لم يجلس الفتى اليافع ابراهيم بن تاشفين على كرسي حكم المرابطين إلا سنتين (539ه 541ه)، فقد كان قدره أن يعيش خريف الحكم وهو في سن المراهقة يأتمر بأوامر حاشيته. حين توفي تاشفين بن علي بن يوسف بن تاشفين دار سجال كبير حول الخلافة، فالسلطان الراحل قضى في معركة ضد الموحدين، وعاش سنواته الأخيرة في حروب متصلة ضدهم بعد أن أصبحوا قوة كاسحة استولت على معظم مناطق البلاد، وقد حاول تاشفين عبثًا استدراك ما فات أباه من تقصير في مواجهة الموحدين ولكنه ورث تركة ثقيلة، لم يستطع حملها رغم بطولته وشجاعته وثباته في القتال حتى آخر لحظة في حياته، ولم يبق للمرابطين سوى عاصمتهم مراكش وبعض المدن الصغيرة. عمت القصر أجواء القلق بعد مصرع تاشفين وحاول المقربون من السلطة إخفاء الوفاة لكن الخبر تجاوز أسوار القصر، لذا لم يكن أمام الحاشية والمقربين سوى تعيين ابنه إبراهيم الذي لم يكن سنه يتجاوز ال 14 سنة. إلا أن هذا التعيين زاد الأمور تعقيدا بعد أن رفض عمه الأمير إسحاق هذه الولاية، وانقسم المرابطون فيما بينهم، واقتتلوا داخل مراكش في وقت كان فيه الموحدون على أبواب المدينة. تقول الروايات المتقاربة إنه «لم يكن لإبراهيم شيء من الأمر لأنه كان صغيرا، لا يعرف سر الاقتتال حول السلطة ولا يعرف انتظارات الناس منه، وظل الموحدون محاصرين لمراكش عدة شهور، وفي 18 شوال سنة 541هجرية دخل الموحدون مراكش عاصمة المرابطين وقتلوا أهلها جميعا في مذبحة مروعة كانت سمة عامة وغالبة في الموحدين». كان من الصعب على إبراهيم وقف الاقتتال، فما أن بويع إبراهيم بن تاشفين، وكان صغيرا لا يلوي على شيء، حتى وجد نفسه على رأس دولة المرابطين في نزعها الأخير، وكان عليه مواجهة الموحدين كقوة ظهرت على الساحة السياسية داخليا إضافة للخطر النصراني الذي استفحل في الأندلس، ومهدد أيضا بضياع هذه الربوع وانتهاء دولة المرابطين، لاسيما في ظل ظرفية خانقة استولت فيها جيوش الموحدين على مدينة فاس، وبسطت سلطانها على معظم المغرب ما عدا مراكش، فكانت الدولة المرابطية تنتظر مصيرها مع بيعة السلطان المراهق. رغم أن الأمير إبراهيم قد زج به نحو كرسي الرئاسة، إلا أن الجيش الموحدي حين اقتحم أسوار مراكش حرص على قتل آخر سلاطين دولة المرابطين والتنكيل به، بل إنه أول من راح في هذه المذبحة وهو فتى في السادسة عشر من عمره. عمت المدينة حالة من الفوضى وارتفع عدد الضحايا، وقتل كل من انتمى لقبيلة «لمتونة» التي كانت أساس دولة المرابطين، وسقطت هذه الدولة العظيمة في واحدة من أشد المحن التي تعرضت لها الدولة التي كسبت أكبر المعارك. وتذكر كتب التاريخ أن الأمير إسحاق عم السلطان إبراهيم بن تاشفين قد حاول التفاوض مع الموحدين ضد إبراهيم لكن محاولته ذهبت أدراج الريح لأن الحرب كانت قبلية حيث رفض الموحدون التفاوض مع اللمتونيين، وتقول رواية أخرى إنه فر إلى إمارة إشبيلية.