"فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    أبيدجان.. أخرباش تشيد بوجاهة واشتمالية قرار الأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    الزيادة فالصالير وإصلاح التقاعد.. الحكومة: مكاين جديد والمفاوضات مع النقابات مستمرة والقانون التنظيمي للإضراب تعطل بزاف    ارتفاع النتيجة الصافية المعدلة لحصة مجموعة اتصالات المغرب    من بينها رحلات للمغرب.. إلغاء آلاف الرحلات في فرنسا بسبب إضراب للمراقبين الجويين    عدد زبناء "اتصالات المغرب" تجاوز 77 مليونا    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    وفينكم يا الاسلاميين اللي طلعتو شعارات سياسية فالشارع وحرضتو المغاربة باش تحرجو الملكية بسباب التطبيع.. هاهي حماس بدات تعترف بالهزيمة وتنازلت على مبادئها: مستعدين نحطو السلاح بشرط تقبل اسرائيل بحل الدولتين    رسميا.. الجزائر تنسحب من منافسات بطولة اليد العربية    لابورتا: تشافي باقي مدرب للبارصا وما غاديش بحالو    الحكومة الإسبانية تعلن وضع اتحاد كرة القدم تحت الوصاية    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض    توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة        استئنافية أكادير تصدر حكمها في قضية وفاة الشاب أمين شاريز    مدريد جاهزة لفتح المعابر الجمركية بانتظار موافقة المغرب    الرباط.. ندوة علمية تناقش النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة (صور)    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    المالية العمومية: النشرة الشهرية للخزينة العامة للمملكة في خمس نقاط رئيسية    تتويج المغربي إلياس حجري بلقب القارىء العالمي لتلاوة القرآن الكريم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    مكناس .. تتويج 12 زيت زيتون من أربع جهات برسم النسخة 14 للمباراة الوطنية    بحر طنجة يلفظ جثة شاب غرق خلال محاولته التسلل إلى عبارة مسافرين نحو أوروبا    تظاهرات تدعم غزة تغزو جامعات أمريكية    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    سيمو السدراتي يعلن الاعتزال    المعرض المحلي للكتاب يجذب جمهور العرائش    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    تحويل الرأسمالية بالاقتصاد اليساري الجديد    بوغطاط المغربي | محمد حاجب يهدد بالعودة إلى درب الإرهاب ويتوّعد بتفجير رأس كل من "يهاجمه".. وما السر وراء تحالفه مع "البوليساريو"؟؟    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    الولايات المتحدة.. أرباح "ميتا" تتجاوز التوقعات خلال الربع الأول    الصين تكشف عن مهام مهمة الفضاء المأهولة "شنتشو-18"    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    أخنوش: الربط بين التساقطات المطرية ونجاح السياسات العمومية "غير مقبول"    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    ما هو سيناريو رون آراد الذي حذر منه أبو عبيدة؟    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    المنتخب المغربي ينهزم أمام مصر – بطولة اتحاد شمال إفريقيا    المنتخب المغربي لأقل من 18 سنة يفوز على غواتيمالا بالضربات الترجيحية    تعزيز التعاون الفلاحي محور مباحثات صديقي مع نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    نور الدين مفتاح يكتب: العمائم الإيرانية والغمائم العربية    عاجل.. كأس إفريقيا 2025 بالمغرب سيتم تأجيلها    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    الفوائد الصحية للبروكلي .. كنز من المعادن والفيتامينات    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون        كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستقرار الديناميكي الإيجابي وبناء الشراكات الاستراتيجية

لا تخلو زيارة من زيارات كبار المسؤولين الدوليين، لا سيما منهم الأوروبيون والأمريكيون، من تصريحات تشدد على تثمين الاستقرار الذي يمثله المغرب في منطقته وفي القارة، وهو تأكيد يترافق مع الإشادة بالإصلاحات التي أطلقها جلالة الملك.
وهما، الاستقرار والإصلاحات، طرفا معادلة دينامية يعتبرها الشركاء في العواصم الكبرى، وفي القارات، طرفي معادلة واحدة تشكل القاعدة للتعاون المستمر والمستقر بدوره.
وقد عرفت الأسابيع الماضية تناقل العديد من هذه التصريحات، سواء على لسان مستشار دولة النمسا أو على لسان المسؤولين الإسبانيين بمناسبة القمة الثنائية، أو المفوض الأوروبي في شؤون توسيع الاتحاد الأوروبي، وحديثا، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال مارك ميلي، الذي صرح بأن المغرب بلد مستقر للغاية في قارة ومنطقة تحتاج إلى الاستقرار، وهي إشارة إلى الدوائر المتداخلة(المتوسط الشرق الأوسط دول الساحل والصحراء والقارة الإفريقية)، التي يسهم المغرب في استقرارها، أو الاستفادة من استقراره هو ذاتيا، في ضمان الاستقرار الجماعي.
الاستقرار السياسي المغربي جزء لا يتجزأ من نجاعة المؤسسات الوطنية بكل طوابقها ومجالات اشتغالها، وهو استقرار لم يأت من فراغ بل هو نتاج مسلسل مبتداه ومنتهاه الإصلاح، وهذا أمر مهم للغاية، يقيم التمييز بين استقرار وآخر.
