ملف "انفصال القبايل" عن الجزائر يصل الأمم المتحدة!    حماس: لن نسلم الأسرى الإسرائيليين إلا بصفقة حقيقية    نشرة الأخبار: رقم قياسي في الملل    طقس الخميس.. استمرار الأجواء حارة بهذه المناطق    الرياضية: الكاف ما غيعاودش يدير السوبر ليگ الأفريقي    تفكيك شبكة دولية للتهريب الدولي للمخدرات وغسل الأموال بمراكش    حجز كميات كبيرة ديال القرقوبي فطنجة    بايرن ميونيخ يعبر إلى نصف نهائي أبطال أوروبا    الخدمة عسكرية .. بلاغ هام من وزارة الداخلية    دوري أبطال أوروبا.. ريال مدريد يثأر من السيتي ويتأهل لنصف النهائي    "أسود الفوتسال" يستعدون لمواجهة ليبيا    بايرن ميونخ بلاعبه المغربي مزراوي يحجز بطاقة نصف "الشامبيونزليغ"    الأمريكي كاتلين يتألق والعطية يقود المشاركة المحلية في بطولة السعودية المفتوحة للجولف    فرنسا ترمي بورقتها الاقتصادية الثقيلة للمناورة بالمغرب    نتنياهو يتعهد بالرد على هجوم إيران ويؤكد أن "إسرائيل ستتخذ قراراتها بنفسها"    رغم الاستيراد.. توقعات بارتفاع صاروخي لأسعار أضاحي العيد    لقاء مهني إسباني مغربي بطنجة لتدارس استدامة مصايد الأسماك ببحر البوران    دياز وريال مدريد ربحو مان سيتي بالبيلانتيات وتأهلو لدومي فينال شومبيونزليگ    "سانت كيتس ونيفيس" تجدد دعمها لسيادة المغرب على صحرائه وتؤيد الحكم الذاتي    اتفاق بين المغرب وجزر القمر على تكوين طلبة ضباط قمريين في الوقاية المدنية    امطار رعدية مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    زاكورة.. جمعية للرفق بالحيوان تنقل الدابة التي تم بتر أطرافها إلى مراكش (صور)    الجيش ينقذ عشرات المهاجرين الأفارقة من الغرق بسواحل العيون    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    أوزين ل"كود": كنتأسفو على هدر الزمن التشريعي بسبب الصراع على رئاسة لجنة العدل والتشريع وكنتمناو من الاتحاد الاشتراكي يستحضر التوافق كيف تافقنا من اللول    الإضرابات رجعات للتعليم.. تسطير برنامج تصعيدي فيه عدد من المحطات الاحتجاجية    الأمثال العامية بتطوان... (575)    انتشار سريع لفيديوهات ترصد ثلاثية رائعة لرحيمي أمام الهلال    زلزالان قويان يضربان غرب اليابان    الملك محمد السادس يعزي سلطان عمان إثر الفيضانات التي شهدتها بلاده    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    وزارة الصحة: حوالي 3000 إصابة بمرض الهيموفيليا بالمغرب    القطاع البنكي المغربي معر ض لمخاطر مناخية مادية    تبادل الضرب والجرح بالسلاح الأبيض يُوقف ثلاثة أشخاص في صفرو    رسميا.. احجيرة رئيسا للفريق الاستقلالي خلفا لمضيان    ميناء العرائش : ارتفاع كمية مفرغات الصيد البحري بنسبة 8 % خلال الربع الأول من العام    سوء الأحوال الجوية يعرقل مطار دبي        كوثر براني تصدم متابعيها: 99 في المائة من الرجال "خونة"!    ندوة أكاديمية بالمضيق بعنوان " النقد والتحقيق بحاضرة الثقافة تطوان"    "اكتظاظ مطار مراكش"..مصدر: حالة شبه دائمة بسبب إقبال فاق التوقعات    المغرب يتأخر في مؤشر عالمي لجودة الحياة    الفيضانات تخلف قتلى في سلطنة عمان    حيار تؤكد اقتراب الحكومة من المصادقة على مشروع منح بطاقة شخص في وضعية إعاقة    حفل تكريم الدكتور يوسف تيبس بمدينة فاس    أرقام رسمية.. 3000 مغربي مصاب بمرض "الهيموفيليا" الوراثي وها شنو موجدة وزارة الصحة لهاد النزيف الدموي    المغرب يحتضن فعاليات "ليالي الفيلم السعودي" في نسختها الثانية    الجمال الفني والثقافي المغربي يلتقي بالأدب الإنجليزي في "حكمة الجنوب"    مجلس الأمن يصوت على طلب فلسطيني    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    عينات من دماء المصابين بكوفيد طويل الأمد يمكن أن تساعد في تجارب علمية مستقبلاً    "محطات من تاريخ السينما بالمغرب".. موضوع محاضرة بكلية الآداب بالجديدة    شقيق رشيد الوالي يدخل على خط إدانة "مومو" بالحبس النافذ    لأول مرة خارج المغرب.. عرض 200 قطعة من الحُلي الأمازيغية التابعة للقصر الملكي    الأمثال العامية بتطوان... (574)    علماء أمريكيون يحذرون من تأثير مادة "الباراسيتامول" على صحة القلب    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حادثة مليلية والناظور : لمن تدق الأجراس؟

رسائل إلى من يهمهم الأمر: المقتحمون، إسبانيا، الأفارقة و«مافيات» الجوار القريب والبعيد..

