إكراهات متشابكة تستدعي تضافر الجهود للاستجابة لانتظارات الساكنة بمجمع «المستقبل» ذي الكثافة السكانية الكبيرة

يعتبر المجمع السكني «المستقبل» المتواجد بتراب منطقة سيدي معروف التابع لعمالة مقاطعة عين الشق بالدار البيضاء، من اكبر المجمعات السكنية ، سواء من حيث عدد الشقق، إذ يتوفر على 10600 شقة، أو من حيث عدد الكثافة السكانية التي تفوق 45 ألف نسمة، كما أنه يأوي العديد من الأجانب من بلدان جنوب الصحراء. مجمع اشتهر بظاهرة الباعة الجائلين وظاهرة المحلات التجارية المفتوحة بالشقق الأرضية الخاصة بالسكن «سفلية»، في ظل افتقاره لسوق يستجيب لمتطلبات العيش اليومية للساكنة ، ظاهرة تنتج عنها آثار سلبية لكون عدد من الباعة لا يلتزمون بالنظام والنظافة ، إلى جانب التداعيات الأمنية المصاحبة. « فرغم المجهودات المبذولة من قبل المصالح الأمنية بوسائل مادية وبشرية متواضعة، فإن الكثافة السكانية الكبيرة تشكل تحديا يستدعي دعما بشريا ولوجيستيكيا مستعجلا « تقول مصادر جمعوية بالمنطقة ، مشيرة إلى « سقوط عدد من الشباب في شباك الإدمان على المخدرات والحبوب المهلوسة، والذي يتسبب في خلق مشاكل معقدة «.
«وضعية متشابكة تعود جذورها لتراكم تاريخي منذ سنة 2003 في جميع المجالات، حاولت السلطات الأمنية مواجهتها من خلال التصدي للعناصر الإجرامية القادمة من أحياء أخرى «سباتة، مولاي رشيد ..» والتي ترتكب أفعالها الجرمية وتغادر المنطقة، حيث تم تنظيم العديد من الدوريات والحملات التمشيطية « تتابع المصادر ذاتها.
وبخصوص ظاهرة الباعة الجائلين، سعت السلطات المحلية ب» المستقبل» إلى تنظيمهم في أفق تقليص تأثيرهم السلبي على الحياة اليومية للساكنة ، وذلك عبر حملات لتحرير الملك العمومي وحجز أطنان من «المعروضات»، لكن غياب سوق يلبي الحاجيات اليومية للساكنة ، عقد المأمورية ، علما بأن عمالة مقاطعة عين الشق حاولت تأطير هذه الظاهرة عن طريق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وفي هذا السياق علمت الجريدة بأن السلطات المحلية الاقليمية منكبة على إعداد مشروع سوق محلي لإيجاد تسوية ملائمة لهذه الظاهرة .
داخل المجمع السكني، أيضا ، هناك ظاهرة أخرى لافتة تتمثل في أعداد مهمة لمواطنين منحدرين من بلدان جنوب الصحراء ، أغلبهم يشتغلون بالمركب الخدماتي «كازا نيرشور»، وقد أكدت لنا مصادر مطلعة أن السلطة المحلية « تتابع بشكل دقيق هذا التواجد وتعمل على جعله يتسم بالطابع القانوني السليم «.
و وفي ما يخص المحلات التجارية بالشقق السفلية ، والتي سبق أن تطرقت لها الجريدة منذ سنوات ، «فقد تواجدت منذ انطلاق المشروع السكني المستقبل، حيث تم الترخيص لبعضها بين سنتي 2007 و2008 من طرف مجلس مقاطعة عين الشق آنذاك ، وبقي جزء آخر بدون ترخيص، وهي ظاهرة مرتبطة بغياب سوق قرب بمحلات قانونية توفر مستلزمات المواطنين والمواطنات اليومية « يقول مصدر جمعوي، لافتا إلى أن «السلطات الاقليمية بعمالة مقاطعة عين الشق قد سبق لها أن عقدت عدة اجتماعات موسعة مع مختلف المتدخلين في تدبير الشأن العام المحلي، من ممثلي القطاعات العمومية، شركة ليدك ، المكتب الوطني للكهرباء، شركة النظافة فيردا، حيث تم التأكيد على ضرورة التصدي لكل النقائص التي يعاني منها التجمع، سواء تعلق الأمر بالإنارة العمومية، قنوات الصرف الصحي، تطهير البالوعات، أو بصيانة وتأهيل الحدائق العمومية، كما تم تنبيه شركة النظافة إلى استعجالية تدارك الخصاص في عدد الحاويات والذي كان لا يتجاوز 24 حاوية ، أي واحدة لكل 400 شقة» .
وارتباطا ب «الوضعية العامة « التي تسم التجمع السكني المستقبل ، عبرت، مؤخرا ، أكثر من 80 جمعية من جمعيات المجتمع المدني بالمنطقة ، عن استغرابها لبعض «الحملات التي تشنها بعض الجهات ضد ممثلي السلطات المحلية»، من حين لآخر ، معتبرة ذلك « مؤشرا على أن جهات معينة ربما يزعجها تطبيق القانون بعدما ألفت الاستفادة من فترة سيادة العشوائية واللاتنظيم ؟ ».