هناك في المنطقة وفي الجوار القريب ما صار يعرف في الأدبيات السياسية (منذ غلوبال بيس انديكس مؤشر السلام الشامل الصادر سنة 2019) السلام السلبي أو الاستقرار السلبي في مقابل الاستقرار الإيجابي أو السلام الإيجابي…
ويعني الاستقرار السلبي، رفع شعارات «الخوف من العنف أوغيابه» والتلويح المستمر بآثاره لتعطيل ديناميات الإصلاح وانفتاح الحقل السياسي، بل يكون استقرارا قائما على تعطيل القوى الحية في المجتمع تحت رايات التخويف والترويع (بدون أدنى دينامية إصلاحية طبعا كما في دول الجوار)…
ويتضح من المسح العرضاني للمحيط المغربي، أن هناك البلدان التي تعيش حالات تفكك تغيب فيها الدولة وتتفكك فيها مؤسساتها كليا، والتي تعيش صراعات داخلية تستقوي فيها الدولة بالاستقرار السلبي على مكونات المجتمع، أو أنها استبدلت دينامية إصلاحية (وربما ثورية) بأخرى استبدادية مقيتة، هذا إن لم تسع بعض الدول إلى حشر مجتمعاتها في قبو التاريخ بدون القدرة على الحركة والسهر على تمديد سنوات العشريات الدموية السابقة ...وهذا أعلى شكل من أشكال الاستقرار السلبي الذي تنفذه الدول ذات الطبيعة العسكرية…
أما السلام الإيجابي، أو الاستقرار الإيجابي فينشأ حول «مواقف ومؤسسات وبنيات قادرة على إنشاء مجتمعات سلمية ومسالمة، وهو المعيار الذي تقاس به قدرة المجتمعات على الصمود للهزات والصدمات بدون السقوط في الصراعات والمنازعات».. ويزيد من الاحتمال بإنهاء الصراعات بسرعة بدون تداعيات بعدية.. ومن هنا تنشأ دينامية متحررة ومحررة للموارد المالية والبشرية لمواصلة سياسة التنمية والإصلاح والانفتاح.
المغرب، كما نشدد دوما، لم يسقط في الاستحالة السياسية في عز التحولات التي ضربت العالم (منها الربيع العربي )، وقد كان من الدول القليلة إن لم نقل النادرة، التي نظرت إلى تاريخها وأعطابها وماضيها وتعثراتها وتضاريسها البشرية والجغرافية، بشجاعة وتبصر، وطوت صفحة الممارسات العنيفة المعطلة لنصف قرن مضى، ووضعت ضمانات دستورية وحكاماتية لعدم تكرار ما جرى بدون الحاجة إلى تغيير طبيعة النظام الملكي، الذي قاد هذه العملية بإقدام كبير، ولم يكن المحرك وحده المصالحة التي تبني الأمن والنظام، بقدر ما كان عتبة إجبارية للتوجه نحو الاستقرار المنتج الإيجابي الذي يضع الأسس المتينة للشراكات الكبرى الداعمة لاستقرار أكبر (دولي وقاري).. وتأطير عنف الدولة، بالرغم من مشروعيته (الدولة تحتكر العنف المشروع حسب ماكس فيبر).. إلى جانب فتح الحقل السياسي للسلاسة المؤسساتية وتوسيع دائرة النفوذ والتمثيلية للأمة من خلال دستور جديد، وانطلقت بذلك دينامية إصلاحية استفادت من الاستقرار والاستقرار دعمها، وتشكل النموذج المغربي في خضم هذا السلام الإيجابي الذي استطاع الانفتاح على المعايير الدولية في تقييم نجاعة الدولة والثوابت الوطنية لتشكيل الهوية..
بطبيعة الحال تكون هذه التصريحات، في مجملها، إنصافا للمغرب وشهادة لها وزنها في التقدير الدولي للنموذج المغربي، الذي تسعى قوى أو تيارات ذات منفعة في الهجوم عليه إلى تبخيس وتبخير ما تم إنجازه تاره بمسميات «عودة السلطوية» وتارات أخرى باسم «الردة»‪..‬
طبعا، في التشديد على «دينامية الإصلاحات الواسعة التي أطلقها الملك»، ما يجب استخلاصه هنا: أي أن القرار الإصلاحي سيادي ومرتبط بسيادة البلاد وبرؤية داخلية أنضجها التاريخ الوطني والحركية الداخلية في البلاد، ان العنصر الخارجي إِنْ وجد هو مخصِّب ومكمل ومحفز ولكنه ليس هو قدح الزناد كما يقال. ونحن وطن يجر وراءه تاريخا طويلا من الإصلاحات (على الأقل منذ منتصف التسعينيات) وما زالت غير راضية تماما على كل ما تم، لهذا لا تسقط في نزعة» اكتفاء ذاتي ونرجسية» متعالية، وتصنف نفسها أكبر من قوتها الحقيقية...، بالرغم من تاريخها الأولوفي الطويل الذي مكنها من «دولة إمبراطورية « تعيش إلى جانب الدولة الوطنية في إطار مشروع لا رجعة فيه لبناء دولة ديموقراطية تعددية سياسيا وثقافيا وعقائديا..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.