يبدو من خلال ردود الفعل التي حددت الكاستينغ الإقليمي والدولي للقصة، أن هناك ستة أطراف على الأقل رسمية ومعروفة، يضاف إليها عنصر سابع مركزي ويعمل بلا كلل، هو المافيات العاملة في الاتجار بالبشر ..معنية برسائل ذات الصلة بما حصل في مليلية والناظور وهذه الأطراف هي:
المعنيون بمحاولة الاقتحام، أولا
المغرب، ثانيا
إسبانيا، ثالثا
الجزائر والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة رابعا وخامسا وسادسا….
فلمن تدق الأجراس؟ ومن المستفيد من الجريمة؟ وما هي الرسائل التي يمكن قراءتها؟
هذا المتن من الأسئلة الذي يصنع عادة تشويق الحبكة البوليسية، يصلح دوما قاعدة لمقاربة الإشكالات المأساوية كما حدث في الناظور.
ليس للمتتبع المنصف أن يغفل اطلاعا غير مسبوق لما وقع. كما أنه لا يمكن أن يعتبرها حادثة استثنائية غير مسبوقة كما يروج لذلك، مهما كانت الكلفة الإنسانية لسقوط ضحايا في الهجرة.
فقد تزامنت مثلا مع وفاة 45 شخصا في شاحنات على الحدود الأمريكية، كما سبق أن لقي الكثيرون في شرق المتوسط نهايات مؤلمة في ظروف مؤلمة…
لنردد بلا لف ولا دوران أن المأساة لا يمكن التطبيع معها. لكن كان على المغرب أن يطرح الأسئلة المرافقة:
ما نوعية المهاجرين المقتحمين؟
أول من أجاب عن السؤال هو بيدرو سانشيز و عندما صرح» يتعين أن نضع أنفسنا مكان قوات الأمن الإسبانية (…) والقوات العمومية المغربية ، التي تعرضت لأضرار جسيمة نتيجة هذا الهجوم العنيف.
وأشار سانشيز إلى أنه خلال ال 12 شهرا الماضية، «دبرت عصابات المافيا ما لا يقل عن ثماني هجمات عنيفة على مستوى السياج الحديدي في الناظور، بواسطة أشخاص مسلحين استخدموا أدوات حديدية من عصي وسكاكين وفؤوس».
بالنسبة للمصادر المغربية الرسمية، التي لا يمكن إسقاط حجيتها ولا التنكر لها، المقتحمون ليسوا مثل المهاجرين الذين اعتادهم المغرب، وهم في غالبيتهم من السودانيين الذين كانوا مستقرين في ليبيا ويحاربون فيها ويؤدون الخدمات للفصائل المتناحرة فيها، مع الرعاية من هذه الدولة أو تلك. والواضح بالنسبة للمغرب أن السياق والتوقيت هما بدورهما يعطيان للعملية دلالة مغايرة لما اعتاده، وأنها غير طبيعية 100% كما قد يروج إعلام الجيران وجزء من الإعلام المتحامل الذي يجد في جثث الضحايا دوما حججا ضد المغرب.
