قد تكون المشكلة الصحية، كما في بيان مبعوث الأمين العام الأممي هورست كوهلر، في مشكلة كبرى كالقضية الوطنية بلا أهمية تذكر، و بلا تأثير، كما قد يكون تفسيرها، نوعا من حفظ الأسباب الحقيقية عن العموم، لكنها قد تكون أيضا نتيجة لتعقد المشكلة نفسها، والمجهود المضني الذي صار مطلوبا من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، بالإيقاع الذي دخلت فيه منذ محادثات جنيف ، وبعد إعادة ترتيب التوقيت الزمني للمينورسو (نص عام عوض عام)… غير أن الشهادة الطبية الخاصة بالسيد كوهلر، سيكون لها انعكاس صحي على المنطقة كلها، بل ستتداعى لها المنطقة بالسهر والحمى.. لا يمكننا أن نستبعد، للوهلة الأولى، ما حدث في الآونة الاخيرة، من تفاوت في تقدير الموقف، بين ما أوْحى به المبعوث الشخصي، في تقرير الامين العام من مواقف، وبين ما ورد في قرار مجلس الامن 2468. فقد كان التقرير، بناء على مجريات قدمها كوهلر سلبيا في العديد من الفقرات، ومنها ما سماه حرمان المبعوث الشخصي من اللقاء بالانفصاليين في الداخل والحد من حركته، والحديث عن تدمير جزء من الجدار الأمني، والتعثر في اجراءات بناء الثقة، وغيره، في حين جاء القرار معاكسا لهذه التوجهات او التوجسات الخاصة بالمبعوث، ولم يشر اليها لا من قريب ولا من بعيد بل قد اعتبرت الجبهة وانصارها ان القرار معاكسا لهم، ولم تجد فيه ولو فقرة بمكنها أن تسوقها لاصحابها وبقايا الواهمين، عكس التقرير.. وهذا وضع صعب بالنسبة للمبعوث الالماني كوهلر ولا شك… وإلى حد الساعة، لم توضح الأممالمتحدة طبيعة المشكلات الصحية التي دفعت بالرئيس الألماني الأسبق لترك منصبه، غير أنها ليست الاستقالة الأولى التي يقْدم عليها مبعوث أممي إلى الصحراء، ضمن مهام المينورسو، فقد سبقه كل المبعوثين إلى نفس الموقف. بل هي رابع استقالة يقوم بهامبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة إذ سبقه كل من كريستوفر روس و بيتر فان فالسوم وجيمس بيكر بالاستقالة، طوال هذه المدة التي دخلت فيها القضية إلى الأممالمتحدة.. … لقد صارت الاستقالة ثابتا من توابث النقاش الدولي حول القضية، كما أن في قراءتها ثابت مهم، وهو العجز عن الوصول إلى حل، أمام تعنت الأطراف التي تتشبث بالحلول التي عفى عليها الزمن، كما أن هذه الاستقالات، ومواقف أطراف المناوئة للمغرب لا تتحرك نحو الحل، في حين قدم المغرب العديد من الحلول، من القول بالاستفتاء، إلى الحكم الذاتي وتسهيل مهام المينورسو، وبل تقديم جزء من أرضه للأمم المتحدة لإقامة السلام سرعان ما حولتها الجهات المعادية إلى مناطق لإقامة الدولة!! وهيأت لها إعدادا ترابيا لذلك.. بالعودة إلى استقالات سابقة، قد يتحدد نوع ما تقدير الاستقالة الحالية وفهم بعض جوانبها بالرغم من فجائيتها.. كان جيمس بيكر قد قضى قرابة سبع سنوات مبعوثا شخصيا للامين العام، منذ عين سنة1997 إلى حين استقالته في أبريل 2004.. وقد جاءت استقالته بعد أن كان قد تقدم بثالث* مقترحات حل أو ما اعتبره حلا.. بيكر 1/2/3، الذي كان قد دعا فيه إلى مرحلة انتقالية من خمس سنوات يتم خلالها تنظيم الاستفتاء وهو ما قد رفضه المغرب كان الأمر يتعلق وقتها، في التحليل المغربي بتهييء الشروط لميلاد الجمهورية المزعومة، بل بعد أن عجز عنها أصحابها، يعمل المغرب بمساعدة الأممالمتحدة على ذلك.. * بيكر بدوره كان قد حقق تطورات ، حسب بلاغ الإعلان عن استقالته، لكنها لم تكن كافية لكي تمنعه من الرحيل والاستقالة..