صدر حديثا عن مركز الصحراء للأرشيف والبحث والتوثيق بأسا، ومؤسسة دار الأمان ومطبعة الأمنية بالرباط؛ للدكتور سعيد عدي كتاب بعنوان: "أسرة أحشوش الأساويين ووثائقهم" وهو جزء أول من "بيوتات ووثائق أساوية"، وهي سلسلة تاريخية تعنى بتقديم وتخريج الوثائق المحلية لمنطقة أسا بمختلف أنواعها؛ مخطوطة مرقونة مصورة، وشفاهية. يقع الكتاب في 246 صفحة من القطع المتوسط، ويتألف من 10 أقسام ضمت في مجملها 124 وثيقة محلية معظمها من خزانات أسرة أحشوش، فيما جزء يسير منها يخص خزانات محلية أخرى، وذلك من أجل إعطاء نظرة شمولية حول محتويات أرشيفات وخزائن الوثائق التاريخية لبعض لأسر العريقة بمنطقة أسا، وتتوزع هذه الوثائق ما بين الأوفاق القبلية، والمراسلات الشخصية، والضرائب، والهبات والتمليك والتحبيس والرهن والبيع والشراء، والنوازل الفقهية والزواج والطلاق.. وغيرها من الوثائق التي من شأنها تمكين الباحثين في التاريخ من الاطلاع بشكل موسع على مكامن قوة الوثيقة المحلية وحجيتها، من أجل كتابة تاريخية رصينة حول الصحراء المغربية في عمومها ومنطقة أسا على وجه التخصيص، ويأتي بعدما تعذر على فئات من جمهور الباحثين الوصول إلى تلك الوثائق واستنطاقها بشكل سليم، حسب المنجز العلمي الحالي في هذا الصدد على رأي الكاتب. بالموازاة مع تقديم الوثائق وتحقيقها؛ اهتم الكتاب بالنبش في تاريخ أسرة أحشوش التي تقلد أسلافها تدبير السلطة بمنطقة أسا منذ نهاية القرن الثامن عشر الميلادي مع الشيخ مبارك بن عبد الله، مرورا بالشيخ الحسين بن مبارك أواسط القرن التاسع عشر، وصولا بأخر شيوخ هذه الأسرة وهو عبد الجليل بن الحسين الذي تزامنت وفاته مع دخول أسا تحت الحماية الفرنسية سنة 1934م. يُبرِزُ الكتاب جوانب غميسة من تاريخ المقاومة الشعبية للاستعمار في بداياته الأولى، حيث شكل مجال أسا واحدا من آخر المجالات التي امتدت إليها يد الاستعمار بالمغرب، كما يكشف جوانب دفينة من تاريخ الحياة اليومية كالمعاملات بين قبائل أسا والجوار، وأساليب الحياة اليومية كالتغذية والتطبيب والتعليم العتيق، والصناعات اليدوية، ومختلف العادات والتقاليد الشعبية، وبذلك شكل الكتاب صورة مختزلة لأساليب تدبير العيش بالصحراء المغربية، في أزمنة الرخاء والشظف والنذرة، في أوضاع المغرب المعاصر المتراوحة بين السيادة المغربية والاستعمار الفرنسي. في تقديمه للكتاب علّق الأكاديمي المغربي الدكتور أحمد المكاوي على هذا الجزء قائلا: "(…) هو في تقديري لبنة أولية، لكنها مهمة جدا في كتابة تاريخ أسا. ضم هذا الكتاب، كمّا معتبرا من الوثائق المتنوعة، بلغت في المجموع مائة وأربعة وعشرين وثيقة (124) من تقاييد وعقود ورسائل وحوالات تحبيسية وغيرها، همت جل شؤون الحياة، عاكسة مشاغل الناس واهتماماتهم: زواج، طلاق، ميراث، قسمة، تمليك، صدقة، رهن، توكيل، بيع وشراء(…)، عارضة الكثير من تفاصيل الشأن اليومي: نزاعات، ديون، جباية، تحرير عبيد، حرف، مياه، سرقة(…) فضلا عن أمور مرتبطة بالحياة الدينية مثل الجهاد، الطرقية، ختم القرآن، القضاء(…) وباختصار جسدت هذه الوثائق مظهرا من مظاهر تدبير الخلافات والنزاعات وتنظيم أمور الناس أفرادا أم جماعات، دينيا ودنيويا!" ختم الباحث كتابه بملحق ضم صورا لبعض الوثائق والمدرجة في متن المؤلف، أرفقها صورا توضيحية لفن العمارة بمنطقة بأسا، وأخرى موثقة لأوضاع واحة أسا قديما وحديثا، مع ملحق خاص بأنواع الحلي المشار إليه في الوثائق، وبعض الأثاث المنزلي العتيق، وصورا لأسلاف أسرة أحشوش بمنطقة أسا. صورة الغلاف