ولا يمكن للمغرب، الذي راكم تجربة وراكم رأسمالا من الثقة والمقاربة الإنسانية أن يخجل من صرامته، في ما يبدو، وهناك حدود ما بين العيش في المغرب، بل حتى التساهل مع التواجد غير الشرعي فوق ترابه وبين الأمن الداخلي والإقليمي، مما لا يسمح بالتساهل معه.
ومن الأسئلة التي ترافق هكذا تحليل أن من الصعب جمع 2000 شخص، مدربين بعصي وبالحجارة، ومطالبة المغرب أن يتنازل: فالذي «يهاجم مركزا للحدود لن يتردد في مهاجمة متجر أو وكالة بنكية غدا«. وعليه، كما قال مصدرنا على الجميع أن يعرف بأن المغرب لن يتساهل.
ولا يمكن أن «نتهم» وكالة فرانس بريس أنها تتعاطف مع المغرب في هذه القضية، مع ذلك فقد نقلت تصريحات لأحد المعنيين التي ورد فيها بالحرف »ما نقلته فرانس بريس التي لا تحمل ودا للمغرب:
يقول أحد الناجين في مركز احتجاز بمليلية لوكالة فرانس برس «كان الأمر مثل حرب(…) جئنا حاملين الحجارة لنقاتل القوات المغربية لكنهم ضربونا».
هناك حرب وقتال يستهدفان قوات الأمن إضافة إلى التنصيص على أن »هذا الشاب القادم من السودان كان من ضمن نحو ألفي مهاجر، من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، حاولوا فجر الجمعة اقتحام سياج عال من أسلاك شائكة محاطا بخندق للوصول إلى مليلية، قبل أن تصدهم قوات الأمن المغربية»!
المغرب ليس ليبيا، بل المغرب دولة قوية، ومسؤولة تحترم التزاماتها .. لن يفزعه القرار الصارم مهما كانت كلفته.
أولاد يختلفون عن المهاجرين الآخرين، الذي راهنوا على العنف في الهجوم، طبعا هم يشبهونهم في الحق في الحياة وفي احترام هذا الحق، ولا يمكن التمييز على قاعدة الحق في الحياة، غير أن الواقع يقول إن هناك في المغرب آلاف الطلبة الأفارقة و60 ألف إفريقي تمت تسوية وضعيتهم.. أظن من حق المغرب أن يطالب بالتحقيق في معرفة من هم وكيف وصلوا وكيف استعدوا وأي أجندة يخدمون في هذا الظرف السياسي والإقليمي بالذات؟
هناك مافيات تسير دولا وتتصرف كمليشيات ولا يحتاج المرء إلى أن يكون ساحرا لكي يعرف حساباتها في الراهن.
يبدو من خلال ردود الفعل التي حددت الكاستينغ الإقليمي والدولي للقصة، أن هناك ستة أطراف على الأقل رسمية ومعروفة، يضاف إليها عنصر سابع مركزي ويعمل بلا كلل، هو المافيات العاملة في الاتجار بالبشر ..معنية برسائل ذات الصلة بما حصل في مليلية والناظور وهذه الأطراف هي :
المعنيون بمحاولة الاقتحام ، أولا
المغرب، ثانيا
إسبانيا، ثالثا
الجزائر والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة رابعا وخامسا وسادسا….
فلمن تدق الأجراس؟ ومن المستفيد من الجريمة؟ وما هي الرسائل التي يمكن قراءتها؟
هذا المتن من الأسئلة الذي يصنع عادة تشويق الحبكة البوليسية، يصلح دوما قاعدة لمقاربة الإشكالات المأساوية كما حدث في الناظور.
ليس للمتتبع المنصف أن يغفل اطلاعا غير مسبوق لما وقع. كما أنه لا يمكن أن يعتبرها حادثة استثنائية غير مسبوقة كما يروج لذلك، مهما كانت الكلفة الإنسانية لسقوط ضحايا في الهجرة.
