نبيلة البوخاري (مقال منشور على جريدة الوطنية). “غياب الحقوق .. سوء المعامل وتشغيل القاصرات والأطفال” العمل… عندما نتحدث عن هذا الموضوع تتبادر إلى أذهاننا عبارة “لقمة العيش”، فالعمل وسيلة مهمة تساعد الفرد في الحصول على دخل يحافظ على حياة كريمة له و لعائلته، و من الأمور الأساسية التي يحتاجها لكسب قوت يومه، و لإعالة أسرته، و الذي يسعى من خلاله إلى تحسين وضعه الاجتماعي و الخروج من قوقعة الفقر ، لذلك يعد العمل ذا أهمية كبرى في حياة الإنسان ، و الذي يعزز من النمو الاقتصادي و يساهم في بناء المجتمع، و يمكن الفرد من بناء شخصية مستقلة … و للأسف واقع العمل في مجتمعنا يحز في النفوس، فالحظ قليلا ما يبتسم في وجه الفئات الفقيرة، فالكثير، بل الأغلب يعانون من أجل العثور على عمل ، و إن عثروا زادت معانتهم .. لذلك قررت في مقالي هذا أن أتحدث عن الجوانب المظلمة التي يعيشها عمال و عاملات المصانع و المعامل، لأن هذه الفئة هي اكثر فئة تعاني في صمت من انتهاك حقوقهم الأساسية كطبقة شغيلة .. فالمصانع و المعامل تسعى إلى الزيادة من أرباحها فقط، و هذا هو الهدف الرئيسي لكافة أنواع المشاريع الاستثمارية “الرأسمالية”، سواء كانت تجارية او صناعية أو غيرها ..لأن تحقيق زيادة الربح يعتبر أساسا لاستمرارية وجودها في سوق العمل، و من هذه النقطة بالذات نتبين أن المصانع أو المعامل ..لا تهمها مصلحة العامل أو المستخدم. وعموما يمكن أن نجمل حقوق العامل أخلاقيا وإنسانيا وحقوقيا فيما يلي: أن يكلف العامل بمهامه ضمن قدرته و طاقته، حيث لا يجب أن يرغم على القيام بأعمال أو نشاطات لا يستطيع تنفيذها، و كذا توفير مكان مناسب للعمل، و أن يحتوي على كافة شروط السلامة المهنية، بالإضافة إلى تقديم الرعاية الصحية للعمال أثناء فترة عملهم و مساعدتهم في الحصول على العلاجات المناسبة لهم في حال تعرضهم لإصابات أو أمراض تجعلهم غير قادرين على القيام بمهامهم … وتبقى هذه الحقوق البسيطة في ظاهرها وغيرها من الحقوق الأساسية الأخرى مجرد حبر على ورق، أضغاث أحلام، بالنسبة للعامل البسيط، تقول سليمة (اسم مستعار) وهي فتاة كانت تعمل بإحدى المصانع المتخصصة بخياطة السراويل (بمدينة جرسيف)، وبعيون يملؤها الحزن، تسترجع سليمة الأوقات العصيبة التي مرت بها أثناء عملها بهذا المصنع (كما تحب أن تسميه) وهي تحكي عن المعاناة التي يعيشها العمال انطلاقا من تجربتها هي و صديقاتها و ما شاهدته من أحداث أثناء عملها الذي جاوزت فترته 05 سنوات. كانت سليمة تستيقظ على الساعة الخامسة والنصف صباحا، تحضر أغراضها وتحتسي كأس شاي وتقضم بضع لقيمات مما “كتب الله”، وتخرج غالبا والحال ما يزال مظلما، وهو الحال الذي يستمر غالبية فصول السنة باستثناء بضع شهور الصيف، لتلتقي مع زميلاتها اللواتي ينتظرن الحافلة التي تقلهم إلى العمل، الذي يبتدئ تمام السابعة صباحا. تستفيد سليمة ورفيقات عملها من استراحتين في اليوم، الأولى خاصة بالفطور لا تتجاوز مدتها 20 دقيقة، والثانية خاصة بفترة الغذاء لا تتجاوز 45 دقيقة في أفضل الأحوال، على أن يكون التوقيت “المحدد” للمغادرة هو السادسة مساء، غير أنه في غالب الأحيان ما تستمر فترات العمل إلى أوقات متأخرة يمكن أن تصل في بعض الفترات إلى 20 ساعة في اليوم، “وهذه في الحقيقة خرق لحقوقنا ومعاناة تمتد فصولها إلى أسرنا وأهلنا، أمي كانت لا تنام إلى حين عودتي إلى المنزل، كما أنهم لا يقومون بتعويضنا على ساعات العمل الإضافية. مع العلم أن ساعات العمل القانونية لا يجب أن تتجاوز في أسوء الحالات 09 ساعات”. وقالت سليمة إنها تتمم 90 سروالا في الساعة، بكل إتقان، غير أن معاملة القائمين على العمل غالبا ما تكون قاسية، و هناك من يستخدم الألفاظ الساقطة والقبيحة (الشيفان كايهضرو معانا غير من السمطة لتحت)، هذه المعاملة السيئة تزيد من الضغط على العمال. وتحدثت أيضا عن عدد العاملات “القاصرات” المرتفع جدا، إضافة إلى وجد عاملات “طفلات” لا يتجاوز عمرهن 12 سنة، وعند مجيء اللجنة المكلفة بالمراقبة يتم تهريبهن عبر الأبواب الخلفية. أما بالنسبة للتسجيل والاستفادة من الضمان الاجتماعي ، فإن المستفيدين منه قليلون جدا ، وهم في الغالب العمال والعاملات القدامى و بتعبير أصح القليل من القدامى فقط. ولا يسلم العمال والعمال من الاستغلال السياسي، حيث أن أصحاب المعامل أو كما يسميها عامة الناس بالشركات في فترة الانتخابات تتغير معاملتهم مع العمال ويستعملون الوعود الكاذبة كالزيادة في الأجور و تقليل ساعات العمل و إقامة حفلات … وقد تصل في بعض الأحيان إلى التهديد بالطرد كما وقع في إحدى الشركات بمدينة جرسيف خلال الإنتخابات الأخيرة، للتأثير عليهم و إقناعهم (أو إجبارهم) للتصويت لصالح أحزابهم السياسية، كما أنه يتم أخد العمال والعاملات عبر وسائل نقل الشركات إلى مراكز التصويت كنوع من الإلزام بالتصويت لصالحهم.