للمرة الثالثة، «يسقط» مشروع تصميم تهيئة مدينة فاس، ما سيديم مرحلة «الاستثناء» في التعمير، والتي استمرت في العاصمة والنواحي منذ سنة 2008، وهي السنة التي انتهى فيها العمل رسميا بالتصميم القديم. وقالت المصادر إن «عيوبا في الشكل» كانت السبب في سقوط هذا المشروع للمرة الثالثة، بعد أن أسقطته في وقت سابق قضية «حرب الحدود» بين المجلس الجماعي لفاس، وبين جماعة أولاد الطيب المجاورة. وقالت المصادر إن المشروع الذي تمت مراجعته من قبل أطر الوكالة الحضرية لفاس، أعيد إرساله، وفق الإجراءات، إلى المصالح المركزية لوزارة التعمير. ويفترض أن تحيله هذه الوزارة على الأمانة العامة، للتأشير عليه، قبل اعتماده رسميا، لكن المشروع لم يجتز كل هذه المساطر داخل الآجال القانونية المحددة، والتي لا ينبغي أن تتجاوز السنة، ما يعني ضرورة إعادته من جديد إلى مرحلته الأولى، والتي سبق لها أن أثارت ضجة في المدينة، حد أن حزب العدالة والتنمية، ومعه ما يقرب من 40 جمعية، منذ حوالي 3 سنوات، قد هدد بالنزول إلى الشارع لإسقاط المشروع. وقد سبق للعمدة الحالي، إدريس الأزمي، أن أثار موضوع التهيئة العمرانية للمدينة، وقال إن المجلس الجماعي يسعى إلى تأهيل الأحياء ناقصة التجهيز، وتحقيق توازن بين العرض السكني وبين المرافق الحيوية التي ينتظرها المواطنون، مع استحضار البعد الجمالي وما أسماه ب«التعمير الذكي»، عوض «البعد السكني الجاف»، إلى جانب توسيع وتهيئة مداخل المدينة لجعلها جذابة، واقتناء العقارات من أجل إنشاء مساحات خضراء لفائدة السكان. وظل حزب العدالة والتنمية، في زمن المعارضة، يعيب على مشروع تصميم تهيئة المدينة اعتماد مقاربة لشرعنة جملة من التراخيص التي منحت سابقا في إطار ما يعرف ب»الاستثناء»، كما انتقد إجهاز المشروع على ما تبقى من المناطق الخضراء بالمدينة، وقضائه على التعاونيات الفلاحية، وتحويل المتنفسات في وسط العاصمة العلمية، وضواحيها إلى بنايات إسمنتية. وذهبت الجمعيات المعارضة إلى أن المشروع يقر الترخيص بالبناء في مناطق من المفترض أن يمنع فيها، واعتبرت أن هذه التراخيص يمكن أن تؤدي لاحقا إلى كوارث إنسانية بسبب انهيارات محتملة. ودافعت هذه الجمعيات عن مشروع تهيئة يؤَمن التوازنات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمدينة، عبر تحقيق التناسق العمراني، وتوظيف المجال في خدمة السكان، وتوفير ما لا يقل عن 2000 هكتار من المساحات الخضراء داخل المدينة لا خارجها، وإحداث أحياء صناعية، ومرافق اجتماعية، وفضاء طرقي يتلاءم مع مستجدات التعمير، وبرمجة إحداث محطات طرقية ومحطات لوقوف السيارات، وغيرها من المحطات والمسارات المساعدة على تأهيل وتعزيز النقل الحضري، لكن المراجعات التي أدخلت على المشروع في صيغته الثانية لم تأخذ بجوهر هذه الملاحظات، ما سيعني أن حزب العدالة والتنمية سيواجه امتحانا صعبا في إعداد المشروع، إذ سيكون مطالبا بتكريس ملاحظات، في الشكل والجوهر، تضمنها المشروع، كانت قد أثارت حفيظته، حد أنه هدد بالنزول إلى الشارع من أجل إسقاط التصميم.