فقد تزامنت مثلا مع وفاة 45 شخصا في شاحنات على الحدود الأمريكية، كما سبق أن لقي الكثيرون في شرق المتوسط نهايات مؤلمة في ظروف مؤلمة…
لنردد بلا لف ولا دوران أن المأساة لا يمكن التطبيع معها. لكن كان على المغرب أن يطرح الأسئلة المرافقة:
ما نوعية المهاجرين المقتحمين؟
أول من أجاب عن السؤال هو بيدرو سانشيز و عندما صرح» يتعين أن نضع أنفسنا مكان قوات الأمن الإسبانية (…) والقوات العمومية المغربية ، التي تعرضت لأضرار جسيمة نتيجة هذا الهجوم العنيف.
وأشار سانشيز إلى أنه خلال ال 12 شهرا الماضية، » دبرت عصابات المافيا ما لا يقل عن ثماني هجمات عنيفة على مستوى السياج الحديدي في الناظور، بواسطة أشخاص مسلحين استخدموا أدوات حديدية من عصي وسكاكين وفؤوس«.
بالنسبة للمصادر المغربية الرسمية، التي لا يمكن إسقاط حجيتها ولا التنكر لها، المقتحمون ليسوا مثل المهاجرين الذين اعتادهم المغرب، وهم في غالبيتهم من السودانيين الذين كانوا مستقرين في ليبيا ويحاربون فيها ويؤدون الخدمات للفصائل المتناحرة فيها، مع الرعاية من هذه الدولة أو تلك. والواضح بالنسبة للمغرب أن السياق والتوقيت هما بدورهما يعطيان للعملية دلالة مغايرة لما اعتاده، وأنها غير طبيعية 100% كما قد يروج إعلام الجيران وجزء من الإعلام المتحامل الذي يجد في جثث الضحايا دوما حججا ضد المغرب.
ولا يمكن للمغرب، الذي راكم تجربة وراكم رأسمالا من الثقة والمقاربة الإنسانية أن يخجل من صرامته، في ما يبدو، وهناك حدود ما بين العيش في المغرب، بل حتى التساهل مع التواجد غير الشرعي فوق ترابه وبين الأمن الداخلي والإقليمي، مما لا يسمح بالتساهل معه.
ومن الأسئلة التي ترافق هكذا تحليل أن من الصعب جمع 2000 شخص، مدربين بعصي وبالحجارة، ومطالبة المغرب أن يتنازل :فالذي «يهاجم مركزا للحدود لن يتردد في مهاجمة متجر أو وكالة بنكية غدا«. وعليه، كما قال مصدرنا على الجميع أن يعرف بأن المغرب لن يتساهل.
ولا يمكن أن »نتهم» وكالة فرانس بريس أنها تتعاطف مع المغرب في هذه القضية، مع ذلك فقد نقلت تصريحات لأحد المعنيين التي ورد فيها بالحرف »ما نقلته فرانس بريس التي لا تحمل ودا للمغرب:
يقول أحد الناجين في مركز احتجاز بمليلية لوكالة فرانس برس «كان الأمر مثل حرب (…) جئنا حاملين الحجارة لنقاتل القوات المغربية لكنهم ضربونا».
هناك حرب وقتال يستهدفان قوات الأمن إضافة إلى التنصيص على أن »هذا الشاب القادم من السودان كان من ضمن نحو ألفي مهاجر، من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، حاولوا فجر الجمعة اقتحام سياج عال من أسلاك شائكة محاطا بخندق للوصول إلى مليلية، قبل أن تصدهم قوات الأمن المغربية« !
المغرب ليس ليبيا، بل المغرب دولة قوية، ومسؤولة تحترم التزاماتها .. لن يفزعه القرار الصارم مهما كانت كلفته.
أولاد يختلفون عن المهاجرين الآخرين، الذي راهنوا على العنف في الهجوم، طبعا هم يشبهونهم في الحق في الحياة وفي احترام هذا الحق، ولا يمكن التمييز على قاعدة الحق في الحياة، غير أن الواقع يقول إن هناك في المغرب آلاف الطلبة الأفارقة و60 ألف إفريقي تمت تسوية وضعيتهم.. أظن من حق المغرب أن يطالب بالتحقيق في معرفة من هم وكيف وصلوا وكيف استعدوا وأي أجندة يخدمون في هذا الظرف السياسي والإقليمي بالذات؟
هناك مافيات تسير دولا وتتصرف كمليشيات ولا يحتاج المرء إلى أن يكون ساحرا لكي يعرف حساباتها في الراهن.
