تنطلق فعاليات مهرجان فاس للموسيقى العريقة في دورته 25 يوم 14 يونيو إلى غاية 22منه تحت شعار “فاس ملتقى الثقافات”.. حول ما تشهده هذه الدورة من عروض فنية روحية، أكد الدكتور إدريس اخروز، المدير العام لمؤسسة روح فاس في تصريح خص به جريدة “الاتحاد الاشتراكي” أن هذه الدورة تكتسي طابعا خاصا واستثنائيا لتزامنها مع الذكرى العشرين لتربع جلالة على عرش أسلافه المنعمين، حيث سيشارك في هذه الاحتفالية ثلاثون بلدا و150 فنانا عالميا في طليعتهم الفنان اللبناني الملتزم مارسيل خليفة، الذي أطرب الجماهير العربية من الخليج إلى المحيط بأغانيه التي تشيد بنضالات الشعب الفلسطيني، والفنان العالمي الانجليزي سامي يوسف المنشد الصوفي الذائع الصيت، والذي ساهم في تحبيب الدين الإسلامي المعتدل لمختلف الشرائح الأوروبية، وينتظر أن يعتلي منصة باب المكينة يوم 15 يونيو، كما سيكون موعد الجمهور مع الفنان مارسيل خليفة يوم 16 يونيو بنفس المنصة.. وإلى جانب هذين الفنانين المشهورين ستشارك في هذه الدورة مجموعات موسيقية ذات صيت عالمي من بينها اوركيسترا الشباب العالمية وورلد يوت اوركيسترا التي تجسد رمز السلام والحوار مع المجموعة الأندلسية بفاس ومجموعة الأريج الصوفي وفرقة كونتروم الفرنسية والمجموعة الهندية ميرا. وحول شعار المهرجان الذي اختارته مؤسسة روح فاس، أشار د اخروز إلى أن فاس عرفت تنوعا ثقافيا منذ القدم، إذ حمل معهم العرب الموركسيون بعد النكسة العربية بالأندلس، الموروث الثقافي لتلك الحضارة التي عمرت بتلك الديار أكثر من ثمانية قرون، اذ استوطنوا بفاس وغيرها من المدن المغربية وكرسوا في حياتهم ما اكتسبوه من نهضة ثقافية وفنية تجلت في فنون الطبخ والموسيقى والمعمار والملبس والعلوم، وغير ذلك من مظاهر الحضارة الأندلسية، زيادة على ذلك فقد عاش بفاس مؤرخون وعلماء ومتصوفة في طليعتهم ابن خلدون، الذي ألف مجموعة من الكتب في طليعتها نسخة فريدة من كتاب العبر الممهور بتوقيعه، هذا المخطوط الذي تم اختياره من طرف اليونيسكو ضمن التراث العالمي والذي حبسه على خزانة القرويين الزاخرة بآلاف المخطوطات والكتب النادرة من بينها الأرجوزة الطبية التي كتبها ابن طفيل على شكل قصيدة شعرية تطرق فيها إلى مختلف الأمراض في عصره وطرق معالجتها، ولعل الذخائر النفيسة من الكتب والمخطوطات العلمية الموجودة بخزانة القرويين، يقول د اخروز.. تؤكد أن فاس عرفت تنوعا ثقافيا قل نظيره في العالم. هذا، وأشار المدير العام لمؤسسة روح فاس إلى أن العروض الفنية ستقام كالعادة بباب المكينة، الفضاء التاريخي الذي أسسه السلطان العلوي الحسن الأول، والذي أقام فيه معملا لصناعة الأسلحة لصد الأعداء ومحاربة الخصوم وساحة بوجلود، وكذا بحديقة جنان السبيل الغناء، التي تبلغ مساحتها 8 هكتارات، والتي تعد من أجمل وأروع الحدائق المغربية الزاخرة بالأشجار والورود المتنوعة وقصب الخيزران والأحواض التي تخترقها مياه وادي الجواهر، ويرجع تأسيسها إلى السلطان مولاي عبد الله في القرن الثامن عشر، هذه الحديقة المترامية الأطراف والتي جفت مياهها وذبلت ورودها في الثمانينات، حيث أعيدت هيكلتها سنة 2010 من طرف مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، كما ستنظم مؤسسة روح فاس عرضا فنيا ببيعة صلاة الفاسيين التي بنتها الطائفة اليهودية المغربية في القرن السابع عشر وأعيد هيكلتها من طرف الحكومة الألمانية، حيث تم فتحها سنة 2013، كما سيقام حفل فني أندلسي بدار عديل في قلب المدينة العتيقة، هذا القصر الذي بناه أحد أعيان فاس في القرن الثامن عشر وتم ترميمه من طرف وزارة الثقافة ليصبح بعد ذلك معهدا لتدريس الموسيقى الأندلسية. أما منتدى فاس فستجري أطواره يومي 15 و16 يونيو بقصرعمالة البطحاء، إذ ستقام موائد مستديرة ينشطها متدخلون ذوو كفاءة عالية ويشارك فيها عدد من الكتاب والفلاسفة والباحثين والمنظرين. وخلص الدكتور إدريس اخروز في تصريحه أن منظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة وقعت اتفاقية مع مؤسسة روح فاس في السنة الماضية تؤكد فيها أن مهرجان روح فاس للموسيقى العريقة هو مهرجان يكرس روح التسامح والتعايش بين الديانات السماوية ويسعى إلى تقريب الشعوب المؤمنة بالإسلام واليهودية والمسيحية، كما أن المؤسسة إلى جانب التعريف بمدينة فاس عالميا تراهن على تحريك العجلة الاقتصادية للمدينة واستقطاب مزيد من السياح الأجانب للوقوف على ما تزخر به فاس من مآثر تشهد على عظمة حضارات عرفتها هده المدينة..، وكي يستفيد عشاق هذا النوع من الموسيقى الروحية، فإن المؤسسة وضعت رهن إشارتهم تذاكر للسهرات تتراوح أثمنتها مابين 150 إلى 300 د بينما لا تتجاوز سهرتا سامي يوسف ومارسيل خليفة 300 درهم .
