يحتفل رجال التعليم بالمغرب، على غرار زملائهم في باقي دول العالم، باليوم العالمي للمدرس والذي يصادف 5أ كتوبر من كل سنة. ويأتي الاحتفال هذه السنة مغربيا متزامنا مع بداية موسم دراسي جد متعثر، رغم المجهودات المادية التي تمثلت في توزيع مليون حقيبة مدرسية للتخفيف عن الاسر من تكاليف الدخول المدرسي بالنسبة لاغلب الاسر المغربية، وكذا لتشجيع تمدرس الاطفال بالعالم القروي وخاصة الاناث، في الوقت الذي يشتكي رجال التعليم عبر جهات المملكة من المذكرة 122 ومن تأخر تسوية الوضعية الادارية والمالية للعديد منهم. إذن فالمدرس الذي هو ركن اساس من اركان عملية التدريس، حاله في يومه العالمي ليس على ما يرام. فأغلب النقابات المغربية دعت الى وقفات واعتصامات أمام مقرات الاكاديميات والنيابات للمطالبة بتسوية وضعيات شاذة لايزال معها الدخول الفعلي في العملية التربوية معلقا الى إشعار آخر. بعض المدرسين الذين استقينا آراءهم اختلفوا في تقديرهم لوضعية التعليم ورجاله. فمنهم الغاضب ومنهم من يرى أن الامور تحسنت. فعائشة التي قضت 24 سنة كمدرسة، انتقلت عبر عدة مناطق ومدن، ترى أن الحال أضحى أحسن بكثير، وأن الوضع المادي تحسن بشكل كبير، مضيفة انه حتى المعاملة اصبحت راقية: «لقد عانينا بداية التعيين كثيرا. فرجل التعليم يعتبر رجل المشاكل و«رجل السياسة»، وبالتالي كانت السلطة تراقبه عن كثب ولا تتورع عن خلق المشاكل والمتاعب له . ولا تنفي عائشة وجود مشاكل، ولكنها تؤكد ان الوزارة والنقابات في حالة حوار دائم واغلب المشاكل يتم حلها، وهو الامر الذي ينفيه حميد الذي أكد منذ البداية ان الصورة قاتمة وحال رجال التعليم يزداد سوءاً، مؤكدا أن رجل التعليم الذي كاد أن يكون رسولا أصبح رمزا للتهميش والفقر ونقص ذات اليد، وأنه بتعبير حميد «اصبح الحائط القصير»، مشددا على المحسوبية والزبونية في الترقيات والانتقالات وحالات الالتحاق بالزوج أو الزوجة والتي تخضع لمنطق الابتزاز. أما (ب. ز) الذي أحيل على التقاعد فله رأي آخر بين الرضى عن الماضي المجيد لنضال أسرة التعليم والاشفاق على حال المتقاعدين الى اتهام الحاليين بالتقاعس، حيث يقول (ب. ز): «لم يكن التدريس مجرد مهنة. لقد كان حبا للوطن وإرادة في التغيير وتنوير الشعب. لقد كان المدرسون في طليعة القوى المناضلة في سبيل التغيير. ولقد أدت الثمن جماعة وأفراد ». يتذكر باعتزاز الاضرابات التي يسميها المجيدة وتدخل السلطات العمومية ما بين 79 و 81 للضرب من حديد في المدارس، لقد حول رجال السلطة المؤسسات التعليمية الى مخافر وزنازن للتعذيب والتنكيل بالمدرسين أمام التلاميذ والرأي العام. لقد كان الطرد بالجملة والتهمة يساري ونقابي. ومع ذلك، يعتبر (ب. ز) تلك الايام «مجيدة» ويتأسف لكون أوضاع المتقاعدين مازالت غير مشرفة، مطالبا بالتفات النقابات والوزارة الى هذه الوضعية لمن قضوا أزيد من 40 سنة خلف السبورات السوداء، ولا يجدون، في أرذل العمر، ما يكفيهم لحفظ كرامتهم... تتعدد الحكايات والنكت التي تطلق حول رجل التعليم بين المؤيدة له والحاطة من قيمة عمله، ومع ذلك يبقى رجل التعليم وامرأة التعليم هما ملح البلد الذي بدونه يبقى السؤال: من يصلح الملح إذا الملح فسد؟