المغرب في كل هذا ؟
ليس واضحا بتاتا مما سبق، أن المغرب هو المستفيد مما حصل، والواضح أن الذين يستفيدون من هكذا وضع مأساوي لاإنساني، عمدا، لا يشكل عليهم التخييل الإجرامي، هم الذين يستعملون كل الوسائل بما فيها الهجرة ضد المغرب.
المغرب يدافع عن «جدار» ليس له، هو جدار سبتة ومليلية، فوق تراب سلب منه.
وما من شك أن معضلة الهجرة الشرعية، في جانب منها تخلط الأوراق وتشوش على المعادلة التي يجب الشروع فيها، وهي معادلة المستقبل الوطني، والإقليمي للمدينتين، ودورهما في خدمة المستقبل وما اتفق البلدان على تسميته باتفاقيات القرن الواحد والعشرين.
وبالتالي ليس من مصلحة المغرب أن تهتز المنطقة في كل مرة بحوادث من هذا القبيل أو من غيرها وتؤجل التفكير الهادئ والثابت في الجيبين السليبين. أو تطرح مطرح الشك ثوابته في تدبير الهجرة..
والمغرب يحمي أوروبا كلها، وليس إسبانيا، وهو في ذلك ما زال لم ينصف في ميزان التعاون بين المهمة النبيلة والأمنية والاستراتيجية والمساعي التي يؤديها وبين ما تقدمه أوروبا لحماية تراب دولها. والأرقام دالة، باعتراف رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الذي استمعت إلى جملة دالة له في هذا الباب حيث سجل أن »المغرب يكافح أعمال العنف التي يرتكبها المهاجرون ويعاني منها أيضا«.
وفي المغرب أيضا، تم إجهاض أزيد من 360 ألف محاولة للهجرة غير الشرعية منذ سنة 2017 63( ألفا سنة 2021 و26 ألفا إلى غاية ماي 2022)
وتم تفكيك ومحاكمة العديد من الشبكات ، لا تقف عند الأجانب لوحدهم بل تشمل الجميع بمن فيهم مسؤولون مغاربة في أسلاك حساسة من الأمن والدرك والجمارك والقوات المساعدة… إلخ. *
والمغرب ضحية وضع مكيافيللي في العلاقات الدولية حول الموضوع: فإن هو رفض دور الدركي، اتهم بأنه يستعمل الهجرة الشرعية سلاحا، وإن هو شدد المراقبة ودفع ضريبة الدم في مواجهة المهاجرين العنيفين، يكون أفرط في استعمال القوة أو استعمل أسلوبا يناهض حقوق الإنسان. ويبدو التناقض هنا من طرف أوروبا في كونها تطلب منه أن يقوم بدور لا تقوم به هي، وتطلق إعلامها ضده في الهجوم عليه من باب الهجرة نفسها، وتسعى إلى وضعه «في كماشة« أخلاقية سياسية شبيهة بالابتزاز…
لقد راكم المغرب، من بين كل الدول في المنطقة، وبل في العديد من مناطق العالم، تجربة قانونية وسياسية، محلية وقارية ودولية، جعلته من بلاد مصدرة للهجرة إلى بلاد إقامة للمهاجرين، وصار المغرب بتصفيق قاري رأسا في مجال الهجرة، منذ شرع ملك البلاد في متابعة الملف وتحويله إلى رهان وطني وإنساني شامل، بعد التفكير الشامل الذي قامت بها البلاد ولخصه تقرير للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بخصوص الهجرة في 2003.
ولا أحد منصف من الأفارقة يمكن أن يدعي بأن المغرب كان يتربص بالمهاجرين في الأقصى الشمالي للقارة لكي ينكل بهم ويقمعهم !
في الجانب الذي يتعلق بالتدبير القانوني للمأساة، هناك ثلاث مبادرات لا يمكن أن تغفلها المتابعة الموضوعية، إضافة إلى ما سبق القيام به والتصريح به.
ومنها فتح تحقيق من النيابة العامة في النازلة واعتقال العديد من المسؤولين عن المأساة، وعن تنظيم الهجوم في سبتة أيضا.. إضافة إلى التعاون مع إسبانيا، الطرف الثاني المباشر في الملف.
لا بد أن الرسالة قد حولت إلى مافيات الهجرة والدول الراعية لها، كما أنها وصلت للمهاجرين من طبيعة المدربين والمسلحين باستمرار.
