عاشت جماعتا سيدي رحال الشاطئ، وجماعة النخيلة، الواقعتان بتراب جهة البيضاء- سطات، خلال الأسبوع المنصرم، على إيقاع حادثي إطلاق رصاص من بندقيتي صيد ما يزال دويهما لم يهدأ بعد. ورغم أن الموسم الحالي هو موسم القنص، إلا أنه في الحادثين المذكورين، تحول استعمال سلاح الصيد إلى نقمة، فعوض قنص الطيور والحيوانات المسموح بها، تسبب في إزهاق أرواح بشرية، متسببا في مقتل 5 أشخاص، وإصابة 3 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة. ويطرح تنامي استعمال السلاح المرخص للصيد في غير الغرض المرخص له، وتحوله إلى أداة للقتل، عدة أسئلة ترتبط بشروط استعماله، والأوقات المرخصة له بذلك، إلى جانب كيفية حفظه وتأمينه داخل المنازل، بعيدا عن الأيادي العابثة، كما حدث في مجزرة سيدي رحال، التي سطا فيها قاصر على بندقية صيد والده، وشرع في إطلاق النار. وتعتبر السلطات المحلية الجهة الوحيدة المخول لها منح رخصة حيازة بندقية الصيد، وفق شروط تبدو صارمة لحماية الأغيار. وعلمت «الصحراء المغربية» من مصادر مطلعة أن السلطات ستعمل على تشديد عمليات التدقيق في هوية ونفسية وسلامة الشخص الراغب في الحصول على الرخصة من كل الشوائب التي قد تجعله يستعمل السلاح الخاص بالصيد لأغراض أخرى. وتأسف أيوب محفوظ، رئيس جمعية مازغان للقنص والتنمية بالجديدة، وعضو بالتنسيقية الوطنية لجمعيات القنص بالمغرب لوقوع مثل هذه الحوادث، مشددا على أن سلاح الصيد يجب أن يستعمل في المجال المخصص له وهو قنص الحيوانات والطيور، كنوع من الرياضة الترفيهية، والحرص أشد الحرص ألا يتحول إلى قنص للبشر، وقتل الأبرياء. وأوضح أيوب محفوظ، ل»الصحراء المغربية»، أن ظهير 1923، ينص في الفصل الثالث منه على أن من بين شروط الحصول على رخص القنص، تقديم بطاقة الجمعية، وشهادة التأمين، وأن يكون المعني حاصلا على شهادة نجاح في امتحان رخصة القنص، معتبرا أن الشرط الأخير غير مفعل على أرض الواقع. وذكر أنه للحصول على رخصة السلاح، يلزم طالبها تقديم شهادة شراء السلاح ضمن الملف المطلوب، إلى المقاطعة التابع لها مقر سكناه، ثم يجري القيام ببحث من قبل السلطة، إلى جانب عناصر الشرطة بالنسبة للمناطق الحضرية، والدرك الملكي ضمن المجال القروي. وأبرز أن الملف يحال مرفقا بالبحث على رؤساء أقسام الشؤون الداخلية بالعمالات والأقاليم، الذين تبقى لهم السلطة التقديرية بناء على معطيات البحث في منح الرخصة أو رفض الطلب. ويحسب محفوظ، فإن وثائق الملف تتكون من شهادة العمل، وشهادة الدخل، و8 صور شمسية، ونسخة من صحيفة السوابق العدلية، ونسخة من البطاقة الوطنية، وشهادة شراء السلاح، وكذا شهادة تأمينه، وبطاقة الانخراط بجمعية للقنص. وذكر أن القناص كان يقدم سابقا ضمن الملف شهادة وعد بالبيع خاصة بسلاح الصيد، في حين أصبح الأمر حاليا يقتصر على تقدم شهادة خاصة باقتناء سلاح الصيد من قبل المعني بالأمر. أما بخصوص قيمة تأمين السلاح، قال رئيس الجمعية إنهم يؤدون 104.80 دراهم كواجب للتأمين، الذي يحمي القناص خلال يوم القنص فقط منذ طلوع الشمس إلى غروبها، ولا علاقة له بالأيام