اليابان: جهود المغرب في قضية الصحراء جادة وذات مصداقية    عيد الأضحى.. منحة تضامنية لفائدة أرامل ومتقاعدي الأمن    المغرب وفرنسا يوقعان على خطة عمل للتعاون التقني في القضاء    صفقة انتقال مبابي إلى ريال مدريد ستصبح رسمية أوائل الأسبوع المقبل    الشروع رسيما في تسويق منتوجات "الكيف" بصيدليات المغرب    جامعة بلجيكية تعلق تعاونها مع إسرائيل    ميارة يبحث مع سفير إسبانيا بالمغرب سبل الدفع قدما بالتعاون متعدد الأبعاد بين البلدين    المنتخب الوطني يعتلي صدارة طواف المغرب للدراجات    تدخّل رئيس الحكومة يقرّب "أزمة كليات الطب والصيدلة" من الانفراج    غياب طبيب الدماغ والأعصاب يثير احتجاجا بمستشفى تطوان    المغرب يسجل 47 إصابة جديدة ب"كوفيد"    مجلس الأمن يقرر سحب البعثة الأممية من العراق بحلول نهاية العام 2025    الدار البيضاء.. انطلاقة النسخة ال 18 لكأس محمد السادس الدولية للكراطي    جهة الرباط تتصدر إصابات "كورونا" الجديدة    نجم الأولمبي على ردار بنفيكا البرتغالي    اليابان تدعم جهود المغرب بملف الصحراء    حزب في تحالف الأحرار يطالب بحل مجلس جماعة تطوان    دفاع شقيق بودريقة يشكو "تزوير محاضر"    "التجاري وفا بنك" تطلق معرضا للفنون    استفزاز أم ابتزاز.. أكاديمي يفسر خلفيات "صورة نتنياهو المشينة"    نجم برشلونة السابق في قلب "فضيحة" فساد بسبب السوبر الإسباني    المعارضة تطالب لقجع بتفاصيل العائدات الضريبة    خبراء يناقشون فرص التمويل لتعزيز تنافسية قطاع تربية الأحياء البحرية بالمغرب    اتحاد طنجة يصارع الزمامرة من أجل البقاء والجيش يواجه بتطوان للاقتراب من اللقب    خطة الركراكي الجديدة لاستغلال القوة الضاربة للمنتخب الوطني    سبعة قتلى وعدد كبير من الجرحى وسط طاقم سفينة تورو روسو    الشروع في إصدار خرائط التنبؤ باندلاع الحرائق الغابوية    فرنسا تلغي مشاركة شركات سلاح إسرائيلية    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    تحفيضات جديدة تهم أسعار بيع أدوية الأمراض السرطانية والسكرية بالمغرب    توقعات بتجاوز 30 مليون مسافر في مطارات المغرب نهاية 2024    الحر الشديد يقتل 14 هنديا خلال يوم واحد في ولاية بيهار    دليل المترشحين للبكالوريا يؤطر إجراء الامتحانات ويتوعد "الغشاشين" بعقوبات صارمة    روسيا تنتقد البيت الأبيض بعد إدانة ترامب    افتتاح مهرجان الفيلم العربي في روتردام    وزير الخارجية الإسرائيلي يهدد بإغلاق القنصلية الإسبانية في القدس    الذهب يتجه لتحقيق المزيد من المكاسب للشهر الرابع على التوالي    وكالة التنمية الرقمية والمرصد الوطني لحقوق الطفل يوحدان جهودهما من أجل بيئة رقمية آمنة    البحرية الملكية تنقذ سفينة شحن بانمية منكوبة    الزيادة في ثمن الخبز رهينة بنتائج اجتماع أرباب المخابز مع القطاعات الحكومية : الحسين أزاز: الحكومة لم تلتزم ببنود الاتفاق مع المهنيين و«القطاع القصديري» يضر بمصالح الجميع    بورصة البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    توديع فوج حجاج إقليم تاوريرت المتوجهين إلى بيت الله الحرام    الأوروغوياني كافاني يعلن اعتزاله اللعب دوليا    تكريمات وجوائز في افتتاح الدورة الخامسة والعشرين للمهرجان الدولي للعود بتطوان    اِصدار جديد لعدنان الصائغ بعنوان "وَمَضَاتُ…كِ"    بشرى الضو تحذر محترفي التفاهة    في ذكرى رحيل القائد ع الرحمان : رجل الرهانات الكبرى    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    الإسلام: الأبعاد الأربعة    برنامج الدورة السابعة لمهرجان ابركان للسرد القصصي    الولايات المتحدة.. ثلاثة قتلى على الأقل، بينهم ضابط شرطة، إثر إطلاق نار جماعي في مينيابوليس    المجلس العلمي للفنيدق يكرم طحطح    4 فوائد صحية محتملة للقهوة "رغم أضرارها"    "العلم" تواكب عمل البعثة الطبية المغربية لتقريب خدماتها من الحجاج في مكة والمدينة    عامل المضيق الفنيدق يستقبل الحجاج المتوجهين للديار المقدسة    "ضبط أقل مدة الحمل بين حكم السر والإعلان بالزواج"    «الموسوم الوجيه بأعلام آل الشبيه» : كتاب يتتبع مسار العائلة والزاوية الإدريسية لثلاثة قرون    أول مغربية تقاضي أسترازينيكا تصف الحكم القضائي بالتعويض المالي بالمنصف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من‮ زمن‮ الفراعنة‮ إلى‮ اليوم‮.. ماذا‮ تغير؟
نشر في المساء يوم 23 - 03 - 2011

منذ‮ زمن‮ الفراعنة‮ وإلى‮ اليوم،‮ لم‮ تتغير‮ كثيرا‮ نظرة‮ الحكام‮ إلى‮ شعوبهم‮. فالفراعنة‮ اكتشفوا‮ مبكرا‮ مزايا‮ إشغال‮ الشعوب‮ المقهورة‮ وغسل‮ أدمغتها،‮ لذلك‮ بنوا‮ تلك‮ الأهرامات‮ العملاقة‮ على‮ حساب‮ عرق‮ ومعاناة‮ ملايين‮ الناس،‮ الذين‮ عوض‮ أن‮ يعيشوا‮ حياتهم‮ بكرامة،‮ فإنهم‮ ولدوا‮ وعاشوا‮ من‮ أجل‮ هدف‮ واحد،‮ وهو‮ أن‮ «‬يستمتع‮» حكامهم‮ في‮ مماتهم‮ بقبور‮ هائلة‮ ورهيبة،‮ كما‮ استمتعوا‮ في‮ حياتهم‮ بقصور‮ هائلة‮ ومهيبة‮. المهم‮ أن‮ الشعوب‮ تكون‮ في‮ خدمة‮ حكامها‮ في‮ الحياة‮ والممات‮.‬
الفراعنة‮ اكتشفوا‮ أيضا‮ مزايا‮ الإيمان،‮ لأن‮ الفرعون‮ كان‮ يؤمن‮ أيضا‮ بالحياة‮ الأخرى‮ بعد‮ الموت،‮ أي‮ أن‮ هناك‮ إلها‮ يحكم‮ الكون،‮ لكن‮ الغريب‮ أن‮ الفراعنة،‮ رغم‮ إيمانهم‮ هذا،‮ كانوا‮ يعتقدون‮ أنفسهم‮ آلهة،‮ لذلك‮ قال‮ فرعون‮ لشعبه‮ أنا‮ ربكم‮ الأعلى‮. هذا‮ ما‮ يحدث‮ اليوم‮ في‮ كثير‮ من‮ الأنظمة‮ الدكتاتورية‮.‬
الفراعنة‮ كانوا‮ يؤمنون‮ أيضا‮ بمزايا‮ الديمقراطية‮ المحدودة،‮ أي‮ ما‮ يسمى‮ اليوم‮ «‬الهامش‮ الديمقراطي‮». ففرعون،‮ عندما‮ أحس‮ بالتهديد‮ يأتيه‮ من‮ جانب‮ النبي‮ موسى،‮ قرر‮ استدعاءه‮ إلى‮ مناظرة‮ ديمقراطية‮ مفتوحة‮ أمام‮ الجميع،‮ واستقدم‮ فرعون‮ أتباعه‮ من‮ كبار‮ السحرة،‮ وتقرر‮ أن‮ تتم‮ اللعبة‮ مباشرة‮ أمام‮ الرأي‮ العام،‮ فألقى‮ السحرة‮ عصيهم‮ فإذا‮ هي‮ ثعابين‮ تسعى،‮ ثم‮ ألقى‮ نبي‮ الله‮ موسى‮ عصاه‮ فتحولت‮ إلى‮ حية‮ عملاقة‮ أكلت‮ كل‮ الثعابين‮ في‮ الساحة‮. لكن‮ المشكلة‮ أن‮ اللعبة‮ الديمقراطية‮ انتهت‮ هنا،‮ أي‮ عندما‮ اكتشف‮ سحرة‮ فرعون‮ أنهم‮ على‮ باطل‮ وأن‮ الحق‮ إلى‮ جانب‮ النبي‮ موسى،‮ فآمنوا‮ بدعوته،‮ فانتفض‮ فرعون‮ متسائلا‮ «‬آمنتم‮ به‮ قبل‮ أن‮ آذن‮ لكم‮». هذا‮ ما‮ يحدث‮ اليوم‮ مع‮ الديمقراطيات‮ التي‮ تمنحها‮ الأنظمة‮ الدكتاتورية‮ لشعوبها،‮ إنها‮ ديمقراطية‮ على‮ المقاس‮ تفترض‮ فوز‮ الحاكم‮ فقط‮. ففي‮ الجزائر،‮ عندما‮ جرت‮ انتخابات‮ نزيهة‮ أوائل‮ التسعينيات‮ وفازت‮ بها‮ المعارضة،‮ انتفض‮ الجيش‮ وألغى‮ الديمقراطية،‮ تماما‮ كما‮ فعل‮ فرعون‮. وفي‮ بلدان‮ عربية‮ كثيرة،‮ هناك‮ شرط‮ واحد‮ للديمقراطية‮ الممنوحة،‮ وهو‮ أن‮ تنتصر‮ الأنظمة‮ وأن‮ تلعب‮ المعارضة‮ في‮ الهامش‮.‬
إضافة‮ إلى‮ كل‮ هذا،‮ فإن‮ الأنظمة‮ الدكتاتورية‮ تعامل‮ شعوبها‮ بطرق‮ مختلفة‮. إنها‮ لا‮ ترى‮ فيها‮ أكثر‮ من‮ أبقار‮ قابلة‮ للحلب‮ وأنعام‮ قابلة‮ للركوب،‮ وفي‮ أحسن‮ الأحوال‮ أطفالا‮ يحتاجون‮ إلى‮ وضع‮ مصاصة‮ في‮ أفواههم‮ لكي‮ يصمتوا،‮ أو‮ سرد‮ حكاية‮ مسلية‮ لهم‮ لكي‮ يناموا‮.‬
الشعب،‮ في‮ نظر‮ نظام‮ دكتاتوري،‮ هو‮ مجرد‮ طفل‮ رضيع‮ يضع‮ له‮ النظام‮ مصاصة‮ في‮ فمه‮ لإسكاته‮. وعوض‮ إطعامه‮ والعناية‮ به،‮ فإن‮ النظام‮ يهتم‮ أكثر‮ بالصمت،‮ ولا‮ يهم‮ إن‮ مات‮ الطفل‮ جوعا‮ أو‮ عانى‮ من‮ تشوهات‮ خلقية‮ ونفسية‮ بسبب‮ الجوع‮ وفقدان‮ الرعاية‮. وفي‮ كل‮ الأحوال،‮ فإن‮ الطفل‮ يعتبر‮ سيد‮ مصيره،‮ إن‮ قبل‮ المصاصة‮ الفارغة‮ وصمت‮ فسيؤدي‮ الثمن،‮ وإن‮ بصقها‮ وصرخ‮ فسيتم‮ إطعامه‮ والعناية‮ به‮.‬
كل‮ نظام‮ شمولي‮ يعامل‮ الشعب‮ أيضا‮ على‮ أنه‮ مجرد‮ طفلة‮ رومانسية‮ حالمة‮ تريد‮ الاستماع‮ إلى‮ حكاية‮ مسلية‮ من‮ أجل‮ النوم،‮ لذلك‮ تسمع‮ الشعوب‮ الكثير‮ من‮ الحكايات‮ الفارغة‮ والوعود‮ الكاذبة‮ ثم‮ تنام‮.. لكنها‮ تستيقظ‮ بالتأكيد‮.
الشعب‮ يشبه‮ أيضا‮ زوجة‮ يمارس‮ عليها‮ زوجها‮-‬حاكمها‮ كل‮ أنواع‮ التسلط‮ والتنكيل‮. إن‮ ثارت‮ وغضبت‮ فإنه‮ يحترمها‮ أو‮ يطلقها،‮ وإن‮ سكتت‮ يجعلها‮ مجرد‮ خادمة‮ ويعنفها‮ ويضربها‮ ويخونها‮ أمام‮ عينيها‮. هكذا‮ تجعل‮ الأنظمة‮ الفاسدة‮ من‮ شعوبها‮ مجرد‮ خدم‮ وتخونهم‮ أمام‮ عيونهم‮.‬
النظام‮ الدكتاتوري‮ يعامل‮ الشعب‮ كما‮ لو‮ أنه‮ بقرة‮.. يحلبها‮ صباح‮ مساء،‮ وبعد‮ أن‮ ينتهي‮ حليبها‮ الغزير‮ يذبحها‮ ويأكل‮ لحمها‮. البقرة‮ هنا‮ أمام‮ اختيارين،‮ إما‮ أن‮ تنتفض‮ وتنطح‮ من‮ يحلبها‮ أكثر‮ من‮ اللازم‮ وإما‮ تقبل‮ بما‮ يجري‮.‬
الشعب‮ يشبه‮ أيضا‮ حصانا‮ جامحا‮ ومنطلقا،‮ والنظام‮ الدكتاتوري‮ يتكفل‮ بترويضه‮ وتدجينه‮ وجعله‮ قابلا‮ للركوب‮. يمكن‮ للحصان‮ أن‮ يظل‮ جامحا‮ ويرفض‮ التدجين،‮ وبذلك‮ سيظل‮ محافظا‮ على‮ شموخه‮ وكرامته‮ وعزته‮. وفي‮ حال‮ العكس،‮ أي‮ عندما‮ يقبل‮ التدجين‮ ويجعل‮ ظهره‮ مباحا‮ لكي‮ يركبه‮ كل‮ من‮ هب‮ ودب،‮ فإنه‮ يتحول‮ من‮ حصان‮ جامح‮ إلى‮ حمار‮. لكن‮ الشعب‮ لا‮ يتحول‮ أبدا‮ إلى‮ حمار‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.