إسبانيا صفحة جديدة بسؤال قديم ؟
لقد ارتفعت أصوات إسبانيا، كما صدر بلاغ عن السفارة المغربية في مدريد يشير إلى نوع« من التساهل الجرمي» مع حشود المهاجرين…مما يفتح الباب واسعا نحو قراءة مزدوجة لدولة لا تقدم أي بديل إنساني أو اجتماعي للمهاجرين سوى ترحيلهم في كل الاتجاهات…
من مصلحة الجزائر أن تضيف، بعد أن ثبت للاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي ذلك، إلى سلاح الغاز، سلاح الهجرة السرية، والمهاجرين القادمين من جنوب الصحراء…
هو ليس اتهام ، بل منطق الأشياء الذي لعبت به الجارة الشرقية في قضية الهجرة والمهاجرين.
يستفاد من الحرب المسعورة التي تخوضها دولة الجوار على المغرب، منذ بداية المؤامرة ضد وحدته الترابية، أنها تعول كثيرا على جعل ملف المهاجرين السريين وليس الهجرة السرية سلاحا ضد إسبانيا مع تحميل المغرب سعر الفائدة !
وقد التقط المسؤولون الإسبان الرسائل من وراء الحزم المغربي.
وقد كان آخر تصريح لوزير الخارجية الإسباني خوصي الباريس، الذي كان يتحدث على هامش قمة كبار العالم، ضمن حلف الناتو، أنه من «دون تعاون» المغرب، سيكون من «المستحيل» التحكم في تدفقات الهجرة غير الشرعية.
وشدد ألباريس، على أنه «بدون تعاون قوات الأمن المغربية والعمل الممتاز الذي تقوم به قوات الأمن الإسبانية، سيكون من المستحيل السيطرة على ظاهرة الهجرة غير الشرعية»، وما علينا القيام به هو تحسين وتعزيز تعاوننا مع المغرب ومع دول المصدر والعبور.ويتعين أيضا انخراط أوروبا والمفوضية الأوروبية، وهذا بالضبط ما يطمح إليه المغرب، أي أن تظل إسبانيا في منطق الصفحة الجديدة وتتحمل المسؤولية مع المغرب في تدبير الملف الشائك والاستعداد للدفاع عن التعاون المشترك في الميدان.
وقبله كان بيدرو سانشيز قد عبر عن الموقف نفسه، بالقول إن المملكة «شريك استراتيجي» يكافح «أعمال العنف التي يرتكبها مهاجرون بإيعاز من مافيات دولية . وسجل رئيس الحكومة الإسبانية أن «المغرب يكافح أعمال العنف التي يرتكبها المهاجرون ويعاني منها أيضا»، مبرزا أن «المسؤولين الرئيسيين عن المأساة التي حدثت والخسائر المؤسفة في الأرواح هم المافيات الدولية التي تنظم الهجمات العنيفة».
إسبانيا أقرت أن المغرب قام بما يستوجب الاعتراف والامتنان، عندما قال سانشيز : إنه «ممتن» للعمل الذي قامت به عناصر القوات العمومية المغربية…
الجزائر: تكامل المؤامرة
إضافة إلى ما سقناه أعلاه بخصوص المستفيد من تأزيم الوضع في غرب المتوسط وتأليب الرأي العام ضد المغرب وإسبانيا ، صار واضحا أنه لم تعد قضية الهجرة غير الشرعية مسألة وجود فائض بشري عن الدول المصدرة له، بقدر ما أدركتها قوانين الحروب التي تخوضها الدول باسم المعدمين في طرقات وفيافي العالم. والنظرية التي تجعل من الهجرة غير الشرعية مواصلة للسياسة بوسائل وأدوات بشرية، صارت تتضح أكثر فأكثر، لا سيما مع الجوار العدواني الذي يدفع بالملايين نحو اللا مجهول والموت ..
