احتج العديد من المحتجزين بمخيمات تندوف أمام القيادة العامة للبوليساريو بالرابوني وهم يلبسون السترات الصفر، وذلك للتعبير عن امتعاضهم من تدهور الأوضاع الاجتماعية والنهب الذي تقوم به قيادة البوليساريو للمساعدات الموجهة للصحراويين. ورغم الظروف المناخية الصعبة قرر العديد من المحتجزين الاعتصام في الرابوني، ويأتي قرار ارتدائهم للسترات الصفر كمحاولة لإثارة الانتباه دوليا إلى مأساتهم، بعد أن تحولت هذه السترات إلى رمز للاحتجاج منذ أن ظهرت في فرنسا. وتفجرت في الآونة الأخيرة العديد من الفضائح المتعلقة بنهب المساعدات والاغتناء على حساب مأساة الصحراويين المحتجزين، بل إن صدى هذه الفضائح وصل إلى وسائل إعلام مقربة من الانفصاليين. فقد نشر موقع « مستقبل الصحراء» مقالا كشف عن نهب قيادة البوليساريو لنسبة كبيرة من المحروقات التي تتوصل بها المخيمات مجانا من طرف الجزائر وإعادة بيعها في السوق السوداء بالجزائر نفسها أو موريتانيا. وتحدث المقال عن 300 طن من المحروقات تقدمها الجزائر شهريا كمساعدة للمخيمات، لكن لا يصل منها إلا 80 طنا، فيما الباقي، 220 طنا، يعاد بيعه وتذهب عائداته إلى جيوب قيادة الانفصاليين. وتزامنت هذه الفضيحة مع فضيحة أخرى ىتتعلق بتبخر مبلغ 2.5 مليون أورو من المساعدات التي تقدمها الجزائر والتي لم تستطع قيادة البوليساريو أن تبرر أوجه صرفها. ولا تعد هذه المرة الأولى التي تبرز فيها فضائح مماثلة على السطح، فالاغتناء على حساب الصحراويين المحتجزين أسلوب قديم منذ إنشاء هذه المخيمات، وتكفي الإشارة إلى تقرير قدم للبرلمان الأوروبي في 2013 ويغطي الفترة الممتدة من 2003 إلى 2007، والذي رفعه المكتب الأوروبي لمكافحة الغش بخصوص المساعدات الأوروبية المقدمة لمحتجزي تندوف، وأكد أن جزءا كبيرا من المساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي للمخيمات يتم تحويلها لتباع في أسواق الجزائرموريتانياومالي. المعطيات التي تضمنها التقرير آنذاك تؤكد أن قادة البوليساريو وجنرالات الجزائر اغتنوا، ولسنوات طويلة، على حساب معاناة المحتجزين، بل وصل بهم الأمر إلى « الكذب» في واضحة النهار على الاتحاد الأوروبي من خلال تضخيم عدد المحتجزين لتلقي مزيدا من الأموال كانت تنتهي في جيوبهم. التحقيق الذي قام به المكتب الأوروبي لمكافحة الغش انطلق سنة 2003 عندما اكتشف مسؤول بالاتحاد الأوروبي صدفة في أحد أسواق مالي حيث كان يقضي عطلته، أكياسا تباع للعامة تحمل علامة الوكالة الأوروبية للمساعدات الإنسانية ويضم كل واحد منها 25 كيلو غراما من الحليب المجفف . ويقول التقرير إن الذي سهل عمليات الاختلاس هذه تقديم الاتحاد الأوروبي لمساعدات غدائية لفائدة 155 ألف لاجئ على مدى سنوات، وهو رقم قدمته الجزائر ولا يستند إلى أي إحصاء حيث لم تسمح الجزائر لحد الآن للمفوضية السامية للاجئين بإحصاء ساكنة المخيمات. ومن بين أساليب الغش التي كشفها التقرير إقدام المسؤولين الجزائريين وقيادة البوليساريو على إفراغ أكياس المواد الغذائية القادمة من أوروبا وتعويضها بمواد غذائية محلية أقل جودة. ورغم هذه الفضائح، تواصل قيادة البوليساريو نهج نفس السياسة، الاتجار بمأساة الصحراويين المحتجزين، وإطالة أمد هذه المأساة لأطول فترة ممكنة، وبالتالي الاغتناء عن طريقها.