أعلن المصطفى بنعلي، الأمين العام لجبهة القوى الديمقراطية، في حوار مع "الصحراء المغربية"، عن السعي لبناء حزب رقمي موازي للحزب الموجود في الواقع، ويجري استطلاعا للرأي داخل البيت الحزبي يهدف إلى رسم معالم مستقبل المغرب لما بعد كورنا، ومستقبل العمل الحزبي والسياسي. وقال "اخترنا لهذا التشاور شعار "اليوم نختار مستقبلنا" على اعتبار أن أزمة كورونا كسرت حدود الزمن والمكان". هل أثر الحجر الصحي ورمضان في برنامج عمل الحزب؟ لدي انطباع عام، حول تأثير جدلي، بين الحجر الصحي ورمضان، انظروا إلى عدد الأنشطة، التي تنظم هذه الأيام، حيث أعادت تدابير الاحتراز الصحي لرمضان زخم الأنشطة الفكرية التي افتقدها خلال السنوات الأخيرة. وفي نفس الوقت، لا يمكن أن ننكر أن حلول رمضان ساعد، على تمديد فترة الحجر الصحي، بشكل سلس، لتشابه أجوائهما. وبهذا المنطق الجدلي في التأثير والتأثر، لابد أن أوضح أن برنامج عمل الحزب وتنظيماته القطاعية والموازية ارتبك في البداية، حيث اضطررنا، كما سبق وأعلنا عن ذلك في حينه، إلى تأجيل عدد من الأنشطة الإشعاعية والتنظيمية، لكن سرعان ما تأقلمنا، مع هذا الوضع الجديد واستأنفنا عملنا، بوتيرة أسرع، ونحن اليوم، ننفذ برنامجا غنيا، يحقق التباعد الاجتماعي الذكي في رمضان. وعمليا باشر الحزب استثمار مؤهلاته الرقمية لتدبير عمله الحزبي كأفق حتمي للتوجهات الجديدة للحياة، وعقد اجتماعات قيادته السياسية عبر الوسائط الرقمية، كما نحن بصدد التحضير، لعقد دورة المجلس الوطني للحزب عبر التواصل عن بعد. هل لكم تصور للعمل لما بعد الحجر الصحي؟ تصورنا للعمل مستقبلا يرتكز على مقرر، صوت عليه المؤتمر الوطني الرابع في سنة 2012، يتعلق ببناء حزب رقمي موازي للحزب الموجود في الواقع، لذلك نحن ننظم اجتماعاتنا وأنشطتنا الاشعاعية عن بعد، وأعتقد أن جزءا مهما من هذا النشاط سيستمر بعد الحجر الصحي. إلى جانب ذلك أطلق الحزب منصة تفاعلية خاصة بالاستشارة الوطنية حول المغرب المأمول، بهدف رسم معالم مستقبل المغرب ما بعد كورنا، وضمنها مستقبل العمل الحزبي والسياسي. واخترنا لهذا التشاور شعار "اليوم نختار مستقبلنا" على اعتبار أن أزمة كورونا كسرت حدود الزمن والمكان، وحملت لنا المستقبل لنفكر فيه وفق نظرة أكثر واقعية. شخصيا لدي قناعة بأن المستقبل سيكون للأحزاب، التي تنتج الأفكار والنخب وقادرة على المساهمة في تأطير المجتمع، ولكن لدي تخوف من أن نخرج من الحجر الصحي، مباشرة للتحضير للانتخابات المقبلة فتعود حليمة لعادتها القديمة. ما هو السقف الزمني الذي تتوقعونه للحد من الآثار السلبية لانتشار فيروس كورونا المستجد على سوق الشغل؟ أزمة كورنا ليست صحية فقط، بل هي كذلك اقتصادية واجتماعية وسياسية، وأكثر الآثار خطورة هي تلك، التي ستكون بفعل انتشار البطالة. نعرف اليوم بأن ملايين البشر فقدوا وظائفهم حول العالم، وأنا أعتقد أن فيروس كورونا لن يؤثر في سوق العمل فقط، بل في العمل ذاته. ذلك أن العديد من الوظائف لن تبقى بعد كورونا، كما أن هناك أعمالا ستظهر لم يكن لها وجود من قبل. والخلاصة أن المستقبل يتهدد أصحاب المؤهلات المحدودة والمنعدمة، وعلى النموذج التنموي، الذي سيتبناه المغرب أن يولي هذه المسالة أولوية خاصة، فالشغل ليس وسيلة لكسب العيش وتوزيع الثروة فقط، بل هو تعبير عن الذات والهوية. هل تمارسون أنشطة سياسية أو غيرها خلال هذا الشهر المبارك؟ نعم، أنا أمارس التزاماتي الحزبية والسياسية، وإضافة إلى ذلك، نحن بصدد إنهاء كتاب حول مستقبل التنمية في مغرب ما بعد كورنا، وعدد من المقالات العلمية تهتم بالقانون البرلماني والقانون العام والقانون الدولي، فالحجر الصحي وفر مساحات زمنية كنا نخصصها لأمور أخرى. ومن الناحية الاجتماعية رسخت تدابير الاحتراز الصحي، الطابع النووي للأسرة المغربية، وهو توجه سيؤثر بدون شك، في مستقبل العلاقات العائلية والاجتماعية بشكل عام، وفي هذا الإطار يتعين علي أن أقوم بواجب ودور مواكبة الأسرة لتعلم أبناءها عن بعد. هل تسببت التدابير الاستعجالية للحد من انتشار الفيروس في تغيير أولويات عمل الحزب؟ على العكس، لقد عملت الخلاصات الأولية لأزمة كورونا على تعزيز أولوياتنا في حزب جبهة القوى الديمقراطية، ونعمل، منذ المؤتمر الوطني الخامس، على تحقيق نقلة نوعية في بناء مشروعنا النضالي، عبر بناء فكر سياسي إنساني، ومرجعية فكرية تتوجه للإنسان كإنسان، وتتحرر من الأيديولوجيات التي خلقت الشقاق عوض التعاون والوفاق. ونحن حين نتكلم على الإنسان كبؤرة اهتمام، فإنما نود أن نركز على القطاعات الاستراتيجية، مثل التعليم والصحة والبحث العلمي، التي تحظى بأولوياتنا، لأنها مدخل إعداد المغرب والمغاربة لاقتصاد المعرفة، وعالم الثروة اللامادية المنتجة للقيمة المضافة. وفيما يرتبط بأولويات العمل الحزبي، سنعمل على تعميق تجربتنا في التأطير وإنتاج الأفكار، من خلال بناء مهام جديدة، لأكاديمية الأطر الحزبية ومؤسسة الدراسات والأبحاث التهامي الخياري، والقطاعات الحزبية العاملة، في مجال المرأة والشباب والطلبة والطفولة، وكل المنتديات السوسيو مهنية، التي عمل الحزب منذ نشأته، على تنويعها. أقول هذا وأنا آخذ بعين الاعتبار بأنه، من السابق لأوانه التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور، في أعقاب هذه الجائحة، لقد دخلنا بالفعل عالم اللايقين، لكن مع ذلك، ستتجه الكثير من الجهود، لجعل الانسان، في صلب التنمية.