وقد »احتفلت« الجزائر بالموت الذي طال المقتحمين السريين، وسارعت الى استعمال قاموس في غاية الدناءة في تأليب الرأي العام، وتشابه الأساليب كما تم بالفعل من طرف روسيا وسوريا وبيلاروسيا في استعمال المهاجرين كسلاح ضد أوروبا ، شرقا ، عندما قام لوكاشينكو على مدى أشهر بنقل لاجئين جواً من بقاع مختلفة في الشرق الأوسط كالعراق وأفغانستان وسوريا وما وراء تلك البلاد إلى بيلاروسيا ليسوقهم صوب دول مجاورة تنتمي للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي وهي لاتفيا وليتوانيا وبولندا .
والناتو مجتمع في مدريد، يبدو أن هناك تكتيكا، بدأ بالميليشيات العاملة في السودان وليبيا والقوات المسلحة فيها، وانتهى بأقرب من مدريد محتضنة القمة، والرسالة من خلال ذلك هو تنسيق. يتجاوز المنطقة لوحدها أو الهجرة في المتوسط !
وللجزائر دورها في هذا السيناريو الذي لا يخفى على أحد.
الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة
إلى ذلك، دعا كل من مفوض الاتحاد الإفريقي موسى فقي و مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن قلقها .
وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رافينا شمدساني للصحافيين في جنيف «ندعو البلدين إلى ضمان إجراء تحقيق فعال ومستقل كخطوة أولى نحو تحديد ملابسات الوفيات والإصابات».
وشددت شمدساني على ضرورة تحديد «أي مسؤوليات محتملة«…
ومن جهته أعلن سفير كينيا لدى الأمم المتحدة مارتن كيماني في تغريدة أنه بمبادرة من بلاده والغابون وغانا الدولتين الإفريقيتين الأخريين العضوين في مجلس الأمن، سيعقد المجلس جلسة مغلقة مساء الاثنين القادم لبحث موضوع المهاجرين.
وهنا لا بد من التوضيحات التالية:
بالنسبة لمجلس الأمن يوحي الخبر كما نشرته كينيا كما لو أن جلسة مجلس الأمن تنعقد حصريا حول الموضوع، في حين أن الموضوع سيدرج ضمن مختلفات الاجتماع ، ولا تليه أي آثار ولا تترتب عنه أي قرارات. وفي الوقت ذاته فإن الدول التي تحضره، ومنها دول أوروبية والولايات المتحدة في وضعية مشابهة وأفدح إزاء الموضوع وإزاء الحدود المفتوحة للهجرة غير الشرعية…
ثانيا، كانت الدعوة الموجهة من طرف الأمم المتحدة إلى الدولتين المغرب وإسبانيا في حين سعت بعض الأطراف الإفريقية لتقديم الموضوع كما لو أنه يخص المغرب لوحده.
ثالثا، لقد حرك المغرب آلياته الوطنية في ممارسة سيادية حقوقية لها سندها. وهي آليات المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي يندرج كآلية وطنية، كما أنه له مرجعيات العمل في اتفاقية جنيف حول حقوق الإنسان وفي أدبيات الأمم المتحدة، إضافة إلى أنه يمثل آلية داخلية موثوقة تعمل في كل الأحداث بما فيها الأحداث التي تهمه ….
وتجدر الإشارة إلى أن تقارير أممية عديدة، منها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تشيد بعمله وتعتبره آلية معترف بها في قضايا سيادية وأعمق من الحادثة هنا، و هو حال القضية الوطنية.. ولا يعتبر المغرب أن له دروسا يتلقاها من أحد في هذا الباب بعد تجربته العميقة والقوية في المصالحة والإنصاف، وفي تدبير كل ماضيه وكل القضايا ذات الصلة، ومن حقه أن يدافع عن« حوزته الأخلاقية« في المجال وأن يعترف له العالم ومؤسساته بما بذله من مجهود في الجانب الحقوقي وما طوره من مؤسسات .. كما لا يجب أن ننسى أن المجلس الوطني هو ذاته كان فاعلا مركزيا في تطوير التعامل مع الهجرة، كما اشرنا سابقا، وبالتالي هو صاحب حقوق التأليف في السياسة التي تبناها جلالة والملك وأعطاه قوتها السيادية، سياسة جعلت المغرب هو نفسه.. والذي يعرفه الأفارقة بالتحديد هو أنه ما زال بلاد التعايش والاستقرار. والعمل والدراسة والهجرة الكريمة.. ولا يتساهل في حماية نفسه وحماية شركائه وأبناء القارة الذين يعيشون فوق ترابه….


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.