تم بها ترويج الأشرطة إعلاميا وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، التي توثق للهجرة ودخول وخروج زوارق إلى بلادنا وعلى متنها شباب مهاجرون، محذرة من الطريقة التي اعتمدت لغايات مخدومة، ودعت إلى فتح آفاق للشباب ومنحه الأمل في مستقبل أفضل ببلاده، وشددت على ضرورة تطوير مناخ الأعمال ومحاربة الرشوة والفساد. رحاب حنان دافعت كذلك عن تجربة الاتحاد الاشتراكي في الحكومة التي يرأسها سعد الدين العثماني، التي شارك فيها بناء على قرارات الأجهزة الحزبية، مشيدة بالدور الذي يقوم به الوزراء الاتحاديون كل من موقعه، مسلطة الضوء على عدد من التراكمات التي تم تحقيقها، وإلى دور الفريق الاشتراكي في المتابعة والمحاسبة وتقديم المقترحات، بما يخدم الوطن وينعكس إيجابا على المواطن المغربي. ودعت رحاب المثقفين إلى القيام بأدوارهم والعودة إلى مكانهم الطبيعي في المجتمع والمساهمة البناءة من موقعهم في الدفع به قدما، مشددة على تضامنها مع فناني الشارع وعلى كون الحزب هو ضد منعهم، وأن موقفه واضح في هذا الصدد، شأنه في ذلك شأن مواقفه من مجموعة من القضايا التي تهم الأساتذة المتعاقدين والمرسبين والشغيلة الصحية وغيرهم. من جهته، دعا بعلي الصغير إلى تجاوز التداخلات في ما بين المركز والجهات، وعدم تكرار المجهود المادي والفكري والبشري في عملية محددة مجاليا، مؤكدا على ضرورة تفعيل تصور عملي للجهات وتطوير إمكانياتها وتقليص نواقصها لتثمين كل الموارد المتوفرة. وأكد عضو المجلس الوطني للحزب على ضرورة تطوير الإمكانيات الكفيلة بتشغيل المقاولات الصغرى والمتوسطة، مشددا على أن الجهات بإمكانها المساهمة إيجابيا في ذلك إذا ما عملت على تنزيل القوانين، وطورت من إمكانياتها ورصيدها، مبرزا أن الدولة إذا ما حرصت على تطوير مجهوداتها في مجالات التعليم والصحة وإعداد التراب الوطني، على مستوى الطاقة والماء والبيئة، فإن ذلك سينعكس إيجابا على مجالات وقطاعات أخرى، مضيفا أنه من الخطإ دعم الدولة لعدد من المجالات بنفس الكيفية، مشبها الأمر بالأفعى التي تأكل ذيلها. وأوضح بعلي الصغير أن الجهات لا تتوفر على فائض لخلق قيمة مضافة من أجل استثمار قوي في الظرف الحالي، في الوقت الذي لا يمكن فيه القيام بإنتاج إضافي لخلق ثروة إضافية في السلسلة الاقتصادية المتوالية. وبخصوص قضية الشباب، وقف عضو الكتابة الجهوية بالدارالبيضاء-سطات، عند دور السوسيولوجيا وعلم الاجتماع في تنشئة الشباب إلى غاية الثمانينيات، مشيرا إلى أن هناك برامج لكن بأجوبة جزئية وليست شمولية، مشددا على دور المدرسة والمسألة التعليمية في تكوين الناشئة على مستويات عدة. وأكد المتحدث أن هناك نقلة نوعية في استعمال التكنولوجيا المتطورة والولوج إليها ودمقرطتها للغالبية العظمى، إلا أنها تظل غير كافية ولا تعني بالضرورة تطوير العقليات بالمقابل، مشددا على دور الجامعة ومعاهد البحث العلمي في تطوير مستقبل الشباب نحو الأفضل. بعلي الصغير، أبرز كذلك أن دستور 2011 أسس لمرحلة جديدة في تاريخ المغرب، مشددا على أنه لا يمكن تسيير دولة بدون أحزاب أو بإضعافها، مستعرضا عددا من الإشكالات التي ساهمت في تراجع أدوار عدد من الأحزاب، بفعل جملة من العوامل الذاتية والموضوعية، مؤكدا على دور الأحزاب الوطنية الديمقراطية في مسار البلاد وفي مستقبلها. واختتم بعلي مداخلته بالتشديد على دور المسألة التعليمية التي تعتبر مدخلا في جميع الحضارات والثقافات، داعيا إلى أن تكون مصلحة الوطن والمواطنين، هي الإرهاص الحقيقي للفاعلين والمسؤولين كل من موقعه، لتطوير البلاد بعيدا كل البعد عن المصالح الشخصية. بدوره عبد العالي مستور، ساهم في إغناء نقاش المائدة المستديرة، منطلقا مما اعتبره إقرارا رسميا على وجود عطب كبير في النموذج التنموي، مشيرا إلى عدد من الأرقام والإحصائيات التي تبرز هذا المعطى بشكل جلي، خاصة تلك التي تهم تشغيل الشباب وعطالتهم، ووضعية الهشاشة التي يعيشها عدد منهم، مبرزا بالمقابل أن المغرب انخرط في مسلسل جدي ومعقول من الإصلاحات منذ أواخر التسعينيات، مشيرا إلى الهيكلة الدستورية المهمة التي قام بها، لكن نتائجها كانت محدودة، مع وجود مفارقات كبيرة وغياب لرؤية عقلانية، مستغربا مما وصفه تشخيص الدولة للأزمة ورفعها لسقف الانتظارات مقابل اشتغالها بالقطاع غير المهيكل، كما هو الشأن بالنسبة للمبادرة ! وأوضح مستور أن الهندسة الدستورية التي وضعها، عرفت عزوفا عن تنفيذها من طرف الدولة وعدد من الفاعلين السياسيين، مشددا على أنه لايمكن فهم الديمقراطية دون تأسيس العقيدة الدستورية، مشيرا إلى وجود عجز في قدرات الفاعلين، ونفس الأمر بالنسبة لعلاقة الدولة بالمؤسسات وبالمجتمع، مؤكدا أن العزوف عن المجال المؤسساتي، يشكل أكبر تحدي في المغرب. ونبّه مستور مما وصفه بالتعبيرات الاحتجاجية التي تتخذ تعبيرات السخط في عدد من المحطات، والتي يجب الانتباه إليها بشكل دقيق، مؤكدا أن الصمت قد يوحي بأن هناك اطمئنانا خلافا للحقيقة، داعيا إلى تقوية الوسائط وتطوير دور الفاعلين. وأكد رئيس منتدى المواطنة، أن المسألة الشبابية، تقع في قلب التحدي المغربي، داعيا إلى أن تعامل الدولة الشباب باعتباره حلا وليس مشكلا، وإلى سن سياسات عمومية له واستثماره كفاعل، مشيرا إلى أن انتظارات الشباب كبيرة في غياب مبادرات فعلية، مشددا على ضرورة الحرص على تقوية المجال المنظم وتطويرعمل مؤسسات الدولة والأحزاب والجمعيات، مؤكدا على دور الأحزاب الوطنية والديمقراطية، داعيا إلى الاتفاق على ميثاق من أجل الدفاع عن الحزبية في المغرب وإعادة الاطمئنان والثقة إلى المواطن.