صدر للباحث والكاتب المغربي عثمان بوطسان كتاب جديد حول» الأدب الأفغاني المعاصر والحديث» عن دار زهدي للنشر والتوزيع في الأردن. يعتبر هذا الكتاب الأول من نوعه في العالم العربي، حيث يهتم بأدب تجاهله الباحثون لأسباب سياسية وأيديولوجيات معينة. وجدير بالذكر أن الكاتب متخصص في الأدب الأفغاني المعاصر، حيث يدخل هذا الكتاب ضمن أطروحته التي خصصها لدراسة الأدب الأفغاني المعاصر والحديث. يحاول الكاتب من خلال هذا الأصدار الجديد، تغيير الصورة النمطية التي رسمتها أمريكا حول أفغانستان، كما يحاول رصد التقلبات والمراحل التي أثرت بشكل كبير في تاريخ أفغانستان المعاصر، حيث خلفت مجتمعا متناقض الهوية، متضارب الشعور، غريبا في وطنه. فقد أفقدته النوازع العقدية والاختلافات الفكرية المتطرفة، علاقته السَّمحة والنقية بتاريخه الحافل، ما انعكس بشكل سلبي على مُختلف مكوناته، فأصبحت شخصية الأفغاني، شخصية مُعقدة، ترحل من ذاتها المبعثرة، نحو ذات متكسرة، لا يستطيع الوطن ولا الواقع لملمَتها، كما أصبحت المرأة الأفغانية القوية، امرأة مهزوزة المَدارك، مُستغلَّة أبشع استغلال، خصوصا مع تنامي الفكر الأصولي المتطرف للفصائل والحركات المُتطرفة العربية، المقبل من بلاد الحجاز ومصر، واليمن، ومن تأثر به. حقيقة، فالشخصية الأفغانية شخصية تقليدية، تم استغلال سذاجتها، وحُسن نواياها وتعلّقها بالدين وقداسة السلطة، وبحثها عن الهوية والوحدة، واعتزازها بتنوعها، أبشع استغلال من طرف من يُتاجر بالدين لأجل مصالحه الخاصة، فأصبح ما كان متاحا مقبولا في الأسرة الأفغانية، مرفوضا مُحرما، وأصبح التعامل مع المُخالف يتجاوز أعراف القبيلة، إلى أحكام سلطة المتدينين، الذين يفرضون أقسى العقوبات باسم الدين، فأخرجَ لنا هذا النمط من التفكير والتصور نموذجا مُشوَّها، عن الشخصية التاريخية، للأفغاني المعاصر. كل هذه الاختلالات التي طبعت المجتمع الأفغاني، كانت ركيزة الانطلاق نحو فضاء شعري وأدبي جديد، لشعراء التجديد وأدباء التحديث في الأدب الأفغاني الحديث، فهؤلاء الأدباء والشعراء، لا يختلفون في نكستهم وشعورهم، عن نكسة شعراء المهجر والديوان وشعراء الغربة، حيث تجتمع الغربة بالضياع، والعزلة، والبحث عن الهوية الجديدة، في ركام التاريخ، والقيم، وتجليات الصّور والرموز، ومتاهات التَّخييل.