العادية. كما أنه لا يحمي، يضيف محفوظ، القناص لذاته في حال تعرضه لحادث ما خلال عملية القنص، وإنما يحمي القناص في حالة إصابته لشخص ما بالخطأ خلال الأيام المسموح بها لعمية القنص. وشدد على أن استعمال سلاح الصيد خارج فترة القنص يعرض صاحبه إلى ارتكاب مخالفة، بحيث لا يحق له استعمال السلاح مهما كان الأمر، وأن صاحب رخصة السلاح مسؤول على تأمين عملية حفظه في مكان آمن. كما أكد أن القطعة التي يتوفر عليها القناص مخصصة فقط للصيد، منبها الأشخاص الذين يدعون أنه يمكن استعمالها في الحراسة، وهو أمر مغلوط يعرض صاحبه للعقوبات المنصوص عليها في القانون. وتحدث أيوب محفوظ على أنه بمجرد شرائه سلاح الصيد، اقتنى خزانة حديدية كبيرة الحجم تزن 250 كلغ، خصيصا لحفظ سلاح الصيد فيها، وهي خزنة محكمة الإغلاق، بقفل إلى جانب كود سري لا يعرفه أحد سواه. ورغم وضع السلاح في الخزانة، يؤكد رئيس جمعية مازغان للقنص، أنه يقوم قبل وضع السلاح داخل الخزانة بتفكيكه من خلال إزالة حامل الرصاص، زيادة في الحرص على تأمينه. واعتبر أن الشخص المرخص باسمه السلاح مسؤول مسؤولية كاملة على تأمين حفظه، واستعماله، مؤكدا على عدم إعطاء الفرصة لأي أحد مهما كان لاستعمال السلاح أو الوصول إليه. ونبه إلى وجود تقصير واستهتار من قبل البعض، بحيث يعملون على حفظ بنادقهم تحت السرير أو تعليقها كزينة بصالونات منازلهم، غير آبهين بخطورة هذا الفعل. وعاد ليؤكد من جديد، أن المسؤولية الأولى والأخيرة تقع على عاتق القناص، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية تقوم بدورها كاملا، وتجري الأبحاث والتحريات اللازمة، وعندما تنتهي إلى توفر الشروط الكاملة لمنح الرخصة تقوم بذلك. لهذا، يقول أيوب محفوظ، يجب أن يكون الحاصل على الرخصة في مستوى المسؤولية، مشيرا إلى أن مصالح الشؤون العامة لا يمكنها تتبع كيفية استعمال السلاح، وطريقة حفظه داخل المنازل. كما أشار إلى مسؤولية جمعيات القنص في الجانب المرتبط بالتحسيس والتكوين والتوعية، علما أن القناصة يؤدون واجبا سنويا كانخراط فيها. وأكد، أيضا، على أهمية تأطير الجمعيات لجميع منخرطيها، وأنه بقيام كل جمعية بتأطير 10 قناصة سنويا، سنضمن وعيا وتحسيسا بكيفية استخدام السلاح وحفظه. كما دعا القناصة إلى مضاعفة حيطتهم وحذرهم بخصوص عملية حفظ السلاح واستعماله، حتى لا يتحول إلى نقمة عليهم، خصوصا وأن الدولة وضعت فيهم الثقة، ومنحتهم رخصة حمله. وأوضح أن المعنيين بالأمر يجب أن يكون جديرين بهذه الثقة، ويتحملوا المسؤولية كما يلزم، بتوفير جميع شروط السلامة والأمان. كما حث، أيضا، على تفكيك السلاح تفاديا لاستعماله من قبل شخص غريب في حالة وصل إليه لا قدر الله. وأضاف أن الرخصة تجدد سنويا، بتقديم الوثائق نفسها، مع الإعفاء من شهادة الدخل والعمل، وأن أثمان البنادق تتراوح ما بين 6 آلاف درهم إلى حدود 80 ألف درهم، حسب جودة ونوعية السلاح، مع التمييز بين القطع الخاصة بالرماية، والأخرى الخاصة بالقنص. يشار إلى أن حوالي 80 ألف قناص يمارسون القنص بالمغرب، وأزيد من 1215 جمعية تتوفر على مكرية للقنص.